بقلم غالب قنديل

حرب التحرير وملحمة التفاوض

syria army

غالب قنديل

يواصل الجيش العربي السوري زحفه بثبات لتحرير سورية من عصابات الإرهاب ويعلو عويل الهاربين المهزومين بلعنات وشتائم إلى فصائلهم وشركائهم بدعوى الخذلان ولا يوفرون مشغليهم من حكومات السعودية وقطر وتركيا الذين مدوهم بالسلاح والمال وأرسلوا إليهم جحافل متعددة الجنسيات من فلول القاعدة وتنظيمات الأخوان المسلمين من ثمانين بلدا في العالم.

اولا يتكرر المشهد ذاته في جميع ساحات القتال التي يتسيدها ضباط وجنود أشاوس أقسموا على مواصلة الكفاح حتى انتصار حرب التحرير الوطنية على آخر حبة من تراب سورية الأبية دفاعا عن استقلال بلادهم وعزة شعبهم وبالطبع تحصد الدولة الوطنية السورية تلك الإنجازات العسكرية المتلاحقة بهدوء وثبات وبخطاب واقعي لا أثر فيه للمبالغة بل ثمة من ينتقد التقليل من وهج الاحتفال بما يجري إعلاميا وسياسيا ولكنها الحكمة في إدارة الصراع بمراكمة المزيد من المصداقية والثقة الشعبية .

رغم ضراوة القتال المصيري وجزالة التضحيات يستمر الحرص الذي تبديه القيادة السورية على فتح جميع الأبواب لاستيعاب التائبين من ورطة الانجرار خلف يافطات قادها المهربون والفارون وتجار المخدرات والقتلة المحترفون وشيوخ التكفير وعملاء المخابرات المعادية لسورية وفي قلبها الموساد تحت رعاية سعودية أردنية قطرية تركية وبقيادة اميركية مباشرة .

بين نصل الحسم العسكري الزاحف إلى كل مكان من سورية وحضن المصالحات وقرارات العفو يدفع التحول الميداني مزيدا من المتورطين إلى مراجعة حساباتهم وسيظهر منهم عشرات الآلاف مع اقتراب مسيرة التحرير الوطني من بعض المعاقل والتجمعات الكبرى في جميع المحافظات وخصوصا في ما تبقى من ريف حمص ومحافظتي حلب وإدلب وغيرها من المناطق المشتعلة بتناهس العصابات الإرهابية بينما يتلهف من تبقى من أهلها للحظة تحررهم وقدوم الجيش العربي السوري.

ثانيا في هذا المناخ المشحون بوتيرة المبادرة الهجومية للدولة الوطنية السورية وتقدم حرب التحرير الوطنية بأذرعتها النظامية والشعبية المشاركة تتحرك آليات التفاوض وتستعد الدبلوماسية السورية لمعركة جديدة في ملحمة سياسية لإنقاذ البلاد بينما يتسمر التكالب الاستعماري الرجعي مفضوحا خلف واجهات الدمى وبثقة عالية تحضر القيادة السياسية السورية اوراقها إلى جنيف ووفدها المشارك يحمل معه رصيدا من البراعة والقدرة العالية كما ظهر في محطة جنيف الشهيرة التي اخرس فيها الوزير وليد المعلم الاستعماري المتغطرس جون كيري بكلام دار على كل لسان في سورية وخارجها كما فضح اعضاء الوفد السوري لعبة الماريونيت الأميركية بحركة الأوراق المرسلة إلى وفد الواجهات العميلة وكسبت يومها الدولة السورية حصانة الخيار الوطني الصلب ورجاحة الاستعداد لقبول المخالفين في وفاق داخلي ركيزته توحيد الجهود الوطنية على أساس اولوية مكافحة الإرهاب التي باتت اليوم اولوية مسلما بها من دول حلف العدوان التي حشدت الإرهاب وخاضت بواسطته حربا استعمارية عدوانية ضد الشعب العربي السوري.

الثقة بنتائج الميدان التي يصنعها الجيش العربي السوري والقوات الشريكة والحليفة على أرض سورية هي ذاتها الثقة المكرسة بالوفد السوري المفاوض الذي أثبت في المرات السابقة قدرة فائقة على العمل بروح الفريق الجماعي واظهر براعة لافتة شغلت المشهد الإعلامي بجدارة وابهرت العدو قبل ان تنال احترام الأصدقاء وإعجابهم .

ثالثا التفاوض سيكون ملحمة سياسية لا تقل أهمية عن الملحمة الميدانية التي تخوضها القوات المسلحة السورية النظامية والشعبية ليس فقط لترابط المسارين السياسي والعسكري كما برهنت احداث السنوات الخمس الماضية بل لأن الحلف المعادي يخطط بدهاء للتلاعب بالمسار السياسي عبر استهداف علمانية الدولة ووطنيتها وخيارها الاستقلالي المقاوم وهو ما يبدأ بمسعى اميركي سعودي انكشف مؤخرا لتثقيل نصاب التفاوض بإرهابيين وبعملاء تسند إليهم لاحقا مهمات تنفيذ التعليمات الاستعمارية للتسلل إلى نسيج الدولة الوطنية ومؤسساتها ولا ينتهي بمناقشات الدستور والمؤسسات وحيث يتربص المعتدون بالجيش العربي السوري الذي يسعون لضرب عقيدته القتالية العروبية والوطنية كما يسعون لاستنساخ وصفة الطائف اللبناني لنسف مرتكزات الاستقرار السوري لعقود مقبلة بدافع تلبية الحاجة الإسرائيلية لمنع نهوض القوة السورية الإقليمية الداعمة لخيار المقاومة استراتيجيا وسط الرعب الصهيوني المتزايد من هذا الاحتمال.

رابعا تصاعد الإنجازات العسكرية سيسرع المسار السياسي لانتصار سورية وشعبها لكن الأمر يحتاج وقتا غير قليل لسحق عصابات التكفير الدولية ولتفكيك العقد الباقية في الجغرافيا وهذا مخاض يستدعي المزيد من الثبات والتضحيات والمزيد من الصبر وبالتالي يتطلب المزيد من الوقت الذي سيكسب فيه الوفد المفاوض بجميع اركانه جولات جديدة لصالح الدولة الوطنية كما فعل في السابق وكان من اللافت ان يستمر التكتم على تركيبته حتى عشية انطلاق لقاءات جنيف فبعد التقارير الصحافية عن كون نائب وزير الخارجية فيصل المقداد سيكون مشرفا على الوفد الذي سيرأسه الدكتور الجعفري أعلن امس ان الوزير وليد المعلم هو من سيرأس الوفد ومن غير ان يصدر حتى ما قبل 24 ساعة من الموعد المبدئي أي بيان رسمي سوري عن أسماء المشاركين في الوفد وهذا بذاته جزء من تقنيات إدارة الصراع ومن مظاهر الثقة بالنفس والقدرة على إرباك المخططين الأميركيين الذي يلقنون دمى الاستعمار ما يقولون وما يفعلون ويحشدون خلفهم خبراء سياسيين ودستوريين ونفسيين من غير طائل فألف خبير وقضية خاسرة يعادل صفرا امام قضية عادلة فكيف إذا حملها قادة سياسيون ودبلوماسيون بارعون في دولة وطنية مقاومة يقودها الرئيس بشار الأسد مثال الصلابة والابتكار في قيادة معارك الاستقلال والتحرير الوطني في مطلع الألفية الثانية بلا منازع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى