بقلم ناصر قنديل

هل يجعلنا ترشيح جعجع لعون أقرب للرئاسة؟

nasser

ناصر قنديل

– الكتل الناخبة الكبرى في مجلس النواب هي كتلة المستقبل وتكتل التغيير والإصلاح وتحالف كتلتي أمل وحزب الله، فالرئاسة بين رباعي يتكوّن من العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، وقلب الاستحقاق الرئاسي يمثله السيد حسن نصرالله، كضرورة يحتاجها التكتلان الحليفان الكبيران ليلتقيا حوله، كما يحتاج قبوله التكتل الثالث الأكبر والخصم لكن لينجز رئاسة تبصر النور.

– الواضح أنّ محور الحركة السياسية المتصلة بالرئاسة تدور حول هذه الكتل الثلاث، وكلها تخاطب السيد نصرالله مباشرة، فترشيح النائب سليمان فرنجية من الرئيس سعد الحريري يخاطب السيد نصرالله بعرض تبنّي حليف بدلاً من حليف، لكنه يهدّد وحدة تكتلين حليفين بالانفراط، وترشيح سمير جعجع للعماد ميشال عون يخاطب السيد نصرالله مباشرة، لكنه يهدّد التكتلين الحليفين بوحدتهما وتماسكهما أيضاً، عدا عن كونه ينتج عزلاً لحليفه التقليدي الذي يقود الكتلة الثالثة التي يترأسها الحريري لأنه يعرض عليه الهزيمة فقط.

– مجموعة حقائق هادئة يفرزها الترشيحان، أولها تكريس مرجعية السيد نصرالله في حسم الملف الرئاسي، اختياراً بين الترشيحين أو تأجيلاً للاستحقاق، وثانيتها أنهما يضعان الرئيس الحريري بين خيارين صعبين: السير من موقع المتلقي لا الصانع للرئاسة أو التعطيل من موقع الفيتو المذهبي الصعب أو خوض مغامرة السير بترشيح فرنجية مهما كانت النتيجة، أما ثالثتها فتكريس مرجعية الرئيس من ضمن حلفاء حزب الله وسورية ومحور المقاومة، مقابل رئاسة الحكومة للفريق المقابل، ورابعتها أنّ اللحظة الدولية الإقليمية للرئاسة تنضج لخلط أوراق يرتسم معه أفق الرئاسة اللبنانية في قلب الصورة الجديدة للشرق الأوسط من بوابة الجواب عن سؤال، ماذا تريد واشنطن من لبنان؟

– هل تريد واشنطن باستخدام حلفائها لترشيح حلفاء حزب الله بالتناوب، اختبار قدرتها على عزله عنهم وتفتيت ساحته، وخلط الأوراق لمصلحة تفتيت سياسي وتشنّج طائفي ومذهبي، تماشياً مع منهجية العقوبات والعزل والتضييق، وصولاً لشيء ما تعدّه «إسرائيل» من ضمن التنسيق مع واشنطن بعد تفاهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي باراك أوباما على مماشاة سياسة التسويات الإقليمية، ضمن معادلة حصر الحرب باستهداف حزب الله، ويكون كلّ ما نشهده مقدّمة حرب «إسرائيلية» تتوافر عملية تنسيق وتحضير أمنية لوجستية لها تحت عباءة الحلف الذي أعلنه محمد بن سلمان للحرب على الإرهاب، وتحوّل مع اغتيال الشهيد سمير القنطار إلى غرفة عمليات للتنسيق الأمني والمخابراتي ضدّ حزب الله، انتهاء بجدار دولي يعقب حرباً قصيرة ليحمي فك الاشتباك بين المقاومة وسورية من جهة وقوات الاحتلال في جنوب لبنان والجولان من جهة مقابلة، ولو اقتضى انسحاباً «إسرائيلياً» من مزارع شبعا، وإشراكاً لروسيا بمراقبين في القوات الدولية؟

– أم أنّ واشنطن تختبر شيئاً آخر، هو فرص التشبيك مع حزب الله، على خلفية التفاهم مع إيران، وهو تفاهم يبدو واضحاً أنه لم يعد نووياً فقط، وهو تفاهم تعرف واشنطن أنّ أهميته بمساحة تأثيره الأوسع من حدود الثنائية الأميركية الإيرانية، ليطال رسماً جديداً لخريطة التوازنات في المنطقة، فيكون الهدف هو التسليم بالعجز عن تأمين شراكة «إسرائيلية» ـــ سعودية ــــ تركية في التسويات الإقليمية لأسباب مختلفة، فوضعت أميركا يدها مباشرة مع إيران لصناعتها، وهي تعلم أنها تحتاج الحفاظ على وجود حلفائها ومصادر قوتهم، لكنها تدرك أنّ سياسات إيران وتوجّهاتها الأشدّ واقعية منهم تتيح فرص تسويات لا يتحمّلون تبعاتها، كما أنّ التفاهم مع إيران له سقف هو ربط النزاع لا التفاهم على ملفات المواجهة في الخليج ومع «إسرائيل» مع الالتزام بالابتعاد المتبادل عن الحروب الكبرى، ووضع ضوابط عدم الانزلاق إليها كلّ من ضمن تحالفاته وخياراته، وفي هذه الحال هل يكون سعي واشنطن لاختبار فرص التقرب من حزب الله ترجمة لهذا التوجه، بداية من تشجيع الحريري على التفاهم مع العماد عون، ومن ثم تشجيعه على ترشيح فرنجية، وأخيراً تشجيع جعجع على ترشيح عون؟

– تداول الرئاسة من خارج منظومتين متماسكتين مختلطتين طائفياً لكلّ من الثامن والرابع عشر من آذار، إعلان لنهايتهما عملياً كمنظومتين لإدارة الأزمة اللبنانية، وخلطاً للأوراق يبشر بسلام كبير أو بحرب كبيرة، والجواب في إنتاج رئيس أم في دفع الاستحقاق نحو المزيد من التعقيد، فهل ستشجّع واشنطن الرئيس سعد الحريري على التقاط الفرصة والسير بالعماد عون أم «ستتفهّم» مقاطعته للجلسة وتقديم عنوان ميثاقي لتعطيلها هو غياب مكوّن تأسيسي عنها، وكيف ستتعامل عبر صديق «جيف» الدائم النائب وليد جنبلاط بإعلانه أننا أمام اصطفاف حرب أهلية لا ينتج رئاسة جمهورية، أم أننا أمام تحوّل يبشر بالعقلانية السياسية سنتعامل معه بالمثل؟

– السؤال الكبير هل الرئاسة اللبنانية تسير بمن حضر وبتسارع ملاقاة جنيف السوري بمن حضر، أم تنتظر لتسير بالتوازي مع استحقاق الرئاسة السورية بعد عامين، وحتى ذلك الحين حروب استنزاف صغيرة وتسجيل نقاط؟

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى