مقالات مختارة

هل أنا خاسر؟: شمعون شيفر

 

الان، بعد أن رفعت العقوبات، يعدوننا في ديوان رئيس الوزراء بان تتابع إسرائيل بعناية تنفيذ تفاصيل الاتفاق بين إيران والقوى العظمى. وبهمس يضيفون بان رئيس الموساد الوافد، يوسي كوهن سيوجه رجاله لتصعيد الجهود للكشف عن محاولات نظام آيات الله لانتهاك الاتفاق.

للحقيقة، لو لم تكن النكتة على حسابنا، لمتنا من الضحك. ولكن هذا ليس ضحكا. في دولة سليمة، بعد فشل على هذا المستوى كالفشل الذي أوقعه نتنياهو بنا في كل ما يتعلق بحربه ضد الاتفاق مع إيران، كان ممكنا أن نتوقع منه ان يعيد المفاتيح وان يستقيل.

كان يمكن الافتراض ايضا بان يخرج صوتا ما من حكومته او من قادة احزاب المعارضة للمطالبة على الاقل بتشكيل لجنة تحقيق رسمية لفحص السياقات التي أدت إلى ذلك: من فشل إلى فشل في كل مفترق لاتخاذ القرارات في الصراع لمنع الاتفاق، وعلى الاقل في ادخال عناصر كانت ستحسن من ناحيتنا التفاهمات التي تحققت مع إيران.

وبسبب الخوف المعروف لدى نتنياهو من لجان التحقيق بصفتها هذه، كان ممكنا ان نعد بصيغة لجنة تحقيق لا تقطع استنتاجاتها الرؤوس بل تكتفي بتوصيات حول طرق العمل في المستقبل.

وهاكم بعض الحقائق التي يمكنها أن تساعد لجنة التحقيق التي لن تتشكل: 28 مليار شيكل استثمرتها حكومة نتنياهو في الاعداد للهجوم على المنشآت النووية الإيراني، التي حتى بعد الاتفاق مع القوى العظمى بقيت على حالها. والتهديدات على لسان الناطقين الحكوميين في ان إسرائيل ستعمل بقوة على تعطيل المنشآت النووية اصبحت هباء منثورا.

إيران، كما درج نتنياهو على القول في كل فرصة وقعت له في طريقه، تشكل تهديدا وجوديا على إسرائيل.

أحقا؟ اسألوا رئيس الاركان آيزنكوت، رئيس الموساد السابق باردو او رئيس المخابرات يورام كوهن، والذين سيقولون لكم صراحة ان إيران لا تشكل تهديدا على وجود إسرائيل.

وفقط في لجنة تحقيق كان يمكن استيضاح الامور التي طرحت في مداولات الكابنت، والتي اختلف فيها قادة جهاز الامن مع التصريحات المخيفة والجارفة لنتنياهو.

وثمة ايضا نتائج عملية للفشل. فالادارة الأمريكية طلبت من نتنياهو في الاشهر التي سبقت انهاء الاتفاق أن يأخذ نفسا، ويأتي إلى واشنطن لاجراء حوار سري على تلقي تعويض استراتيجي يضمن أمن الإسرائيليين في ضوء الاتفاق المتبلور. اما نتنياهو فاختار مواصلة المواجهة مع ادارة اوباما ومحاولة الحاق الهزيمة بالرئيس في الكونغرس.

وكانت النتيجة أن انتصر اوباما في المعركة في الكونغرس ايضا وما وعد به الأمريكيون قبل التوقيع على الاتفاق لم يعد قائما.

مع كل المعرفة العميقة لنتنياهو لثقافة الحكم في أمريكا فانه فشل في فهم التلميحات التي بثت اليه من واشنطن. والان، إذا ما تحدثنا بلغة شعبية، يقول الأمريكيون له: ابحث عنا في الزاوية. لم تعد هناك وعود للتعويض والتي تضمنت منح تكنولوجيات لا تحصل عليها أي دولة من الولايات المتحدة.

والإسرائيليون يلاحقون زملاءهم الأمريكيين ويتنقلون من لجنة إلى لجنة. وثمة بالطبع اسطورة الـ «نحن مسؤولون عن فرض العقوبات على إيران»، والتي نجح نتنياهو والناطقون بلسانه في زرعها في الوعي العام. اما الحقيقة فمختلفة تماما: كانت ايام استخف فيها نتنياهو بفكرة العقوبات. ارئيل شارون وايهود اولمرت، إلى جانب رئيس الموساد مئير دغان، صبوا مضمونا أكبر في بلورة العقوبات ضد إيران من نتنياهو، الذي جاء ليجد الامور جاهزة.

لقد انتصر روحاني وظريف على نتنياهو في المعركة التي كانت لها آثار لا يمكن ان نعرف عمقها على مستقبل المنطقة. ولو كان رئيس الوزراء يسأل باستقامة السؤال الاسطوري المنسوب لشمعون بيرس: أأنا خاسر. وكان حظي بذات الجواب: نعم، أنت خاسر.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى