مقالات مختارة

تدخل بري تركي ـ سعودي في سورية حميدي العبدالله

 

لم يستبعد وزير خارجية تركيا، في أحدث تصريح له، أن يكون هناك تدخل بري مشترك سعودي تركي. ومن غير المستبعد أن تغضّ الولايات المتحدة النظر عن مثل هذا التورّط، رغم إدراكها لتبعاته والمخاطر التي قد تنجم عنه وتطال حلفاء أساسيين لها في المنطقة، كون تركيا والسعودية هما أهمّ ركيزتين تعتمد عليهما الولايات المتحدة للحفاظ على مصالحها ونفوذها في المنطقة.

وقد تغضّ واشنطن النظر عن تورّط سعودي تركي انطلاقاً من حسابات مفادها إذا نجحت أنقرة والرياض في خلق واقع ميداني جديد في سورية، وتحديداً في محافظة حلب، فإنّ ذلك يعود بالنفع على الولايات المتحدة، مثلما يعود بالنفع على السعودية وتركيا، وإذا فشلتا فإنّ ذلك يجعلهما أكثر انقياداً وأسرع رضوخاً للإملاءات الأميركية.

لكن السؤال المطروح هو إذا ما حصل مثل هذا التورّط، فهل سيكون من السهل الخروج منه؟

لا شك أنّ غزو بري سعودي تركي لا تجيزه الأمم المتحدة، سيواجه من قبل روسيا وإيران وسورية وحزب الله، إضافة إلى أكراد سورية، ومن شأن ذلك أن يفضي إلى نتائج غير محسوبة، والوضع في سورية يختلف عنه في اليمن، لأنه في اليمن كان التورّط السعودي يواجه الجيش اليمني وحركة أنصار الله، في حين أنّ التورّط السعودي التركي في سورية سوف يواجه الجيش السوري والأكراد، وروسيا وإيران اللتين تشاركان في الحرب على الإرهاب بقدرات جوية وبرية.

وإذا ما وجهت الطائرات الروسية ضربات للقوات الغازية، فهل تتدخل الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى جانب حلفائهما، وألا يعني ذلك اندلاع حرب عالمية جديدة بكلّ ما في الكلمة من معنى، وهل من مصلحة الدول الغربية الانزلاق إلى مثل هذه الحرب، التي تترتب عليها نتائج كارثية على الجميع؟

خيار الحرب العالمية ليس مجرد عملية تهويل، بل أشار إليه رئيس وزراء روسيا، وهو يعني ما قاله، لأنه من غير المنطقي أن تقرّر روسيا سحب طائراتها في حال حصول مثل هذا الغزو أو الانكفاء أمام تركيا والسعودية، أو الانكفاء أمام دول الناتو في ظلّ استعار الخلاف بين روسيا والغرب، كما أنه من غير المستبعد أن توقف إيران دعمها للجيش السوري ومن نتائج مثل هذه المغامرة اندلاع حرب إقليمية طويلة سوف تستمرّ سنوات طويلة، وتؤثر على الاستقرار في المنطقة، وقد تكون من تداعياتها تفكيك تركيا ذاتها وهو الأمر الذي أشار إليه بوضوح وزير خارجية تركيا الأسبق «يشار باكيش» الذي قال إنّ «تركيا قد تخاطر بفقدان جزء من أراضيها إذا ما قرّرت التدخل العسكري في سورية».

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى