الحريري يفتش عن ابرة في كومة قش رضوان الذيب
تسأل مراجع سياسية الرئيس سعد الحريري بالقول «كيف تريد انتخابات رئاسية وترفض محاورة العماد ميشال عون القطب المسيحي الاساسي وصاحب اكبر كتلة نيابية؟ وكيف تريد الوصول الى انتخابات في ظل هجوم متواصل على حزب الله واتهامه بشتى النعوت وعدم الاصغاء لنصائح حلفاء بالتخفيف من هذه الهجمات، والتوقف عن ارسال رسائل عبر الاعلام لا تقدم أو تؤخر؟ خصوصاً أن سعد الحريري وغيره يدرك ان مفتاح الرئاسة في حارة حريك اليوم وغداً وبعد غد، وليس عند اي شخص آخر، حتى انه ليس في سوريا وايران وروسيا وفرنسا وواشنطن والرياض والمجتمع الدولي يعرف ذلك، بانه لا يمكن تجاوز حزب الله في هذا الملف ولو «اطبقت السماء على الارض» حتى ان الاستحقاق لا تقرره اقلية واكثرية ولا تعداد النواب بل الاستحقاق الرئاسي هو ثمرة جهد داخلي محكم بسقف التطورات الاقليمية والدولية.
وتضيف المراجع «حق التعطيل امر شرعي وأقره الدستور فالرئيس بشارة الخوري جاء بقوة الاستقلال ولم يغادر الا بثورة بيضاء جاءت بفتى العروبة الاغر كميل شمعون الذي لم يغادر الا بثورة 1958 التي جاءت بالرئيس فؤاد شهاب بقوة الناصرية». وغادر وتم المجيء بالرئيس شارل حلو استكمالاً لمرحلة الناصرية وغادر بهدوء وانتخب المرحوم سليمان فرنجية بقوة روسيا، وغادر بعد حرب اهلية ودخول سوري جاء بالياس سركيس، ثم جاء الرئيس بشير الجميل وبعده امين الجميل بقوة النفوذ الاميركي الغربي، وغادر الرئيس الجميل ولم يتم انتخاب رئيس الا بعد دخول سوري للمناطق اللبنانية جاء بالياس الهراوي بقوة الرئيس الراحل حافظ الاسد وبعده اميل لحود بنفس القوة وتم التمديد له. وحصل ما حصل حتى احداث وتطورات ادت الى المجيء بالرئيس ميشال سليمان.
وتؤكد المراجع «هذا هو الواقع الرئاسي في لبنان وليس جديداً، لكن الملف الرئاسي محكوم حالياً بتطورات لم تشهدها المنطقة العربية منذ 400 سنة واكثر بالاضافة الى وجود قوة محلية عظمى تتمثل بحزب الله وتوازي بقوتها اي لاعب اقليمي ودولي وباستطاعة حزب الله القول للجميع حتى للحلفاء «هنا مسموح وهنا غير مسموح» ولا تستطيع اي قوة تجاهل هذا الواقع، فكيف باستطاعة الحريري تجاهل هذه المعادلة وادارة الظهر، وهل يعتقد الحريري ان الرئيس نبيه بري او حتى جنبلاط يوافقان على رئيس بصيغة «غالب ومغلوب» في ظل ظرف اقليمي استثنائي يطيح بدول كبيرة، فكيف بدول صغيرة ولاعبين محليين».
وحسب المراجع لن يكون هناك رئيس معاد للمقاومة وتوجهاتها او رئيس كيفما كان، ومنذ الاستقلال كانت موازين القوى المحلية والدولية تتحكم باسم الرئيس والجميع يعرف تفاصيل ما حصل عامي 1976 و1982 وكيف جاء الرؤساء، وبالتالي التوازنات الحاصلة في سوريا ستتحكم بهذا الاستحقاق، شاء البعض ام ابى.
وتؤكد المراجع: اذا كان الحريري جاداً بانتخاب رئيس فهو يعرف «رأس الخيط» جيداً، وقادر على فتح الحوار وايصال الرسائل الا اذا كانت السعودية ترفض ذلك، وهنا المشكلة الاساسية، واذا بقي الحريري يتجاهل هذا الأمر فعبثاً الوصول الى حلول، كما ان على الحريري فتح الابواب مع الرابية اذا كان ايضاً جاداً بالوصول الى الرئاسة.
وحسب المراجع، العالم اليوم في جيب نصرالله بفعل التحولات السورية، واذا كان الحريري يعتقد انه بالامكان وضع «فيتو» على مرشح حزب الله، فبالمقابل فان حزب الله يستطيع وضع «فيتو» على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة وحتى على الرئيس فؤاد السنيورة في ظل توجهات في 8 آذار تدعو الى ان تكون «الشراكة» السعودية في القرار اللبناني ليست بحجم الحريري بعد اليوم وفؤاد السنيورة أو أي شخص استفزازي، لـ8 آذار، ومن قال ان سعد الحريري لا يراهن على التطورات الاقليمية في اليمن وسوريا، ووجه رسالة الى 8 آذار منذ عدة اشهر دعاها للقبول بشروطه عبر قوله «عاصفة الحزم يا حبيبي قادمة».. وبالتالي من حق قوى 8 آذار ان تراهن على التطورات في سوريا والتقدم الميداني لتحقيق مكاسب رئاسية وسياسية في لبنان، وهذه من لعبة المصالح والمعادلات السياسية وهي مشروعة، وأي توجه متوقف على الحريري وسياساته الحالية، واذا فتح «الخيوط» وابواب الحوار سيلاقي الآذان الصاغية لان حزب الله الذي انتصر عام 2000 اهدى انتصاره لكل لبنان. وهذا ما فعله عام 2006 وهو ما زال يؤكد على ضرورة بناء الدولة القوية القادرة والعادلة بمشاركة الجميع ودون اقصاء لأي طرف.
وكذلك تجدد المراجع التأكيد ان مدخل الحلول اذا كان يريد سعد الحريري ذلك هو بطرق أبواب حارة حريك مباشرة وكذلك الرابية، وفتح حوار صريح وواقعي وموضوعي للوصول الى انتخابات رئاسية، ومن دون ذلك فان حركته مجرد «فولكور» لن يقدم ولن يؤخر.
وتقول المراجع، ان الذي يسعى لانتخاب رئيس لا يعمل على تأجيج الشارع طائفيا ومذهبيا، وحكمة السيد حسن نصر الله بتجاهل هجمات الحريري فوتت على البلد، جولة من التشنجات الطائفية والمذهبية يمكن ان يكون بحاجة اليها الحريري لاعادة شد عصب جمهوره، وهذا يفرض كما ابلغ الحريري قيادات سياسية وكوادر المستقبل عدم اجراء الانتخابات البلدية منعاً للانقسامات في المناطق السنية. وعدم زيادة الشرخ في ظل «المعارك القاسية» في بيروت وطرابلس وصيدا داعيا قيادات المستقبل الى التركيز على الاستحقاق الرئاسي وتختتم المراجع بالقول «الحريري يعرف ان الوصول الى الرئاسة مدخله حارة حريك والرابية وبدون ذلك فهو كمن يفتش عن ابرة في كومة قش».
(الديار)