أبو مازن: أنا لا أحرض: ناحوم برنيع
أبو مازن، 81 عاما يبدو في حالة ممتازة. وجهه لامع، ظهره مستقيم، كلامه قاطع. يخيل أن الانباء عن اعتزاله القريب وعن انهيار السلطة الفلسطينية، طوعا كان أم غصبا ملأته بروح قتالية. لقد درج ارئيل شارون على أن يقول في كل مرة يفكر فيها بالاعتزال انه ينظر إلى طابور اولئك الذين يرغبون في وراثته فيندم. ولا يمكن ان نستبعد امكانية أن يكون ابو مازن يجتاز مسيرة مشابهة. نبأ اعتزاله، قبل بضعة اسابيع، نشبت حرب وراثة بشعة في قمة حركة فتح. والضرر الهامشي، من ناحيته، كان المنافسة بين المرشحين على من هو معادٍ أكثر، كفاحي أكثر، تجاه إسرائيل. «أنا لا أعتزل»، قال لنا ابو مازن أمس.
لقد دعا إلى مكتبه في المقاطعة مجموعة من الصحافيين من وسائل الإعلام الإسرائيلية. وكالمعتاد لدى الفلسطينيين كان من الصعب حل اللغز ما هي الرسالة، ما هي الاحبولة، ولماذا الان بالذات. معقول الافتراض بان التقدير الذي خرج عن جهات إسرائيلية رسمية بأن السلطة الفلسطينية كفيلة بان تنهار قريبا، دفعت ابو مازن للرد. انتم تقولون اننا سننهار؟ فتفضلوا. ولعل كل ما يريده هو ان يعيد السلطة إلى جدول الاعمال الإسرائيلي، وفلسطين إلى جدول الاعمال الدولي.
«لا توجد مفاوضات بيننا وبين نتنياهو»، اوضح، «ولكن توجد اتصالات يومية بين المكتبين». وقد رفض القول من يجري الاتصال في الجانب الإسرائيلي، فهل قصد على أي حال المحامي مولخو أم منسق اعمال الحكومة في المناطق، اللواء فولي مردخاي، ولكنه أصر على أن الاتصالات تجري. الاسم الوحيد الذي ذكره كان اسم الوزير السابق سلفان شالوم. فقد قال: «كان يتصل بنا بين الحين والآخر». وعندما ذكرناه بانه استقال اضاف بابتسامة: «في الماضي».
هدف الاتصالات، حسب ابو مازن، هو ترتيب لقاء بينه وبين نتنياهو، وربما قبل ذلك لقاء تمهيدي على مستوى أدنى. «قبل شهرين توجهت لنتنياهو، وهو لم يعد الي»، قال. مكتب نتنياهو نفى أمس، ردا على اقواله، بانه تجري اتصالات. ويقول مكتبه ان «نتنياهو يريد استئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة. اما ابو مازن فيرفض».
وأكد ابو مازن بانه يطرح شرطين: تجميد البناء في المستوطنات وتنفيذ المرحلة الرابعة من تحرير السجناء. وقال: «هذه ليست شروطا مسبقة. كل الاسرة الدولية تقول ان البناء في المستوطنات غير شرعي ويتعارض مع قرارات الأمم المتحدة. وبالنسبة لتحرير السجناء هناك اتفاق وعلى حكومة إسرائيل أن تحترمه».
وأعلن عن هدفين سياسيين للفترة القريبة القادمة: انعقاد مؤتمر دولي للبحث في النزاع، في صيغة مؤتمر انابوليس في 2007، ويعمل المؤتمر على تحقيق مبادرة السلام السعودية، التي يؤيدها ابو مازن، والتوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، والذي سيتم عندما تقرر اللجنة التي عينتها الجامعة العربية عمل ذلك. وتضم اللجنة في عضويتها مصر، الاردن، المغرب، السلطة الفلسطينية وامين عام الجامعة.
نحن طرحنا البنود التي تزعج الإسرائيليين: موجة الإرهاب، التنسيق الامني، التحريض، المساعدة التي تعطيها السلطة لعائلات المخربين، رفض ابو مازن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
هو لم يبرر موجة الإرهاب: بل فسرها. بزعمه، الإرهاب اندلع الان بسبب: 1. غياب الافق السياسي؛ 2. هجمات المستوطنين، مثل قتل عائلة دوابشة؛ 3. قضية الاقصى. في هذه النقطة اتهم وزراء إسرائيليين بالاستفزازات في الحرم مما يحول النزاع من سياسي إلى ديني. تصريحات الوزراء تخدم أهداف منظمات الإرهاب العالمي التي تسعى إلى أخذ الرعاية للاقصى.
عباس قال ان السلطة تحترم اتفاق التنسيق الأمني، وشدد نحن نتعرض لكثير من الانتقاد بسبب ذلك ولكننا لا نهتم بذلك. وقال: «اليوم التنسيق قائم بكامله. نحن نمنع الإرهاب في مناطقنا ونمنع انتقال الإرهاب إلى إسرائيل. اما ما سيحصل غدا فلا اعرف». وكانت النبرة التي استخدمها خالية من أي تلميح بالتهديد.
لقد اصر على انه لا يحرض. وتحدث عن وجود لجنة مشتركة لمكافحة التحريض. نحن نريد ان نستأنف نشاطها ولكن إسرائيل ترفض. الرواتب التي يدفعها لعائلات المخربين واعمال التخليد للشهداء شرحها بقانون من عهد عرفات وبالثقافة الفلسطينية. وبالمناسبة روى ان السلطة تدفع رواتب لعائلة الفلسطيني الذي اعدم في فترة عرفات بتهمة التجسس لصالح إسرائيل. مثل الإسرائيليين، ابو مازن هو الاخر يعرف انه دوما توجد حكومة سابقة يمكن اتهامها.
وقال ان مطلب الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية هو ابتكار من نتنياهو والدليل هو ان إسرائيل لم تطرح مثل هذا المطلب على مصر والاردن عندما وقعت معهما على اتفاق سلام.
رام الله في الليل هي مدينة لا مبالية، لا مبالية مثل تل أبيب. الشوارع الرئيسة مليئة بالسيارات، يافطات النيون للمحلات مليئة بالعبارات الانجليزية. مثل تل أبيب، ناقص العمليات. هذه ايضا رسالة مشوقة خرجت من اللقاء مع ابو مازن.
يديعوت