بقلم غالب قنديل

في الطريق الى تحرير حلب

12687926 511645105708708 975305659972986095 n

غالب قنديل

الخطوة النوعية التي حققتها حرب التحرير الوطنية في سوريا يوم امس لها ابعاد ودلالات كثيرة، وهي تتخطى حدود فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء اللتين سجلتا صمودا اسطوريا طيلة ثلاث سنوات ونصف من الحصار والهجمات المدمرة التي شنها الارهاب التكفيري وظل الاهالي في هاتين البلدتين صامدين مصممين على المقاومة حتى النصر واثقين بأن الدولة الوطنية المقاومة في سوريا ملتزمة في حماية كل اهلها وابنائها بدون أي استثناء ، وهي قادمة اليهم مع قوات الجيش العربي السوري ومع المقاومين الابطال الذين يدافعون عن استقلال سوريا .

لا شك ان ما حصل يوم امس هو بمثابة تحول كبير ليس فقط بالنسبة لأهالي نبل والزهراء المحاصرين بل بالنسبة لمسيرة التحرير الوطني لسوريا وطرد وسحق العصابات الارهابية الجاثمة على صدور اهلها والمتناهشة على المغانم والمكاسب والتي ترتبط بالمشغلين الأجانب من دول استعمارية غربية وبالحكومات الرجعية الاقليمية التي تتقدمها كل من تركيا و السعودية وقطر، منذ بدء العدوان الاستعماري على سوريا وموضوع حلب المدينة والمحافظة يشكل عقدة مركزية في هذا العدوان تجندت لها بشكل مباشر الحكومة التركية الأخوانية المرتبطة بالحلف الاطلسي وجميع دول العدوان الاستعماري بدون استثناء ، فقد تدفق المال السعودي والقطري الى تركيا وتدفق الارهابيون من كل انحاء العاالم وأقيمت في تركيا غرف العمليات بقيادة رئيس الاركان الاميركي السابق ديفيد بترايوس وقدمت السلطات التركية كل التسهيلات من اجل اجتياح محافظة حلب واحتلال المدينة التي ظلت صامدة عاصية على العدون بأهلها الاوفياء الاحرار الذين سجلوا رقما قياسيا في تحمل التضحيات خلال هذا العدوان الذي شنته جحافل البربرية والتوحش بقيادة المخابرات التركية.

من المشهود تماما في فصول العدوان الاستعماري على سوريا ان معامل حلب نهبت وفككت ونقلت الى الاراضي التركية بإشراف المخابرات التركية بينما افلت اردوغان جميع شذاذ الافاق الذين استحضروا الى معسكرات التدريب على الأراضي التركية ثم شحنوا عبر خطوط محمية من الاستخبارات التركية الى داخل منطقة حلب، وبالتالي فان تقدم الجيش العربي السوري لفك الحصار عن نبل والزهراء وإغلاق الممرات الحدودية مع تركيا التي اعتمدت لنقل السلاح والمسلحين والأموال بإشراف المخابرات التركية التي يتواجد بعض ضباطها في انحاء سورية متعددة وبصورة خاصة في بعض أرياف حلب وفي محافظة ادلب حيث جبهة النصرة القاعدية وعصابة ما يسمى احرار الشام التي ترعاها المخابرات التركية.

هذا التحول الذي حصل بفك الحصار عن نبل والزهراء، هو نتيجة لمجموعة من العوامل، ابرزها صمود الاهالي والمقاومين داخل البلديتن ومنها ايضا التحول النوعي الحاسم الذي يعصف بالعصابات الارهابية منذ بدء الحملة الجوية الروسية التي اخلت بمعادلات القوة في سوريا وإرادة الدولة الوطنية السورية التي تقود حرب التحرير الوطنية مع شركائها المخلصين وبصورة خاصة حزب الله وايران وروسيا .

اليوم، يمكن القول ان ضربة قاتلة سددت لخطة اردوغان في سوريا ، وان ما حصل يحكم الطوق على العصابات الارهابية التي تحتل احياء من مدينة حلب، وبالتالي فنحن امام بداية مسار جديد في معركة تحرير مدينة حلب وما تبقى من اريافها وهذه الحلقة الممتدة من كويرس ونبل والزهراء تمثل فصلا مهما في تحرير سوريا من الارهاب التكفيري الذي يزلزل حياتها الوطنية ويهدد استقلالها الوطني لخدمة الهيمنة الإستعمارية الصهيونية في المنطقة .

اذا، من اليوم، وبعد فك الحصار عن نبل والزهراء واغلاق مسارب جديدة اعتمدتها السلطات التركية والمخابرات التركية في العدوان على سوريا بعدما سدت منافذ كثيرة لجهة محافظة اللاذقية وريفها بعد انجازات الجيش العربي السوري هناك مع رديفه الشعبي المقاتل، يمكن القول ان العد التنازلي لتحرير مدينة حلب ولاستكمال بسط سيطرة الدولة السورية الوطنية على جميع انحاء محافظة حلب قد بدأ وبالتالي فإن حلب بما تمثله من اهمية في الواقع الاقتصادي السوري وفي الثقل السكاني وفي الجغرافيا والاستراتيجيا ستكون عودتها الى سوريا “بداية الخاتمة الحاسمة” في الدفاع عن استقلال سوريا وفي ردع العدوان الاستعماري وإلحاق الهزيمة به .

لقد بنى اردوغان كثيرا من الاوهام مع المخططين الاميركيين على العمليات التي رعى اطلاقها مباشرة لتدمير حلب ولاباحتها امام عصابات الارهاب والتوحش، ويمكن القول إن المهزوم الاول هو اردوغان ومن بعده شركاؤه في السعودية وقطر واسياده في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وحليفه الإسرائيلي الذي يبقى حاضرا في اي محاولة تفكير او تحليل او نقاش تطال ما يجري في سوريا ، الاول والاخير في مخطط تدمير سوريا هو “حماية مصالح اسرائيل ومشاريع هيمنتها على المنطقة” .

سوريا العربية تنهض اليوم لتسترد استقلالها وسيادتها ولتحسم الصراع مع حلفائها المخلصين بتصفية عصابات الارهاب، وكما كانت ملحمة صمود نبل والزهراء مثالا لإرادة شعبية مقاومة حاسمة في انتمائها الوطني وفي هويتها الوطنية، ستكون ملحمة حلب العظيمة في الأسابيع المقبلة بداية جديدة لمسار الانتصار السوري الذي لن يغفل الحسكة والرقة ودير الزور واي رقعة من تراب سوريا ، قلعة المقاومة تنهض وتنتصر وتتقدم بإرادة رجال ونساء شجعان مصممين على النصر ، والصبر المطلوب من المواطينين السوريين في هذه المرحلة الفاصلة سيكون كبيرا وعظيما لانه سيكتب النهايات السعيدة وما عدا ذلك كلام بكلام .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى