مقالات مختارة

لوبي سعودي في واشنطن د.منذر سليمان

 

الجدوى والفعالية

تمهيد

       مناسبة هذا العرض ليس لغرض سبر اغوار انشاء مجموعة ضغط لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية في واشنطن، رغم اهميته الفائقة، وتبيان الخلل البنيوي في ذهنية التفكير بذلك للتنافس او التماهي مع اللوبي “الاسرائيلي،” فحسب، بل لكشف ضياع البوصلة لدى القوى المتنفذة في القرار الرسمي العربي وديمومة مراهنتها على نظرية تثبت تصورها الخاطيء بان “اوراق الحل بيد اميركا،” وهدرها للاولويات والتحديات المعيشية التي تعصف بكافة المجتمعات العربية.

     يبدو من توقيت “الاعلان” عن السعي لتشكيل لوبي سعودي انه يأتي في سياق تحولات دولية واقليمية بارزة تشهد فيها الولايات المتحدة تراجعا في مدى اهتماماتها الاقليمية “وتحول اولوياتها صوب الشرق الاسيوي” لمقارعة صعود الصين القوي وتقييد اللاعب الروسي بعد ان فرض التعددية القطبية على الاستراتيجية الاميركية. ويأتي ايضا في اعقاب دخول الاتفاق النووي مع ايران حيز التنفيذ الفعلي والافراج عن اصول ايران المجمدة في المصارف الاميركية والغربية، الأمر الذي يفرض تساؤلا محوريا حول صوابية الخطوة وهوية المستفيد الحقيقي.

معظم الانظمة العربية، اذا استثنينا سوريا واليمن – والصومال لظروفه الاقتصادية والسياسية الخاصة، بما فيها السلطة الفلسطينية، توظف طاقات واموال كبيرة لانشاء عدد غير قليل من المؤسسات واللوبيات و”مراكز” وشركات محاماة كبرى تتقاضى مبالغ خيالية لقاء جهد من العسير ترجمته لمصلحة الأمة العربية – ونادرا جدا لصالح الانظمة التي توظفها.

     نظرة الدوائر الاميركية المتعددة لمسألة اللوبيات “العربية” وتنويعاتها لا يشوبها اي غموض لناحية هدفها كمصدر للاسترزاق الصرف. واليكم ما جاء في تقييم صريح وصادم لاحدى المؤسسات التي تتلقى بضع مئات آلاف الدولارات شهريا. “العديد من الهيئات غير الربحية النافذة في واشنطن تعتمد على دعم الحكومة السعودية، ومنها المجلس الاطلسي ..” وهو احد مراكز النخب الفكرية في العاصمة الاميركية.

واضافت ان اللوبي “الجديد” يسعى “لتغيير سياسة الولايات المتحدة الاميركية التي لم تعد تعجب السعوديين كثيرا بعد فشلها في حسم الازمة السورية، وتقاربها الكبير مع طهران.” ربما يعجب هذا السرد مصادر التمويل كونه يحاكي غرائزهم ورغباتهم ويدغدغ عواطفهم. اما السياسة الاميركية في الحقيقة فلا تخضع لاهواء او تقلبات اي من حلفائها، فالفيصل هنا هو المصالح طويلة الامد وهي التي تتحكم برسم خطوط وآفاق السياسة الخارجية الاميركية.

تجربة المجرب ومردود باهت

     انفردت شبكة (سي ان ان) الاخبارية بنسختها العربية الالكترونية اعلان “انطلاق لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الاميركية – سابراك،” في شهر آذار/مارس المقبل، بتعليل يكاد يكون اقرب الى الطرفة منه الى امور وقضايا تؤخذ على قدر عالٍ من الجدية والالتزام والمسؤولية. برر اعلان الشبكة ولادة المؤسسة في سياق “محاولة لاحداث توازن في القرار الدولي .. نظرا لافتقاد المملكة لجماعات ضغط (لوبي) تنقل رأيها الى المستويات السياسية العليا.”

     تدقيق عابر بمبرر انشاء اللوبي يعيد المرء بوعيه وادراكه الى نقطة الصفر. يقول اعلان شبكة التلفزة ان “مكتب اللجنة .. سيشكل نقلة نوعية في تاريخ العلاقة السعودية الاميركية (والتصدي) لمحاولات تشويه وتنميط او اساءة لعرض ثقافة المملكة ..”

يدرك القاصي والداني ان “الاساءة” العالمية للسعودية مردها السياسات المتخلفة والمسلكيات التبذيرية لمسؤوليها ونخبها الاقتصادية، بل تستحضر رواية اعتداءات 11 أيلول في ذهن الشعب الاميركي مسؤولية معظم الفاعلين من الجنسية السعودية، وفيض الوسائل الاعلامية بروايات الاعدامات التي تقوم بها “المملكة” كسياسة ثابتة.

     تنبغي الاشارة الى “شعبية” المملكة السعودية المرتفعة في الوعي الاميركي قبل ربع قرن من الزمن، نظرا “لاستضافتها” القواعد الاميركية والترسانة العسكرية الضخمة وتأهيل القوات الاميركية على اراضيها عند الاعداد للعدوان على العراق واحتلاله.

     لن يجد المرء عناءاً في التوصل لقياس توجهات الرأي العام الاميركي، للعامة والسياسيين والنخب الفكرية على السواء، وتدني معدلاتها الى الحضيض فيما يخص النظرة “للمملكة السعودية،” التي يطغى عليها “نزعة التعصب وانتهاكها لحقوق الانسان .. وتنفيذها عقوبات الاعدام بجز الاعناق، فضلا عن تدني مكانة المرأة هناك وحرمانها من قيادة السيارة.”

     السلطات السعودية كانت تعي منذ زمن عدم الرضى الجمعي وادانة سياساتها في اميركا بشكل خاص، والدول الغربية بشكل عام. وانفقت في هذا الصدد مبالغ “خيالية” منذ نحو 25 عاما “لتلميع صورتها داخل الولايات المتحدة.”

اشارت احدى المؤسسات التي توظفها الرياض الى ان “المملكة تحتفظ منذ سنوات بعدد كبير من المكاتب القانونية ومؤسسات الضغط، للتأثير في الرأي العام الاميركي وفي السياسة الاميركية.” وتغاضت تلك المؤسسات عن تحديد حجم المردود للاستثمارات الضخمة، وعدم استساغة الشعب الاميركي بكافة فئاته سياسات تعود للقرون الوسطى.

سابراك وايباك ابعد من ترادف صدفة

بداية ودون الاستناد الى اي فرضيات او استنتاجات مسبقة، تدل تسمية “سابراك” على تشابه شديد مع “ايباك،” اللوبي الصهيوني بالغ التأثير في الحياة السياسية الاميركية. الفارق الوحيد هو في اضافة كلمة “شؤون” للأولى. ربما لن يكون هذا دليلا كافيا لاستنتاج التماهي بين الفئتين، بيد انه لا يجوز للمرء ان يغفل عن الظروف السياسية المواكبة لانتاج “سابراك” وعلى رأسها اللقاءات العلنية الحصرية بين ضابط الاستخبارات السعودية “السابق” انور عشقي مع دوري غولد، مستشار نتنياهو.

عودة قليلة الى التاريخ القريب تدلنا على رعاية “اللوبي الاسرائيلي” تشكيل لوبي لبناني في واشنطن، منذ بدايات “الحرب الأهلية اللبنانية،” تزعمها المنظمات والشخصيات اللبنانية المرتبطة بحزب الكتائب والقوات اللبنانية؛ وتوجت جهود الطرفين بموافقة واشنطن على انتخاب بشير الجميل رئيسا للبنان، ايلول 1982، ومن ثم شقيقه أمين بعد اغتيال الأول.

مصادر خليجية مقربة من الوزير والسفير السابق عادل الجبير، في واشنطن، اوضحت ان السفارة السعودية في واشنطن “لا تعاني من حرج الاعلان بأن مستشارين من منظمة ايباك شاركوا في الاشراف على تشكيل اللوبي السعودي، سابراك.”

اسبوعية ذي نيشن المقربة من صناع القرار السياسي اوضحت في تقرير لها، 18 ايلول / سبتمبر 2015، ان الاموال السعودية لا تزال قادرة على شراء النفوذ في واشنطن، على الرغم من تراجع اعتماد الاقتصاد الاميركي على واردات النفط الخام من الجزيرة العربية.

في مطلع العام الماضي، 15 نيسان/ابريل 2015، نشر الصحافي الاميركي الشهير روبرت باري Robert Parry، مقالا صادما افاد فيه ان السعودية دفعت لحكومة نتنياهو نحو “16 مليار دولار، على الاقل، على مدى عامين ونصف .. اسهاما منها في مشاريع للبنية التحتية داخل اسرائيل – مثل بناء مستوطنات في الضفة الغربية.” ونسب الخبر الى مصدر رفيع في الاستخبارات الاميركية.

باري، من جانبه، نال شهرته في تغطيته المكثفة لفضيحة “ايران كونترا” وهو على رأس عمله في وكالة اسوشيتدبرس الاميركية للانباء، ولا يزال يحتفط بعلاقات ودية مع اجهزة الاستخبارات الاميركية المتعددة.

ونقل باري عن مصادره الاستخباراتية مضمون مذكرة مصنفة “عالية السرية،” اعدها وزير الخارجية الاسبق الكسندر هيغ للرئيس ريغان عقب عودته من جولة في “الشرق الاوسط،” نيسان/ابريل 1981، ذكر فيها ان الامير فهد آنذاك نقل له ما قاله للجانب العراقي بأن قرار غزو لايران سينال موافقة الولايات المتحدة. واضاف هيغ في مذكرته “كان .. جدير بالاهتمام تأكيد الرئيس (جيمي) كارتر اعطائه الضوء الاخضر للعراقيين عبر (الامير) فهد لشن حرب ضد ايران ؛” الأمر الذي نفاه كارتر لاحقا بشدة في مذكراته.

اغداق الاموال بلا حساب

الانفاق السعودي المنظم على شركات ومؤسسات العلاقات العامة المتعددة في اميركا نال اهتماما خاصا منذ تسلم “الامير بندر بن سلطان” مهام سفير العائلة المالكة لدى واشنطن، والذي كان يطلق عليه تندرا “لوبي الشيكات المفتوحة،” اذ بلغ معدل الانفاق آنذاك نحو 350 مليون دولار “تصرف على اعلاميين واعضاء في مجلسي النواب والشيوخ .. وبعض النخب السياسية.”

وفرة المال السعودي بيد فريق محدود العدد شكل هاجسا مستمرا لشراء النفوذ في مختلف الدول والمجتمعات، العربية والاجنبية، باعتراف اعضاء الاسرة المالكة. في اميركا بالتحديد، تم “توظيف” كبار المؤسسات المعنية بالعلاقات العامة لاستقطاب اعضاء سابقين ونافذين في الكونغرس والادارات المتعاقبة بغية “تلميع او تلطيف” الصورة النمطية للسياسة السعودية.

احد مراكز الابحاث الاميركية الحصيفة، معهد الدراسات السياسية، اصدر دراسة حول حجم الانفاقات السعودية قدرها بنحو نصف مليون دولار شهريا “على شؤون العلاقات العامة،” استنادا الى البيانات المتوفرة لدى وزارة الخارجية الاميركية الخاصة بسجلات “العملاء الاجانب.” من ابرز تلك المؤسسات: DLA Piper; Targeted Victory; Qorvis/MSLGroup; Pillsbury Winthrop; Hogan Lovells; and the Podesta Group.

وتحظى مؤسسة “كورفيس” بنصيب الاسد من الانفاق السعودي تصل كلفتها نحو 240،000 دولار شهريا، لقاء خدمات بديهية تتضمن صياغة الخطابات واصدار بيانات اعلامية ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي وبث بعض الردود عبرها.

السيناتور الجمهوري السابق، نورم كولمان، من ابرز مكونات مجموعة كورفيس، ويرأس احد اكبر “لجان العمل السياسي” للحزب الجمهوري، ولا يزال يحتل منصبا شرفيا في “مجلس الوقفية الوطنية من اجل الديموقراطية،” وهو يهودي الديانة. البيانات المتوفرة تفيد بأن عائلته غيرت اسمها من “غولدمان” الى “كولمان.” ابان فترة خدمته في مجلس الشيوخ، وقع كولمان على عريضة، عام 2005، يدين فيها اعضاء الكونغرس الحكومة السعودية لتوزيعها مطبوعات تحرض على “الكراهية لليهود فيما يشبه فعل النازيين من قبل.”

افادت اسبوعية ذي نيشن، في شهر آذار/مارس 2015، ان كولمان سيبدأ “بتقديم خدمات قانونية لسفارة المملكة العربية السعودية .. (تتضمن) تطورات القرارات السياسية المتعلقة بايران،” لقاء رسوم شهرية معدلها 60،000 دولار. الجانب المثير في هذا الاعلان ان كولمان يلعب دورا مزدوجا وفق تصنيفات القوانين الاميركية السائدة: يدير حملة “للجنة العمل السياسي” للحزب الجمهوري، وفي نفس الوقت يعمل مستشارا لحكومة اجنبية يتلقى اموالا مباشرة لقاء “اتعابه.” الأمر الذي حذر منه الكثيرون خشية من الارضية الخصبة التي توفرها للتلاعب والفساد وغياب الرقابة والشفافية.

في الشق السياسي المقابل، تستثمر السعودية في اقطاب الحزب الديموقراطي، من أهمها “مجموعة بوديستا،” للعلاقات العامة التي تتلقى نحو 200,000 دولار شهريا من مركز دراسات الشؤون الاعلامية المرتبط بالبلاط الملكي مباشرة.

يرأس طوني بوديستا المجموعة المذكورة والتي تعد من اكبر منظمي حملات التبرعات للمرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون، ويحتفظ بصلات وثيقة مع ادارة الرئيس اوباما.

مجموعة “دي ال ايه بايبر DLA Piper” تضم عدد من الموظفين والمسؤولين السابقين، ابرزهم السيناتور ساكسبي تشامبليس وجورج ميتشيل.

الانفاق السعودي الغزير على شبكات العلاقات العامة يشكل عائقا امام الاقرار بانتهاكات “المملكة” لحقوق الانسان، التي تعج بها اروقة الكونغرس ووسائل الاعلام، وسرعان ما يتم اطفاء حرائقها باموال النفط.

المؤسسات “غير الربحية” ايضا تنال بعضا من اموال النفط، على رأسها مراكز الفكر والابحاث المتعددة. في احدى جلسات الاستماع في لجان الكونغرس لوزير الدفاع السابق، تشاك هيغل، تم الكشف عن تلقي “مجلس الاطلسي” اموالا سعودية. هيغل، بعد استقالته من منصبه الرسمي اضحى احد اعضاء المجلس البارزين.

من المراكز الاخرى التي تتلقى اموالا “سعودية” مباشرة: معهد الشرق الاوسط Middle East Institute؛ مجلس سياسة الشرق الاوسط Middle East Policy Council؛ مؤسسة بيل وهيلاري وتشيلسي كلينتون.

في منتصف عام 2014 نشرت يومية نيويورك تايمز تحقيقا حول تنامي نفوذ الدول الاجنبية في واشنطن وتسخيرها مراكز ابحاث مرموقة خدمة لسياساتها الآنية. وقالت ان “الترتيبات تشمل معظم مراكز الابحاث الكبرى والنافذة في واشنطن، منها معهد بروكينغز؛ مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية؛ والمجلس الاطلسي. كل واحد منها يتلقى اموالا من مصادر اجنبية، (لقاء) تقديم دراسات سياسية، وترتيب منتديات نقاشية وعقد لقاءات خاصة مع مسؤولين رسميين رفيعي المستوى والتي عادة تتعلق باجندات الحكومات الاجنبية.”

المملكة السعودية” ليست الوحيدة التي تسخر ثروتها المالية في مراكز الابحاث الاميركية، بل تتسابق دول “مجلس التعاون الخليجي” فيما بينها لترويج سياساتها منذ بداية عقد السبعينيات وطفرة النفط. وذكر تقرير نيويورك تايمز اعلاه دولا اخرى من بينها: الترويج وقطر والامارات واليابان؛ فضلا عن المغرب ومصر والسودان.

واوضح تقرير لصحيفة واشنطن بوست ان معهد بروكينغز، الذي يعد من اقدم المراكز الاميركية المرموقة، تلقى نحو 22% من مجمل ميزانيته لعام 2013 من مصادر أجنبية، عقب تسلم رئاسته ستروب تالبوت، الديبلوماسي السابق في ادارة الرئيس كلينتون. واضافت انه بعد انقضاء عقد من رئاسة تالبوت على المعهد، ارتفعت ميزانيته السنوية ثلاثة اضعاف. ايضا، تعهدت قطر بتقديم “مساعدة” مالية لمعهد بروكينغز مقدارها 21.6 مليون دولار، منذ عام 2011، مما حدى بادارته انشاء فرع له مقره الدوحة.

صفقات الاسلحة الاميركية الضخمة تحفز شركات الاسلحة المتعددة “التبرع” للتوسط لدى الحكومة الاميركية نيابة عن زبائنها الخليجيين، حفاظا على مصالحها، خاصة عند الاخذ بعين الاعتبار حجم انفاق “المملكة السعودية” على الاسلحة من عام 2007 الى عام 2014 اذ بلغ ما ينوف عن 86 مليار دولار.

واوردت نشرة “ديفنس نيوز” اليومية، المختصة بالشؤون العسكرية، مؤخرا ان السعودية “وعبر فترة خمسة اعوام متواصلة، سخرت نفوذها المالي للتأثير على صناع القرار في كل من واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبرلين، ومراكز نفوذ دولية اخرى.” كما لا يغيب عن بال صناعة الاسلحة حاجة “المملكة السعودية” اليومية للذخائر في حربها على اليمن، والتي تتضاعف قيمتها اضطرادا مع استمرار العدوان.

حملات اعلامية متوازية

يقر بيان انشاء اللوبي السعودي الوارد على لسان شبكة (سي ان ان) بصعوبة مهمة “الوصول الى المواطن الاميركي وتثقيفه حول القضايا الخاصة بشأن العلاقات السعودية الاميركية،” ويعلق آمالا على قدرته “للتواصل المباشر بين الشعبين السعودي والاميركي ..” ويشكو من “افتقاده الحاضنة الشعبية في اميركا التي يتمتع بها اللوبي الاسرائيلي.”

اجرت مؤسسة غالوب الشهيرة استطلاعا للرأي عام 2014 اوضحت فيه ان نسبة 35% فقط من الاميركيين “ينظرون بايجابية” الى السعودية، مقابل 72% يؤيدون “اسرائيل.”

تعول السعودية على “تجديد” آفاق تواصلها مع الشعب الاميركي عقب تسلم “الامير عبد الله بن فيصل بن تركي” مهام سفير بلاده لدى واشنطن، في سياق “تعديلات” ضمن موازين القوى الداخلية التي ترجح كفة الملك سلمان ونجله محمد بن سلمان.

وصرح مؤخرا احد الديبلوماسيين الاميركيين ممن عملوا في “المملكة” لفترة طويلة قائلا “لو استطاعت (المملكة) ادخال تعديلات على سياستها المتعلقة بحقوق الانسان ستشكل دفعا قويا لشعبية السعودية داخل الولايات المتحدة، وباستطاعة المملكة تعزيز سمعتها عبر تكثيف جهودها على المواطنين خارج العاصمة واشنطن. بيد ان ذلك يستدعي تعديلا جوهريا في الاستراتيجية.”

وعلل الديبلوماسي السابق رؤيته بأن بروز المرشح دونالد ترمب وثبات تأييده بين العامة مرده احجام المواطنين الاميركيين عن مراكز صنع القرار في واشنطن. اذ حصر النشاط الاعلامي في تلك الدائرة الضيقة يحقق انجازات على المدى القصير، ويتيح الفرصة للمواطن الاميركي العادي النظر الى “المملكة كامتداد لسياسات واشنطن وبائع متجول لشراء الذمم.”

وحث “المملكة” على تبني سياسة مميزة تدخل بها الى اعماق الشعور الاميركي العام مثل “السعي لحماية مسيحيي سوريا في سياق دعمها لقوى المعارضة السورية،” الأمر الذي يفصلها عن النشاط “الاسرائيلي” في كسب ود الشعب الاميركي.

يشار الى ان النفوذ “الاسرائيلي” يمتد الى كافة مناحي الحياة اليومية الاميركية، ابرزها مؤخرا العلاقة الوثيقة التي نسجها مع اجهزة الشرطة الاميركية في المدن المختلفة ودعوتها لزيارة فلسطين المحتلة والمشاركة بتدريبات عسكرية لفض المظاهرات السلمية، او “مكافحة الارهاب،” التي تتوجت في احداث الشرطة العام الماضي في مدينة فيرغسون ومدن اخرى. “المملكة السعودية” لا تملك رصيدا مشابها، بيد ان الديبلوماسي الاميركي السابق لا يكل عن توجيهها للعمل مع المؤسسات المحلية في الولايات ومجالسها السياسية لاهداف في نفس يعقوب.

المصادر الخليجية المقربة من سفارة الرياض في واشنطن، سالفة الذكر، زعمت ان مسار اللوبي السعودي في عهد بندر بن سلطان “كانت له انجازات عظيمة على المستوى السياسي والعسكري، لكن يعاب عليه اهماله للرأي العام الاميركي واستهدافه النخب السياسية الاميركية .. بلغة المصالح الشخصية (فهي) اللغة الوحيدة التي يفهموها ويستجيبون لها.” اما عادل الجبير، وفق تلك المصادر فانه “يفهم الاميركان جيدا .. وله في اميركا علاقات سياسية متشعبة.”

مرة اخرى، لم تخفِ تلك المصادر درجة حماسها الزائدة للاقتداء “باللوبي الاسرائيلي” لنيل رضى واشنطن، او بعضا منه، وتشجع الدول العربية الاخرى على تطبيق الزعم “ان افضل وسيلة للنفوذ لدوائر القرار في واشنطن تمر عبر تل ابيب واللوبي الاسرائيلي؛” وتحث نظرائها في الحكومات العربية على التأقلم مع “سابراك” المرتبطة بديوان الملك السعودي مباشرة “والتي تعد الاولى من نوعها في الاختصاص بالتواصل المباشر بين الشعبين السعودي والاميركي،” حسبما اوردته شبكة (سي ان ان) النسخة الالكترونية العربية حصرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى