نحن على الخريطة: اليكس فيشمان
اتخذت قيادة داعش في سوريا في نهاية العام 2015 قرارا استراتيجيا: إسرائيل لم تعد في آخر قائمة اهداف التنظيم الفورية، بل تصعد إلى مكانة الدولة التي يعتزم داعش العمل في داخلها وضدها منذ السنة القريبة القادمة.
هذا يلزم أذرع الامن، وشعبة الاستخبارات العسكرية من ضمنها، على انتظام اشد مغزى بكثير، ولا سيما في مجال الاستخبارات والاحباطات السرية، في مواجهة داعش سوريا وفروعه في سيناء، في غزة، في اراضي إسرائيل وبالاساس في غزة حيث تتصاعد شعبية التنظيم متجاوزة ما هو دارج حتى في دول إسلامية سنية.
في هذه الاثناء يدور الحديث عن سلسلة تهديدات مصورة وصلت سواء من سوريا أم من فرع داعش في سيناء. وكانت الذروة في خطاب مصور القاه زعيم داعش، ابو بكر البغدادي، في نهاية كانون الاول، هدد فيه صراحة بمهاجمة إسرائيل قريبا. على المستوى العملي لا توجد حاليا اخطارات ملموسة، ولكن ثمة غير قليل من الشهادات على رغبة داعش في العمل بشكل فوري ضد إسرائيل من اراضي الجولان السوري من خلال اطلاق الصواريخ، وبوسائل اخرى، من داخل إسرائيل. وكانت صحيفة داعش الرسمية نشرت في صفحتها الاولى في واحد من اعدادها الاخيرة عشرة انجازات بارزة للتنظيم في مجال العمليات. وضمن هذه القائمة تظهر العملية الاجرامية التي نفذها مواطن بدوي إسرائيلي في المحطة المركزية في بئر السبع.
وتعزز الانعطافة في استراتيجية داعش تجاه إسرائيل تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية السنوي بان الحدود بشكل عام ـ وحدود الجولان ـ ستكون هذه السنة اكثر تفجرا مما في الماضي. وهذه الانعطافة هي نتيجة مباشرة لانجازات التحالف الروسي والأمريكي ضد داعش. ففي الاشهر الاخيرة فقد التنظيم اكثر من 30 في المئة من الاراضي التي كان يسيطر عليها في العراق. ففي سلسلة من الهجمات التي شنها الجيش العراقي ـ بالتعاون مع قبائل سنية وميليشيات شيعية وباسناد وتغطية جوية ـ ولا سيما من الولايات المتحدة ـ احتلت من ايدي داعش عدة مدن مركزية كالرمادي، تكريت، بيجي وسنجر. وانسحب التنظيم من مناطق واسعة من جنوب غرب العراق كان يهدد منها الحدود مع الاردن. ويعود هذا الانجاز ضمن امور اخرى إلى ثلاثة ألوية خاصة من الجيش العراقي دربها الأمريكيون.
وتوجد هذه الالوية، التي احتلت الرمادي في طريقها الان لاحتلال العاصمة العراقية لداعش ـ الموصل. في سوريا طرد داعش من الحدود التركية في منطقة تل العبيد ومدينة كوباني، ويتركز الهجوم الان على الرقة، عاصمة داعش في سوريا، وعلى الحسكة في جنوب الدولة. ونجحت القوات الكردية في قطع الطريق السريع 47 الذي يربط بين عاصمتي داعش في العراق وفي سوريا.
لقد أدت أعمال القصف الجوي إلى انخفاض بنحو 50 في المئة من مداخيل داعش من النفط وميزانيته السنوية، صحيح حتى اليوم، هي مليار و 300 مليون دولار. وهذه الميزانية ادنى بمئات ملايين الدولارات مقارنة بالسنوات السابقة. وشكل القبض على وزير النفط من داعش قبل بضعة اشهر، بما في ذلك ارشيفه، ضربة اقتصادية لا ينجح التنظيم في الانتعاش منها.
على هذه الخلفية سيحاول داعش خلق سلسلة من النجاحات الإعلامية، توقف الضرر الإعلامي بفكرة الخلافة الإسلامية. وعليه، فان التحالف الغربي برئاسة الولايات المتحدة، التحالف الروسي الذي يشمل حزب الله، سوريا وإيران، والتحالف العربي برئاسة السعودية، تستعد الان لهجوم من داعش في شكل سلسلة عمليات استعراضي على الاراضي السعودية، وفي الجبهة الداخلية للجيش العراقي وفي سوريا.
هنا تدخل إسرائيل إلى الصورة. في اطار محاولة داعش لاستعادة الزخم تصعد إسرائيل ايضا إلى خريطة العمليات للتنظيم. فليس ثمة عملية كفيلة بان تثير الحماسة في العالم العربي وتجند الجماهير كعملية استعراضية ضد إسرائيل. لا غرو إذن في أن إسرائيل ترى نفسها جزءا من الجهود العالمية للقضاء على داعش. ومن جهة اخرى، فان الامر يضعها امام معضلة: القضاء على داعش في سوريا من شأنه ان يبقي محور حزب الله ـ إيران ـ سوريا اقوى، ومع الوجه نحو إسرائيل. أما العالم، الذي سينهي مهامته ضد داعش، فسيختفي مرة اخرى من المنطقة، وتحالف الشر سيبقى مشكلة إسرائيلية صرفة.
يديعوت