مقالات مختارة

المرشح الثالث: ناحوم برنيع

 

أربعة مرشحين متصدرين في هذه اللحظة في الانتخابات الاولية للرئاسة الأمريكية، لا يتمتع أي منهم باجماع وطني. اثنان جمهوريان: الاول، دونالد ترامب، يتمتع بفم كبير وفظ وصفر تجربة في المواضيع المركزية التي توجد أمام حسم الرئيس؛ الثاني تيد كروز، ينتمي لآراء يمينية متطرفة ولا يطاق في سلوكه الشخصي. وهو يعتبر الرجل الأكثر كرها في مجلس الشيوخ. اثنان ديمقراطيان: الاول، بارني ساندرس، هو دوف حنين الأمريكي: يروج لسياسة اشتراكية في دولة تقدس الرأسمالية؛ الثانية، هيلاري كلينتون، ترمز في نظر ملايين الأمريكيين لكل ما هو شر وفاسد في السياسة في واشنطن. وهي تحمل على ظهرها حملا زائدا لقضايا من الماضي، وفيها القليل جدا من الطزاجة، والقليل جدا من البشرى.

هذه أنباء سيئة لكل من يتطلع بأمل إلى أقوى وأهم قوة عظمى في المعمورة. فالساحة السياسية الأمريكية تغرق في المشاكل. الحزبان، اللذان تميزا في الماضي بالبراغماتية والانفتاح الايديولوجي، يجتازان مسيرة هدامة من التطرف، ممثلوهما يجدون صعوبة شديدة في الحديث الواحد مع الاخر. اعضاء في جماعات الضغط، مليارديريون ونشطاء سياسيون متطرفون يملون جدول اعمالهم. والنتيجة هي الشلل المتواصل في اجهزة الحكم والتدهور في ثقة الجمهور. والاحساس العام هو أن نتائج الانتخابات للرئاسة في تشرين الثاني ليس فقط لم تحسن الوضع ـ بل ستفاقمه.

الجمهوريون يسيرون بكل القوة يمينا، الديمقراطيون بكل القوة يسارا. والفراغ الذي ينفتح بينهما غير قابل للجسر. على هذه الخلفية ظهرت مجددا الدعوات لصعود مرشح ثالث، يتمكن من التعبير عن الاراء والمزاج وسلم الاولويات لاغلبية الأمريكيين.

مثلما في إسرائيل، في أمريكا ايضا هناك توق لمرشح من الخارج، محرر من الضغوط السياسية الحزبية. في إسرائيل يبحثون عن جنرال، في أمريكا عن ملياردير. هذه المرحلة المتأخرة من السباق هناك شخص واحد يستطيع: مايكل بلومبرغ.

بلومبرغ، 74، هو واحد من أغنياء المعمورة. حسب مجلة «فورباس» تبلغ قيمة امواله قرابة 37 مليار دولار، المرتبة 14 في قائمة اغنياء العالم. وهو لا يحتاج لا للتبرعات ولا للمخصصات الحكومية. ليس لديه اي صعوبة، ولا حتى نفسية، ليمول حملة انتخاباته من جيبه. هكذا فعل عندما تنافس لرئاسة بلدية نيويوروك في 2001، وعندما عاد وتنافس على المنصب مرتين اخريين.

حتى 2001 كان بلومبرغ عضوا مسجلا في الحزب الديمقراطي. وقبيل تنافسه الاول لرئاسة البلدية اجتاز الخطوط إلى الحزب المنافس. اما اليوم فهو غير مسجل في أي من الحزبين.

لقد أعاد بناء نيويورك بعد العملية في البرجين التوأمين، ووقف على رأسها في سنوات طويلة من الازدهار الاقتصادي والثقافي.

وفرض على السكان الامتناع عن التدخين في الاماكن العامة، الابتعاد عن المشروبات كثيرة السكر وتقليص تلوث البيئة. مول حملة وطنية ضد التجارة الحرة بالسلاح.

بالمفاهيم الأمريكية يعد هو يساريا. من جهة اخرى فانه تصرف في محافظة مالية، أيد الحرب في العراق في بدايتها، وبالاساس كسب المليارات. اليمين يسجد للمليارديرات.

منذ انتخابات 2008 يتسلى بلومبرغ بامكانية التنافس على الرئاسة. احد اصدقائه المقربين، وهو ملياردير يهودي آخر، بشره عشية الانتخابات اياها بانه حسم أمره وانه سيتنافس. وعندها فحص بلومبرغ الميدان، استخلص بأن فرصه طفيفة وأوقف الحملة. وقد بدأ هذه المرة الاسبوع الماضي بفحص مشابه.

منذ أن تبلور النظام الأمريكي حول الحزبين لم يفز اي مرشح ثالث بالرئاسة. ومع ذلك، كان لدخول مرشح ثالث جدي تأثير على النتائج. في 1912 انقسم الجمهوريون، وكنتيجة لذلك انتخب رئيسا وودرو ولسون الديمقراطي؛ في 1992 حقق بروس برو قرابة 19 في المئة من الاصوات، وضمن عمليا انتصار كلينتون على بوش.

على الورق، يوجد لبلومبرغ هذه المرة فرصة. لهذه الدرجة مل الناخبون من اداء الحزبين، لهذه الدرجة يصعب عليهم ابتلاع المرشحين القائمين. إذا ما انتخب، فانه سيكون الرئيس اليهودي الاول للولايات المتحدة.

الولايات المتحدة ستكون يهودية وديمقراطية: ولست واثقا من أنهم في قيساريا سيحبون الفكرة.

التقيت بلومبرغ عندما زار إسرائيل في 2007. وقد تخلف وراءه انطبعا شديد: رجل ذكي، مجرب وذو رأي.

من الحديث معه أتذكر اساسا استفزازه لصحيفة «نيويورك تايمز» الرائدة في مدينته. فقد هاجمته الصحيفة غير قليل، وهو لم ينسَ ولم يغفر. في هذا الموضوع، على الأقل، يمكنه أن يجد لغة مشتركة مع رئيس وزراء إسرائيل.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى