لا حاجة لتركيا:اليكس فيشمان
في تركيا قد يكونوا يتحدثون عن اعادة السفير إلى إسرائيل، عن تطبيع العلاقات ـ ولكنهم فاتهم القطار. عندما أرادت إسرائيل ـ اردوغان ركل.
بهدوء تام، وبلا طقوس وبلا تصريحات دراماتيكية، نسج من تحت الانف حلف اقتصادي ـ أمني على أساس مصالح استراتيجية صلبة، يضم اليونان، قبرص، إسرائيل ومصر، وبشكل غير مباشر الاردن ايضا. وان شئتم: حلف دول الحوض الشرقي للبحر المتوسط. وتركيا؟ آوت (في الخارج).
رئيس وزراء اليونان اليكسس سفراس وبعض من وزرائه وصلوا أمس لزيارة إسرائيل ـ للمرة الثانية في الاشهر الثلاثة الاخيرة ـ وسيتحدثون مع رئيس الوزراء نتنياهو ضمن امور اخرى عن التعاون الامني بين الدولتين، مكافحة الإرهاب والتعاون في مجالي الطاقة والاقتصاد. واليوم يعقد المشاركون قمة اخرى في قبرص، بمشاركة رئيس الدولة المحلي، للبحث في حماية مصادر الطاقة ـ أي الغاز ـ وأمس فقط عاد وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون من زيارة عمل إلى اليابان، حيث عقد لقاءات مع وزير الدفاع، وزير الامن الداخلي، رئيس الاركان وقيادة الجيش اليوناني، ودعي لزيارة اخرى في الاشهر القريبة القادمة. صحيح ان ليس لدى اليونانيين المال لشراء السلاح، ولكن لديهم الكثير من الرغبة في التعاون، وتقاسم المعلومات وتنفيذ مناورات مشتركة. من ناحية إسرائيل، هذه علاقة هامة جدا مع دولة عضو في الناتو، ولا سيما في ضوء حقيقة أن الاتراك لم يجتهدوا حقا في توثيق التعاون بين إسرائيل والمنظمة. كما أن الرئيس المصري الجنرال السيسي زار اليونان في نهاية السنة الماضية وعني هناك بمواضيع أمنية.
لقد بدأت العلاقة مع اليونان تتوثق في 2010، عندما نشأ صدع بين إسرائيل وتركيا. في 2013 وقعت مذكرة تفاهم أمني بين إسرائيل واليونان، وبدأ الجيشان يتدربان معا. في كانون الثاني 2015، عندما تغير الحكم في اليونان وانتخب سيفراس الذي يترأس جبهة اليسار اليونانية لرئاسة الوزراء، كان تخوف في إسرائيل من برود العلاقات مع اليونان. اما هذا فلم يحصل ـ بل العكس، توثقت العلاقات فقط.
الاتراك قلقون من محور البحر المتوسط الجديد هذا، الذي يعزلهم ليس فقط عسكريا بل واقتصاديا ايضا، ولهذا فانهم يطلبون فتح باب لإسرائيل. غير أن ليس لإسرائيل أي سبب يدعوها لان تضعف العلاقة الوثيقة مع اليونان في صالح الاتراك. فضلا عن ذلك فان المصريين يرون بعين الاشتباه كل تقارب إسرائيلي مع تركيا، المنبوذة في نظرهم ـ ومصر، من ناحية إسرائيل هي مرسى استراتيجي ثان في اهميته بعد الولايات المتحدة فقط.
وبالتوازي رفع التفكك الاقليمي في السنة الاخيرة قوة جديدة تغازلها الولايات المتحدة وروسيا: الاكراد في سوريا وفي العراق، ممن اثبتوا قدرتهم في القتال ضد داعش. وتكافح الدولتان العظميان لكسب انتباه الاكراد، بل ان الأمريكيين ينزلون سرا المؤن للاكراد في سوريا ـ ضمن امور اخرى صواريخ مضادة للدبابات ووسائل قتالية اخرى ـ مما يخرج الاتراك عن طورهم، وربما الروس يساعدون الاكراد على الحدود السورية ـ التركية، الامر الذي شكل خلفية لاسقاط الاتراك للطائرة الروسية.
يتطلع الاكراد للاستقلال، والظروف آخذة في النضوج لذلك، رغم الفوارق السياسية بين الاكراد في العراق، في سوريا وفي تركيا. وهذا هو كابوس الاتراك: 40 مليون كردي يقيمون دولة مستقلة، او كل كيان معاد آخر، يجلس على رقبتهم. في علاقات إسرائيل مع الاكراد كان صعود وهبوط، ولكن لا شك أنه إذا احتاجت إسرائيل لان تختار بين القيادة الكردية وبين تركيا اردوغان ـ الذي لا يخفي عداءه لإسرائيل ـ فان الحلف مع الاكراد سيكون أهم لها باضعاف.
في المحادثات التي تجري اليوم بين إسرائيل وتركيا، والتي يتصدرها المحامي يوسف تشخنوبر، هناك إحساس بان إسرائيل تتحدث مع تركيا بانفصام للشخصية: الشرطي الطيب وزير الخارجية التركي مولوت كابوسوغلو والشرطي السيء اردوغان. يتفقون على شيء ما مع وزير الخارجية، وعندما يصل هذا إلى اردوغان كل شيء ينقلب رأسا على عقب. لقصة الغرام مع رجل الاخوان المسلمين اردوغان لا يوجد أي احتمال لان ترفع رأسها، ولكن المصالح المشتركة مع المصريين، اليونانيين، القبارصة، الاكراد وحتى مع السعوديين تضمن منظومة علاقات اكثر استقرارا بكثير.
يديعوت