هل يتدخل «داعش» في مارع بطلب تركي؟ علاء حلبي
أدى تمدد القوات السورية الكردية في ريف حلب المفتوح على تركيا، والسيطرة على عدد كبير من القرى خلال فترة وجيزة، أبرزها تل رفعت والشيخ عيسى، رغم القصف التركي المدفعي واستمرار تدفق المسلحين من الداخل التركي نحو مناطق الاشتباك، الى تعزيز تقدم الجيش السوري لتأمين المناطق الممتدة من مدينة حلب وصولاً إلى قريتي نبّل والزهراء، بالإضافة إلى تقدمه المتواصل في ريف اللاذقية.
خريطة السيطرة في الريف الشمالي بعد العمليات الأخيرة باتت مقسومة بين الجيش السوري والأكراد من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في حين انحصر وجود الفصائل، المدعومة تركياً، في إعزاز وبعض القرى الحدودية، وسط انهيارات متتالية وانسحابات من مواقع الاشتباك، ما أدى إلى اقتراب المقاتلين الأكراد إلى تخوم مدينة مارع، وذلك بعد سيطرتهم على قرية الشيخ عيسى، لتبقى مسألة السيطرة عليها «مسألة وقت» وفق تأكيد مصدر ميداني كردي.
المصدر الميداني، الذي تحدث إلى «السفير» من مدينة عفرين شمال حلب، أكد أن «التقدم السريع لجيش الثوار (الاسم المعتمد للأكراد والفصائل التي تواليها في ريف حلب الشمالي) سببه بكل تأكيد الغطاء الجوي الروسي الفعال»، موضحاً أن «الطائرات الحربية الروسية لا تكاد تفارق سماء المنطقة، الأمر الذي يمهد الطريق لتقدم قوات المشاة بشكل سريع»، في حين عجزت تركيا عن تقديم يد العون لمسلحيها، واقتصر نشاطها على الدعم المدفعي «الذي لا فائدة عسكرية حقيقية منه، ودفع المسلحين للانتحار على جبهات القتال».
وعلى الرغم من التقدم السريع للأكراد، أشار المصدر إلى أن المسلحين ينسحبون نحو الحدود التركية، ويحصنون مواقعهم الدفاعية، ما قد يجعل عمليات التقدم والسيطرة تسير ببطء خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى أن السيطرة الأخيرة وضعت القوات الكردية بتماس مباشر مع «داعش» في محاور عدة، آخرها مارع التي يحاصرها التنظيم من الجهة الشمالية الشرقية ويعمل الأكراد على اختراقها «ما قد يفتح الباب على معارك جانبية مع داعش»، يرى المصدر الكردي أنها قد تحصل بـ «طلب تركي».
بدورها، تقدمت قوات الجيش السوري وسيطرت على بلدة احرص ومسقان جنوب شرق تل رفعت، لتصبح على تماس مباشر مع مسلحي «داعش»، كما تتابع عملياتها على محور حريتان ـ عندان ـ بيانون نحو مدينة حلب. وفي هذا السياق، أشار مصدر عسكري سوري إلى أن المعارك على هذه الجبهة «ليست سهلة»، موضحاً أن «المسلحين بعد تسلم جبهة النصرة قيادة عملياتهم وإفشالهم المصالحة في هذه القرى يسعون بكل قوتهم للدفاع عنها، إلا أن مسألة سيطرة الجيش عليها مسألة وقت ليس إلا».
وترى مصادر ميدانية عسكرية سورية ـ كردية أن أنقرة لن تسلم بهذا الانهيار ببساطة، ما يعني أن معارك الربع الأخير من الريف ستكون «معقدة»، خصوصاً مع استمرار إدخال المسلحين من تركيا نحو سوريا، وتزويدهم بأسلحة وصفها مصدر معارض بأنها «نوعية». رغم ذلك، تؤكد المصادر أن وصول المعارك إلى هذه المنطقة والتوغل شمالا يعنيان وفق المفهوم العسكري «إنهاء فكرة المنطقة الآمنة» بشكل كامل.
وفي مدينة حلب، وقعت اشتباكات عنيفة بين المسلحين الأكراد والفصائل المسلحة في محيط حي الشيخ مقصود الذي يسيطر عليه الأكراد، وقع خلالها عدد من المسلحين الأكراد في أسر الفصائل المسلحة، فيما وصفه مصدر كردي بأنه «ارتداد لمعارك الريف على المدينة». كما وقعت اشتباكات عنيفة على محور الراشدين غرب حلب، من دون أن تؤدي هذه المعارك إلى تغيير لخريطة السيطرة داخل أحياء المدينة.
وفي سياق متصل، واصلت قوات الجيش السوري تقدمها في ريف حلب الشرقي، حيث وصلت إلى المحطة الحرارية التي يعمل الجيش على استرجاعها من «داعش». وقال مصدر ميداني أن مسلحي التنظيم، الذين يسيطرون على المحطة منذ نحو عامين، بدأوا بالانسحاب من منطقة المحطة الحرارية التي يحاصرها الجيش السوري من جهتين، حيث ينتظر الإعلان الرسمي عن السيطرة عليها خلال الساعات المقبلة.
وفي ريف اللاذقية الشمالي، تابعت قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازرها تقدمها نحو كنسبا، المعقل الأخير للمسلحين في الريف الشمالي وبوابة ريف اللاذقية على ريف إدلب، حيث سيطرت بشكل كامل على سلسلة جبال الروس، كما وسعت سيطرتها على تخوم البلدة الشرقية بعد قلعة شلف ما يمهد الطريق لدخول البلدة الواقعة في أقصى الشمال الشرقي للاذقية. وفي حال سيطر الجيش السوري على كنسبا، يصبح ريف اللاذقية الشمالي خاليا تقريباً من المسلحين، باستثناء بعض الجيوب، كما تصبح الطريق مفتوحة نحو مدينة جسر الشغور في ريف إدلب.
(السفير)