مقالات مختارة

وجبة غداء مع الشيطان:جدعون ليفي

 

وزيرة خارجية السويد تلبس ملابس متواضعة وساعة يدها صغيرة وقديمة. وهي المرأة الاكثر كرها في اسرائيل. إنها امرأة صادقة وتدخل إلى القلب، حيث لا يمكن عدم تصديق الاخلاقية التي تقف وراء دوافعها. إنها المرأة التي قاموا بتشبيهها في «مصدر أول» بـ روزان بولكا برنادوت (بما في ذلك التلميح إلى نهايته، فقد قُتل) ـ «باللاسامية الخفية التي تميزها بجهلها وتفكيرها بالمصلحة في ارضاء الناخبين المسلمين»، والمرأة «التي تريد محاربة أسس دولة اسرائيل» ـ تقول إن اللحظة الاصعب في حياتها المهنية كانت اتهامها باللاسامية حيث أنها تحارب اللاسامية منذ ولادتها.

عادت مارغوت وولستروم أول أمس من مؤتمر وزراء الاتحاد الافريقي في اديس أبابا، وهو جزء من الحملة التي تهدف إلى ضم بلادها إلى مجلس الامن. وقد وصلت من المطار مباشرة إلى مكاتب وزارة الخارجية التي يحرسها حارس كبير السن. مع أنهم يقولون إن الحراسة عليها قد زادت في اعقاب التهديد على حياتها، لكن السويد التي قتل رئيس حكومتها الاسطوري ووزيرة خارجيتها، لا تؤمن بحماية الافراد مثل الاسرائيليين. فقط عدة ابواب مع ارقام سرية كهربائية تفصل بين الشارع وبين المكتب الفاخر. في الغرفة المجاورة يقدمون وجبة الغداء الرسمية: لا يتم تقديم النبيذ من اجل عدم التأثير على العيون. والبديل هو عصير البرتقال. وخلافا لمعظم السياسيين الاسرائيليين، فان مارغوت تعرف الاستماع وتريد التعلم باستمرار.

لا تستطيع أي حماية شخصية الدفاع عن وولستروم في وجه الهجمات التي تتعرض لها في بلادها وفي العالم منذ تجرأت على انتقاد اسرائيل. هذه الموجة التي تقودها اسرائيل وصديقاتها ستنفجر في يوم ما في وجهنا. مكانة وولستروم التي اعتبرت في 2006 المرأة الاكثر شعبية في السويد لم تتضرر فقط في الرأي العام السويدي، بل ايضا في اوروبا والعالم ـ وهذا ليس فقط بسبب قضية الفساد الصغيرة التي ارتبط اسمها بها في الآونة الاخيرة بسبب اقوالها عن اسرائيل. في السويد والاتحاد الاوروبي ما زالوا يعتقدون أن طلب التحقيق في اعدام حاملي السكاكين الفلسطينيين هو خطوة «متطرفة»، لأنه محظور على اوروبا القيام بها بسبب الماضي. ايضا حينما انتقدت وولستروم «العقاب على صيغة العصور الوسطى» في السعودية وقام عدد من الدول العربية باعادة السفراء احتجاجا عن ذلك، قالوا عنها إنها تخرب علاقات دولتها الخارجية. لكن انتقادها لاسرائيل لن يشكل خطرا على سيرتها المهنية اللافتة.

يجب أن نسأل في القدس إذا كانت وسائل الزعرنة المستخدمة ضد اشخاص يتجرأون على انتقاد اسرائيل ملائمة. صحيح أنه في المدى القريب سيؤدي استخدام سلاح اللاسامية إلى اسكات الاوروبيين الذين يلاحقهم ظل الماضي، واسرائيل تستغل ذلك بشكل كبير. وهدفها واضح: تشويه وولستروم وبذلك ايضا تحذير غيرها من الساسة إذا فكروا في انتقاد اسرائيل. لكن الانفجار سيأتي وعندها ستدفع اسرائيل ثمن ابتزازها العنيف.

إن صلف من يمثلون اسرائيل والمؤسسة اليهودية وتهديد السياسيين والصحافيين الذين يتجرأون على انتقاد اسرائيل ومعاقبتهم سيؤدي في يوم ما إلى اتخاذ خطوات ضد اسرائيل وسلوكها الغير مكبوح. السفراء الذين يعملون على افشال دعوة الاسرائيليين الذين يعارضون الاحتلال مثلا، والسفارات التي تعمل على تشويههم، تُظهر السفارات الاسرائيلية مثل سفارات المانيا الشرقية في الماضي.

وولستروم ستستمر في طريقها. لأنها ببساطة تؤمن بها. إنها تريد انقاذ حل الدولتين. وقد قُطع الحوار معها فقط عندما طلبت مجموعة من النساء السوريات الحديث معها في الهاتف. إنها ترغب في زيارة اسرائيل والمناطق لكن اسرائيل ترفض ذلك. وولستروم ستمسح البصاق عن وجهها وكذلك السويد. لكن سيأتي يوم الانتقام وتدفيع الثمن.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى