اليمن: شروط جديدة لاستئناف الحوار حميدي العبدالله
أكد الناطق باسم حركة أنصار الله، أنّ الحركة لن تشارك في جولات الحوار التي ترعاها الأمم المتحدة إنْ لم يسبق ذلك وقف للعمليات العسكرية.
واضح أنّ ثمة خلافاً جذرياً بين الطرفين حول شروط بدء الحوار. المملكة العربية السعودية وحلفاؤها يرفضون وقف القتال، ويدعون إلى مواصلة الحوار إلى أن يتمّ التوصل إلى اتفاق، وبعد ذلك يتمّ وقف العمليات، أيّ أنهم يريدون التفاوض تحت ضغط النار والحصار على أمل أن يقود ذلك إلى دفع حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي والقوى المؤيدة لهما لتقديم تنازلات كبيرة، باعتبار أنّ الحصار والقصف والقتال البري هي الوسائل التي يمتلكها تحالف السعودية لتحقيق ما يصبو إليه، لا سيما لجهة عودة النفوذ السعودي إلى المناطق التي خرج منها، ولا سيما في العاصمة اليمنية، وعلى أن يقود ذلك إلى التزام حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي بالتفسير السعودي للتفاهمات التي نجمت عن حوارات سابقة رعتها الأمم المتحدة، قبل سقوط صنعاء وغالبية مدن الشمال تحت سيطرة تحالف المؤتمر الشعبي المؤيد للرئيس علي عبدالله صالح وحركة أنصار الله.
يبدو أنّ جولة الحوار الأولى الفاشلة كانت اختباراً لهذه الاستراتيجية الجديدة المعتمدة من الرياض، حيث لم تصمد حتى الهدنة الإنسانية التي تقرّر أن تكون مدّتها أسبوعاً واحداً، إذ استمرّ القتال كما استمرّ القصف الجوي على ما كان عليه الوضع قبل الإعلان عن الهدنة الإنسانية.
حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي أدركا مرامي هذه الاستراتيجية السعودية، ولذلك غيّرا مواقفهما من الحوار. فقبل الجولة الأولى كانا يطالبان بالحوار من دون أيّ شروط، لكن لوحظ الآن أنهما يضعان شروطاً لهذا الحوار، ومن بين هذه الشروط وقف القتال ورفع الحصار، وبعد ذلك يبدأ التفاوض، فهل يتراجع أنصار الله والمؤتمر الشعبي عن موقفهما هذا ويقبلان بالحوار في ظلّ استمرار القتال؟
لا يبدو ذلك ممكناً لأنهما عرضة لضغوط من قواعدهما الشعبية بسبب الأذى الذي تلحقه الغارات الجوية في مناطق عديدة، ولا سيما المناطق التي تشكل معاقل لأنصار الله، مثل صعدة وغيرها.
بعض المؤشرات تؤكد أنّ الأمم المتحدة ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية مدركتان لهذه الوقائع، لذلك بدأتا حملة لتجريم الحملة الجوية السعودية ضدّ اليمن، عبر كشف منظمات حقوقية، هي أذرع للسياسة الخارجية الأميركية، مثل «هيومن رايتس ووتش» التي أدانت السعودية لاستخدامها القنابل العنقودية، والتصريحات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة التي بدا أنها تحمّل السعودية المسؤولية عن كثير من الكوارث التي حلت باليمن. حملة التجريم هذه هدفها الضغط على السعودية لتليين موقفها، والالتزام على الأقلّ بهدنة موقتة لتمكين الجهود الدولية من تذليل العقبات التي تعترض استئناف الحوار، والأرجح أن تنجح هذه المحاولات في وقت غير بعيد.
(البناء)