هنا نُبُّل والزهراء… هنا حلب… هنا يصنع جنيف: محمد شادي توتونجي
… وكانوا يرونه بعيداً ونراه قريباً، وبعد أن ظنّ المرجفون أنّ حصونهم مانعتهم عن انتصارنا، وكانت أوهامهم بأن معركة الريف الشمالي ستكون مقبرة للجيش العربي السوري وحلفائه، وصلتهم رسائلنا بأن :
من دشم الصمود، من تحت الحصار، من أرض الشهداء، من مصنع الكرامة والإباء، من نُبُّل والزهراء فقط يُصنَع جنيف الحقيقي، وترسم خطوطه وحدوده، وتوجَّه البوصلة لكل الواهمين إلى دمشق 1، الذي رسمت على خطاه يالطا 2 وتغيّرت الخرائط العالمية من جديد، وصنع على دروبه عالم جديد متعدّد الأقطاب.
واليوم يتوجب على المرتلين أن يقرؤوا «أ ل م» هُزم العثمانيون والأعراب من نُبُّل والزهراء إلى الباب، ونحن نرتّل بعدهم، فإذا جاء نصر الله والفتح، وإن عدتم عدنا وجعلنا لكم أرضنا مقابر وسعيراً.
وعندها فليبارك وفد الرياض بفك حصار نُبُّل والزهراء بما أنهم يدّعون أنهم موجودون لأجل الشعب السوري كله، ويثبتون أنهم سوريون وسوريون فقط، وليطلبوا من سيدهم الجبير الذي أرسل أرهابييه إلى منطقة السيدة زينب، ليعطيهم أوراقاً من الدم للتفاوض فأسقطوا في أيديهم برسالة الانتصار من أرض الصمود في نُبُّل والزهراء، كما ستسقط عروشهم من الأستانة إلى نجد.
ووفد تركيا بهزيمة سيدهم العثماني الواهم بهزيمته وسقوط وهم العثمانيين الجدد في المنطقة العازلة، وإطلالة صباح تحرير حلب بالكامل، بعد أن تمّ فصل ريفها بدءاً من الشرقي إلى الجنوبي والغربي واليوم استكمل الجزء الأهم في الريف الشمالي، فبعد كل التهويل بالتدخل التركي أتت الرسالة الكبرى من نُبُّل والزهراء، بأننا جاهزون مع حلفائنا لأي حرب.
وأهمّ الرسائل لكل العالم، هي رسائل الصمود الذي دام لأكثر من ثلاث سنوات ونصف، صمودٌ في وجه كل إرهاب ما يسمّى «بالمجتمع الدولي» الذي أغلق عيونه عن أسوأ ما عاناه أهلنا في نُبُّل والزهراء من حصار غذائي ودوائي وإنساني، ومنعاً حتى لخروج الحالات الطبية الحرجة للكثير من أهالي نُبُّل الزهراء، وترك أطفالهم يموتون جوعاً، بحرمانهم حتى من حليب الأطفال والغذاء، فضلاً عن الآلاف من قذائف الحقد العثمانية والوهابية من هاون وجرات غاز وقذائف صاروخية التي أودت بحياة الكثير من نساء وأطفال وشيوخ وخلفت الكثير من الجرحى والمصابين بلا علاج نتيجة للشحّ والنقص الحاد في الأدوية، تحت مرأى ومسمع كل «المنظمات الإنسانية» التابعة للأمم المتحدة الصهيوأميركية.
وبالانتقال إلى الأهمية الاستراتيجية لفك الحصار عن نُبُّل والزهراء، فإنه يكمن بقطع اليد العثمانية عن الريف الشمالي لمدينة حلب التي تُعَدّ الهدف الاستراتيجي للحرب على سورية، والتي كان يحلم العثماني بضمّها لأراضيه وإعلانها ولاية تابعة له، بعد أن حشد لها كل أرهابيي العرق التركستاني والقوقازي وأشرف جيشه وأجهزته المخابراتية على العديد من المعارك في ريف حلب، وقدّم كل أنواع الدعم العسكري واللوجستي لإرهابييه هناك، بل حتى أن العثماني تدخل بجسده العسكري مباشرة في كثير من المعارك هناك، وقدّم لتلك الغاية أحدث أجهزة الاتصال والصواريخ الحرارية ومضادات الدبابات والدروع.
كذلك فإن استكمال الطوق الشمالي لريف حلب بعد قطعه من جهة الشرق، فإن الإرهابيين داخل مدينة حلب أصبحوا في حكم الساقطين نارياً ومحاصرين بشكل كامل وليس أمامهم إلا أن يسلموا أسلحتهم ويستسلموا، أو يفروا شمالاً بما عليهم من ملابس إلى خلف الحدود عند سيّدهم العثماني، أو أن يُدفنوا تحت تراب حلب.
وكذلك أيضاً، فإن قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه على حصار الإرهابيين في حلب يدركه الأميركي والعثماني بأن ورقة حلب قد سقطت تماماً من أيديهم، وأن الوقت وحده الفاصل عن إعلانها خالية من الإرهاب، وعندها سيشرق ربيع حلب على أخواتها في إدلب وحماه وريف اللاذقية.
وبهذا أيضاً تصبح معركة باتجاه الشرق إلى الرقة ودير الزور قاب قوسين أو أدنى من الإنجاز النهائي، بعد قطع كل شرايين التواصل بين الإرهابيين وداعميهم على الجغرافيا السورية.
في النهاية لا يسعنا إلا أن نبارك أولاً لأهلنا الصامدين في نُبُّل والزهراء واللجان المحلية المكلفة بحمايتهما، على هذا الصمود الأسطوري الذي كان السبب الأكبر لهذا النصر الأسطوري، ولكل الشعب السوري الصامد على أرضه، وأن نبارك للأسد وجيشه والإمام القائد وحرس ثورته وللسيد نصرالله ورجاله وللسيد الكعبي بنجبائه وللرئيس بوتين بطائراته.
(البناء)