بقلم غالب قنديل

جنيف السوري وملحمة الصمود

arm 055 w450

غالب قنديل

تواصلت فصول الدراما السياسية التي تضج بها مخاضات تشكيل المستعمرين وتوابعهم في المنطقة لوفد” المعارضة ” التي تضم الواجهات السورية المشكلة من خليط إنكشاري هجين للمرتزقة والإرهابيين والجواسيس والبارز هذه المرة هو ان الميدان يغلي بالتغييرات والدور الروسي يفرض منطقه منذ تفاهم فيينا حيث ران خرس شبه كلي حول دور الرئيس بشار الأسد ولا هيئة حكم انتقالية بل حكومة وحدة وطنية أولويتها محاربة الإرهاب وليس داعش وحدها كما حاول ديميستورا تزوير بنود التفاهم لحفظ ماء وجه السيد الأميركي بينما يظهر تخبط اميركي في التعامل مع معضلتي لائحة الإرهاب وتمثيل المجموعات السياسية المختلفة بينما يضج الإعلام السعودي بأخبارالتوبيخ الأميركي لترف المفاوضين و” نتعاتهم ” الخرقاء.

اولا تنشغل دول العدوان بتوضيب ادواتها وتنظيم صفوفها كل مرة في مواسم المسار السياسي الذي تولده تغييرات التوازن العام للقوى على الأرض وفي ظل تمادي مأزق العدوان وهكذا تظهر أسماء وتغيب اخرى من قوائم نزلاء الفنادق الفخمة لتمثيل المعارضات المتحولة من مجلس إلى ائتلاف فهيئة وقد تبدت في السنوات الخمس المنقضية كالحرباء التي تبدل ألوانها حسب الفصول والظروف وبالكاد يشبه وفد سابقه فبيادق اللعبة تتغير ويستبدل “المنتدبون ” بقرار سفير او موظف في هذه الخارجية او تلك من دول العدوان الكوني .

من اسطنبول إلى الدوحة والرياض تنقل وزراء الخارجية الأميركية ( لا تنسوا هيلاري ودورها المشهود ) ومعاونوهم لإعداد توليفة جديدة في كل جولة وتجند التبع العرب من امراء وشيوخ بين أيديهم علهم يسددون ولو طعنة للرئيس العربي الذي لا يبارح كوابيسهم من يوم خطابه الشهير في قمة شرم الشيخ عشية غزو العراق و لاينسون كما أسيادهم في الغرب وقفته الشريفة مع حزب الله في عدوان تموز الصهيوني الذي شنته إسرائيل بالوكالة عنهم وبالشراكة مع الحلف الواسع نفسه الذي قاد الحرب على سورية.

التحولات السياسية التي جرت في إطار المباحثات وقواعدها هي ثمرة تغير التوازنات في الميدان وآخر ما تبدى هو النصر السوري الكبير على عصابات الإرهاب متعددة الجنسيات في ريف اللاذقية حيث قطعت الأذرع التركية اللئيمة وتكاد تسد أبواب التدخل في وجه سلطان الوهم العثماني .

ثانيا المحطة الجديدة في المسار السياسي السوري هي ميدان صراع ضد حلف العدوان والقيادة السورية الخبيرة والمجربة واليقظة دائما متمرسة في خوض المعارك السيادية وتتقن التصدي للمعتدين بشجاعة الجنود والضباط والمواطنين أبطال الدفاع عن الوطن .

الدبلوماسية السورية التي كانت عصية على الخرق والشق في ذروة الإعصار الرهيب الذي استهدف الدولة الوطنية يميزها تراث مجيد أكسبها خبرة معترفا بها في مقارعة الصهاينة والأميركيين والرجعيين العرب طيلة أربعين عاما من الدفاع عن خيار المقاومة والصمود وعن استقلال سورية الوطني ووحدة ترابها وشعبها وهي اليوم جديرة بخوض معركة جديدة برصيد شعبها وقواته المسلحة وبثقة القائد المقاوم بشار الأسد الذي قدم مثالا نادرا في الشجاعة والابتكار والصلابة والحكمة .

أيا كان الموعد الفعلي سيخوض ممثلو الدولة الوطنية السورية : السفير الدكتور بشار الجعفري ورفاقه معركة الدفاع عن وطنهم وسيثبتون مرة اخرى حرص الدولة على لم الشمل دفاعا عن الوطن كما سيسقطون محاولات التسلل إلى البنيان السياسي السوري لضرب الاستقلال الوطني والوحدة الوطنية بوصفات خبيثة أعدتها مراكز التخطيط الأميركية للنيل من مبدأ علمانية الدولة ومن هويتها الوطنية المقاومة وهم يدركون أن المعركة طويلة متعرجة يملكون فيها زادا هائلا من الصبر والفطنة وبرودة الأعصاب وحزم الموقف ومن سيجادلهم فعليا هو جون كيري ومعاونوه من خلف واجهات الدمى فنصاب الصراع الفعليهو بين سورية والإمبراطورية الاستعمارية الأميركية ومنذ البداية التي ربما تعود تاريخيا إلى العام 2000 الذي شهد هزيمة إسرائيل الأولى وانتخاب الرئيس بشار الأسد خلفا للزعيم الذي بات اسمه رمزا لعقدة مزمنة ومتلازمة لدى وزراء الخارجية الأميركية إنها العقدة السورية التي تأصلت وتجذرت في السنوات الخمس عشرة المنقضية ولاسيما في سنوات الصمود العظيم.

ثالثا يتساءل كثيرون عن توقيت الخلاص الذي يتلهف إليه المتعبون من أبناء سورية والحقية ان صوت أبطال الجيش العربي السوري والمقاومين الزاحفين على الأرض هو أبلغ الأصوات على طاولات الحوار والتفاوض لأن هؤلاء يضعون تباعا بدمائهم نقاط النهاية في مسار العدوان ويدفعون دول العدوان الوحشي إلى اليأس وبالتالي إلى التنخلي عن تجريب المزيد من الأوهام عبر مد الإرهابيين والقتلة بمزيد من السلاح والمال والمرتزقة .

واثقة بالنصر الآتي تواصل سورية حربها من اجل الاستقلال الوطني ولتحرير ترابها من عصابات الإرهاب وادوات العدوان الاستعماري التي نشرت الموت ودمرت كل شيء إلا إرادة الصمود والمقاومة عند شعب صابر شجاع ودولة وطنية صلبة البنيان حاضنة لوحدة السوريين ولحقهم في الحياة بكرامة وبجيش باسل حقق المستحيل في إبداع فنون القتال ومغالبة الظروف القاسية ومع سورية أصدقاء وشركاء وأشقاء مخلصون يشاركونها ملحمة الصمود في وجه عدوان كوني تقوده الإمبراطورية الأميركية لتركيع الجمهورية المتمردة والعاصية التي رفع رئيسها راية المقاومة في وجه الحلف الاستعماري الصهيوني دفاعا عن حرية الشرق العربي وعن قضية فلسطين ورفض الخضوع لمشيئة المستعمرين الأميركيين بعد غزو العراق عندما دانت لهم دول وحكومات وسكتت قوى عظمى وظل واقفا ثابتا يتحدى ناطقا بلسان جميع السوريين الأباة وباسم العرب الشرفاء في كل مكان … إنها ملحمة تاريخية يعيشها العالم بأسره ويسطرها أبطال سوريون من ملايين النساء والرجال والأطفال والشيوخ الثابتين على جمر الخيار القومي التحرري بقيادة الرئيس بشار الأسد من اجل سورية أجمل وأقوى آمنة ومزدهرة ومستقرة …محصنة باستقلالها الوطني وبكرامة أهلها كما كانت على الدوام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى