مطلوب معلمة روضة: ناحوم برنياع
نبدأ من النهاية: كلاهما صبيانيان ـ نفتالي بينيت، الذي هاجم نتنياهو ويعلون وكأنه ليس عضوا في الكابنت وشريكا في السياسة وقصوراتها، وبوغي يعلون ايضا الذي شعر بالاهانة ورد الهجوم بالهجوم. عندما سمعت أمس خطابي الرجلين، في الندوة السنوية في معهد بحوث الامن القومي، ما كان بوسعي إلا اشتاق، ولو للحظة، لارئيل شارون. لدى شارون ما كانت بينيت ليتجرأ؛ ولو كان تجرأ لاقيل، او للاسف، لنال توبيخا رسميا، باردا كالثلج، كان سيضعه في مكانه.
لدينا وفرة من الوزراء والحراس والسيارات الفاخرة زواميرها هي الاقوى في العالم؛ وليس لدينا حقوق.
بينيت صعد إلى منصب الخطابة، بينما في الخلفية توجد الضائقة المتزايدة لناخبيه، سكان المستوطنات، ممن تمس احداث الإرهاب في الاشهر الاخيرة اساسا بهم. احساس امن السكان اولئك تضرر وخابت ايضا التوقعات للاعلان عن مستوطنات جديدة او اعمال عقابية ضد السكان الفلسطينيين.
تبدأ موجة الإرهاب بجباية ثمن سياسي: فالحكومة تعتبر في نظر الجمهور عديمة الوسيلة. وعلى الاصوات التي يفقدها نتنياهو في الاستطلاعات يهجم بينيت وليبرمان كالصقور. هذا هو الثأر الصغير على الاصوات التي أخذها منهما نتنياهو في يوم الانتخابات.
بينيت سار على المضمون. فقد عرف بانه عندما تعتمد الحكومة على أغلبية طفيفة في الكنيست فان قدرة رئيس الوزراء على ان يفرض ضبط النفس على وزراء محدودة. يمكنه أن يقول للسفير الأمريكي انه ليس لطيفا مهاجمة الحكومة في اليوم الذي تقع فيه ضحايا للإرهاب، ولكنه سيحذر من أن يفعل ذلك لوزير عاق. بكلمات اخرى، مسموح العربدة.
وقد عربد بينيت. اتهم نتنياهو ويعلون ـ وسماهما «القيادة السياسية» ـ بالجمود الفكري، ووصف سلوكهما بانه «الخطر الاكبر على امننا». انتبهوا: ليس إيران، ليس داعش، ليس حماس، ليس إرهاب الافراد، ليس الجمود السياسي هي الخطر الاكبر على امن اسرائيل. الخطر هو نتنياهو ويعلون. مثل هذا الاتهام سمعناه حتى اليوم من المتحدثين اليساريين فقط. فهل يحتمل أن تكون حملة الدسيسين التي خاضها اليمين قد فوتت الدسيس نفتالي بينيت؟
بعد 11 ساعة من بينيت صعد يعلون إلى المنصة ذاتها. وفي خطابه استعرض وضعنا الامني وأضاف عدة عبارات مشوقة عن وضعنا القيمي. الهجوم على بينيت، دون أن يذكر اسمه، ابقاه إلى النهاية. وقلة الافكار التي طرحها بينيت كما ادعى يعلون، سمعها في الكابنت على لسان آخرين، وتبناها لنفسه. «هذه ثقافة سلطوية سيئة، عدم مسؤولية وصبيانية»، قال. هكذا تصرف بينيت ايضا في حملة الجرف الصامد.
الانتقاد للمواجهة مع موجة الإرهاب هو شعارات فارغة، ادعى يعلون. كل غايته هو الحصول على الاعجابات في الفيس بوك. وفصل: لا يوجد سبب لحملة من نمط السور الواقي في الضفة، إذ خلافا للوضع عشية الحملة اياها، فان ايدي الجيش الاسرائيلي حرة الان. فهو يمكنه أن يعمل في وحدات صغيرة، وليس في فرق، على الارض، وليس من الجو. إذا فرضنا اغلاقا على سكان الضفة فاننا سندفع السكان إلى اذرع الامن.
يعلون هو رجل قيمي. استقامته شاذة ايجابا في مشهدنا السياسي. فهو لن يدس يده في صندوق الدولة، لن يستغل موظفيها لاغراضه الخاصة. لن يأخذ رشوة، لن يتحرش ولن يتبجح. وقد رأى من السليم ان يكرس جزءا من خطابه امس للقيم الاخلاقية التي يتوجب على الدول الحفاظ عليها، من احترام حقوق الفرد وحقوق الانسان وحتى تنمية الاقليات، الحفاظ على مكانة المحاكم والكفاح ضد التحرشات الجنسية.
لقد روج لكل الامور الصحيحة هذه، واغمض عينيه عن رؤية أن السيطرة المستمرة على شعب آخر تقضمها حتى النهاية. بهذا الفهم فان صبيانته لا تختلف كثيرا عن صبيانية بينيت. كلاهما مدمنان على الشعارات. واحد يتحدث عن مشاكل استراتيجية وكأنه مرشد في خلية لبني عكيفا. والثاني يتحدث عن مشاكل أخلاقية وكأنه مرشد في خلية الشبيبة العاملة والمتعلمة. حان الوقت للنضج، ايها الوزراء المحترمين.
يديعوت