ما كان يحتاجه الجيش السوري حميدي العبدالله
مما لا شك فيه أنّ الجيش السوري والقوى الأمنية كانت قادرة في بداية الأحداث على السيطرة على الوضع والحؤول دون تطوّر الأوضاع الميدانية إلى ما وصلت إليه لاحقاً. لكن الظروف السياسية التي خيّمت على المنطقة، وسورية جزء منها، كانت تحول دون قيام الجيش السوري بالحسم قبل تفاقم الأوضاع. والمقصود بالظروف السياسية، رغبة أصدقاء سورية بعدم اللجوء إلى خيار الحسم العسكري لكي لا يكونوا في وضع حرج إزاء اتهامات الدول المعادية، ولم تتوفر قناعة لدى الدول الصديقة لسورية بضرورة الحسم العسكري إلا في وقت متأخر، حيث استطاعت الدول والقوى المعادية إرسال عشرات ألوف المقاتلين الأجانب إلى سورية وتزويدهم بكلّ أنواع الأسلحة الفتاكة، وهو الأمر الذي مكّنهم من الاستيلاء على مواقع هامة للجيش السوري، بما في ذلك ثكنات عسكرية ومستودعات للأسلحة، تمّ ذلك في ظلّ حملة إعلامية وسياسية دولية وإقليمية ترهيبية ضدّ الدولة والجيش السوري حالت دون التصدّي الفعّال للقوى الإرهابية المسلحة.
مع ذلك، وعلى الرغم مما حصلت عليه الجماعات الإرهابية من أسلحة متطوّرة، وتمويل فاق موازنات الدولة السورية العسكرية، وعشرات آلاف الإرهابيين الذين جاؤوا من أكثر من مئة دولة، حيث اعترف المرصد السوري المعارض بمقتل 40 ألف مسلح أجنبي في سورية حتى نهاية عام 2015، إلا أنّ ما حققه الجيش السوري بعد التدخل الجوي الروسي على كافة الجبهات، يؤكد أنّ الجيش السوري قادر على اجتثاث الإرهاب لو توفرت له القدرات العسكرية، ولا سيما في مجال الاستطلاع الجوي والقاذفات المتطوّرة التي وفّرها الاتحاد الروسي بدءاً من 30 أيلول الماضي.
الإنجازات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه بعد 30 أيلول على كافة الجبهات، ولا سيما في جبهات ريف اللاذقية وأرياف حلب، وفي محافظة درعا، وريف دمشق، لا يفسّرها سوى الإسهام الجوي الروسي في الحرب على الإرهاب. فحلفاء سورية، سواء حزب الله أو إيران، لم يتغيّر مستوى التزامهم العسكري إلى جانب سورية ما بعد 30 أيلول عما كان عليه قبل هذا التاريخ، ولكن مع ذلك لم يتمكّن الجيش السوري وحلفاؤه من تحقيق ما حققوه حتى الآن إلا بعد الإسهام الجوي الروسي إلى جانبهم في محاربة الإرهاب.
هذا يعني أنّ ما كان يحتاجه الجيش السوري لحسم المعركة ضدّ الإرهاب، حتى بعد استفحال خطره، كان المعدات المتطورة، ولا سيما في مجالي الاستطلاع والسلاح الجوي، وهذا ما وفّرته روسيا. معروف أنّ الجيش السوري عانى من حصار شديد على صعيد تطوير قدراته الجوية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وقبل عودة روسيا إلى الساحة الدولية، وبهذا المعنى كانت قدرات الجيش السوري على هذا الصعيد أقلّ فعالية بعد أن تمّ استهلاك جزء من القدرات الجوية خلال السنوات الخمس من عمر الحرب الإرهابية على سورية.
(البناء)