مقالات مختارة

«جنيف السوري» اليوم.. بمن يصل أولاً محمد بلوط

 

مفاوضات «جنيف ٣» رسمياً اليوم من دون تأخير، عند الساعة الرابعة من بعد الظهر، وبمن يصل أولاً.

الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا الذي استبق الصورة العائلية المستحيلة بين المتفاوضين، أو مجرد المصافحات الكلاسيكية، بالإعلان منذ الإثنين الماضي أن لا افتتاح رسمياً للمؤتمر، قد يكون أنقذ المفاوضات من «حرد» المفاوضين، أو بعضهم على الأقل، ومن عثرات الشروط المسبقة التي وضعتها مجموعة الرياض، كتطبيق البندين ١٢ و١٣ من القرار الدولي ٢٢٥٤ والتي تنص على وقف القصف ضد المدنيين ورفع الحصار عن المدن.

المفاوضات مع ذلك تلاقي موعدها اليوم، خصوصاً أنّ دي ميستورا لم يعلن عن تأجيلها، على أن يباشرها بمن وصل: الوفد الحكومي السوري أول الوفود المكتملة في جنيف، فيما يصل وفد من «مجموعة الرياض» من دون أن يشارك. أما وفد «العلمانيين الديموقراطيين» فينتظر موعداً للقاء الوسيط الدولي.

الوفد الحكومي السوري الذي يحط في مطار جنيف عند الواحدة ظهراً ، سيكون فاتحة المفاوضات عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم. الوفد السوري الذي يرأسه بشار الجعفري، ويشرف عليه من دمشق نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، يضم النواب في مجلس الشعب عمر أوسي وأحمد الكزبري وجميلة الشربجي وأستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق محمد خير عكام وعمار عرسان والسفير السوري في جنيف حسام الدين آلا.

«مجموعة الرياض»، التي قالت أمس إنها لن تأتي اليوم إلى جنيف، ستكون على مقربة من قاعات المفاوضات. وتقول مصادر لـ «السفير» إنّ مجموعة الرياض ستكون اليوم في جنيف لكنها لن تدخل قاعة المفاوضات. رياض حجاب، رئيس الهيئة التفاوضية العليا كان قد أعلن أن وفده لن يحضر المؤتمر قبل تحقيق مطالبه، أي وقف قصف المدنيين ورفع الحصار عن المدن، أو أنه قد يذهب إلى جنيف من دون أن يشارك في المفاوضات، لكنه يصلها، مع ذلك، أسرع مما كانت توحي به المواقف القاطعة التي اتخذها في اليومَين الماضيين. رياض حجاب يصل مع وفد مصغر من «مجموعة الرياض» ظهراً إلى جنيف، ويضم المتحدثين باسم الهيئة التفاوضية رياض نعسان الآغا وسالم المسلط، ورئيس الائتلاف السوري المعارض خالد الخوجة، ورياض سيف. وثمة ترجيحات بأن ترافقه مجموعة من عشر شخصيات من مجموعة الرياض، على متن طائرة وضعها بتصرفهم وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان.

وبالرغم من أن «مجموعة الرياض» أعلنت استمرار المشاورات اليوم لاتخاذ قرار بشأن جنيف، إلا أن نائب رئيس الهيئة التفاوضية يحيى قضماني هو من سيدير الجلسات، وليس رياض حجاب.

القرار بالذهاب إلى جنيف من دون حضور المفاوضات قد يكون خطوة أولى نحو المشاركة فيها في ما بعد. حجاب لم يحصل على أية ضمانات، لا بتلبية مطالبه والشروط المسبقة التي أرسلها إلى دي ميستورا، ولا بالانفراد بتمثيل المعارضة السورية في جنيف. فعلى رسالته المطالِبة بتطبيق البندين ١٢ و١٣، لم يحصل على أي رد خطي، وإنما على مكالمة هاتفية من دي ميستورا، كما تقول مصادر مطلعة، كرر له فيها ما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري والسفير مايكل راتني، من أنها مطالب تطرح على طاولة المفاوضات، إذ إن خريطة حصار المدن والخطف والاعتقال التعسفي في سوريا، لا تقتصر على طرف واحد، وهناك آلاف المخطوفين والمعتقلين في سجون المجموعات المسلحة التي تحاصر بدورها مدنا وبلدات عدة، وتمنع عنها الإمداد.

أما قول «مجموعة الرياض» إن وفد «العلمانيين الديموقراطيين»، ليس سوى وفد استشاري للوسيط الدولي، فليس مسنداً، فالوفد المدعوم من موسكو تقوده لجنة إشراف من هيثم مناع ورندا قسيس وقدري جميل وإلهام أحمد وصالح مسلم، وقد تلقى أعضاؤه نص دعوة طبق الأصل لنص الدعوة التي تلقاها رياض حجاب.

ومن المستبعد جدا أن يُشطَب الوفد الذي يدعمه الروس من معادلة المفاوضات بالطريقة التي يتحدث بها «الائتلافيون» ومجموعة الرياض.

الصيغة المكوكية للمباحثات بين المفاوضين المتباعدين في الفنادق المجاورة للمطار، وبين القاعات الأممية في قلب جنيف، تسمح للوسيط الدولي دي ميستورا بكسب الوقت ريثما تستكمل المشاورات لحل ما تبقى من عقد.

والأرجح أن المقايضة الأولى التي فتحت الطريق نسبياً إلى الجولة الأولى في جنيف اليوم، هي تأجيل دخول الأكراد من «حزب الاتحاد الديموقراطي» وممثليهم الخمسة في وفد «العلمانيين الديموقراطيين» في مقابل إبعاد العسكريين من وفد الرياض، إذ خرج العقيد أسعد الزعبي، رئيس الوفد من العضوية، كما خرج العميد عبد الباسط الطويل، وأُبعد محمد مصطفى علوش، رئيس المجلس السياسي لـ «جيش الإسلام»، ليحل مكانهم خالد المحاميد وجمال سليمان ومعاذ الخطيب.

وكان هذا أحد مطالب موسكو للقبول بوفد الرياض بعدما تمسكت انقرة بإبعاد صالح مسلم ورفاقه عن عضوية وفد «الديموقراطيين العلمانيين»، أو مشاركة أي ممثل لـ «وحدات حماية الشعب» في مؤتمر جنيف.

وكان السفير التركي عمو أونهون، وفرقان جانبيه، مساعد رئيس المخابرات التركية والمشرف على الملف السوري، قد شاركا في اليومَين الماضيين في اجتماعات الرياض، لاحتواء أي محاولة أو تنازلات تسمح بقبول أي تمثيل لـ «حزب الاتحاد الديموقراطي»، في مقابل موافقة الروس على حضور العسكريين وممثل عن «جيش الإسلام». وكان الأميركيون الذين يتحالفون مع «وحدات حماية الشعب» في الشمال السوري، ويؤمنون لقوات «حزب الاتحاد الديموقراطي» التغطية الجوية والإسناد لعملياته العسكرية، قد أطلقوا رصاصة الرحمة على تطلعات حلفائهم بالدخول إلى قاعة مفاوضات جنيف، بإبلاغ صالح مسلم مجددا في لوزان، عبر سفيرهم مايكل راتني، أن عليه أن ينتظر اجتماع مجموعة الدعم الدولية لسوريا في ١١ شباط المقبل، لتوضيح الموقف، مع وعد بأنهم قد يدعمون حضوره، ولكن في جولة مقبلة، وأن الوقت لم يحن بعد لمواجهة مع تركيا من أجل منح الأكراد مقعدا مستقلاً عنها في جنيف.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى