بقلم ناصر قنديل

قبل التفاصيل اللبنانية… قطر وراء جعجع؟

nasser

ناصر قنديل

الموافقة الأميركية أو التسهيل أو الإيحاء أو التوجيه الأميركي لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في تبنّي ترشيح العماد ميشال عون، مؤكد بالمعلومات، مثلما كان مؤكداً أنّ واشنطن منحت موافقة أو أوحت أو سهّلت أو وجّهت الرئيس سعد الحريري لتبنّي ترشيح النائب سليمان فرنجية، لكن ما ليس واضحاً في الحالتين هو ما تريده واشنطن بالتحديد، فالترشيحان مفخّخان بعناصر التعطيل، وفي طريق نجاح أيّ منهما في صناعة الرئاسة عقبات كثيرة لا يبدو تذليلها سهلاً، والنتيجة اللبنانية قد تكون مراوحة رئاسية، وقد تتحوّل إلى منافسة رئاسية، وأضعف الاحتمالات أن تنتج دينامية توافقات شاملة لا تخرج بمنتصر ومهزوم، وبين الاحتمالات أن تتحوّل إلى بوابة لمرشح ثالث، بعد القول لقد منح كلّ المرشحين أعلى فرصة متاحة لتثقيل فرصته الرئاسية .

الجديد في الترشيح هو ما قاله وزير خارجية قطر الذي أشاد بخطوة جعجع ووصفها بالتعبير عن المصلحة الوطنية اللبنانية، في تصريح تحدّث خلاله عن تأييد الدور الروسي في سورية، واصفاً إياه بالأمل الوحيد لتسوية سياسية، آملاً بتسوية الخلاف التركي الروسي قريباً، متحدّثاً بصورة إيجابية عن إيران، وهذا الكلام القطري يأتي بالتزامن مع العلاقات الإيجابية لقطر مع إيران والخطوط التي كشفت عملية تبادل العسكريين المخطوفين مع «جبهة النصرة» أنها مفتوحة بين أمير قطر وحزب الله.

يأتي هذا الكلام القطري بعد صمت طال لأكثر من سنة عن أيّ خطاب متمايز عن السعودية، وقبول رضائي بالانضواء تحت عباءتها تفادياً لغضب حكامها، في ظلّ غياب التغطية الأميركي التي تحتاجها قطر للعبة التمايز، والتي توافرت مع بداية ما سُمّي بـ«الربيع العربي» ومشروع العثمانية الجديدة وعنوانه المتمثل بالإخوان المسلمين، واختفت بعد الإخفاق الذي مُنيَ به المشروع وانتهت بترحيل مهين للأمير الأب ورئيس حكومته ووزير خارجيته، لتبدو اليوم في إطلالتها الأولى من بوابة الردّ الأميركي على العناد السعودي تجاه صناعة التسويات.

كلام الوزير القطري يؤشر إلى عودة الدور القائم على الوساطات الذي تتطلع إليه قطر، وملاقاتها لحاجة جعجع لسند مالي بديل عن السعودية، لسلوك خيار يضعه في قلب التسويات، ويفتح الباب على مسار طويل من التفاوض تتطلع الدوحة لتكون عاصمته، يكون مدخل جعجع لحجز مقعد متقدّم فيه هو ترشيحه لعون دون أن يكون الترشيح خاتمة الخيارات الرئاسية لجعجع، فمشروع دوحة لبنانية يستدعي جولات من الصراع والفراغ والاحتباس السياسي وليس سيراً بسلاسة نحو الحلول، مشروع ينتظره أمير قطر الشاب وبدأت خطوته الأولى مع جسور ممدودة نحو طهران وحارة حريك، وعين التينة والمختارة، ولا مشكلة مع سعد الحريري كما لم تكن مشكلة قبل أعوام في الدوحة اللبنانية الأولى.

بالتزامن مع مسار حلحلة في سورية تبدأ بتسوية تركية روسية، تباركها واشنطن وتجنّد لها قطر، تحضير لبنان للتفاوض الطويل قبل إنتاج الرئاسة العتيدة، وتمهيد بداعي الانشغال اليمني لخروج سعودي من المعادلتين اللبنانية والسورية يستشعره الحريري منذ ما قبل ترشيحه لفرنجية.

– أرادت واشنطن تعويم قطر، قبل تعويم جعجع وتعويم ترشيح عون، ويبدو أنّ علينا المزيد من الانتظار، والقبول بحقيقة أننا مختبر التسويات ومسارات التفاوض ولم يجهز ملفنا بعد على طاولة الحلول، ولا زالت الحاجة إلى الكثير من الوقت قبل أن يكون لنا رئيس.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى