زيارة قائد الكتيبة للمخرب:عاموس هرئيل
حصل مخربون فلسطينيون معتقلون في إسرائيل في الشهر الماضي بعد القاء القبض عليهم اثناء تنفيذ عمليات أو محاولة لتنفيذ العمليات في موجة العنف الحالية، على زيارات مفاجئة داخل السجن: قادة الكتائب في الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وصلوا إلى اللقاءات بتوجيه من القيادة الوسطى في محاولة لفهم خلفية اعمال الشبان الذين يتم وصفهم بـ «المخربين الافراد» بدون انتمائهم إلى تنظيم. سئل المعتقلون حول الدافع المباشر لقرار تنفيذ العملية. لماذا اختاروا الأداة والهدف المحدد وما هي الاستعدادات العسكرية التي لاحظوها في المكان الذي عملوا فيه ـ وغيرها من الاسئلة التي قد تساعد الاجابة عليها الاجهزة الأمنية في كبح العنف بشكل افضل.
مقابلات مشابهة وبعدد اكبر قام بها رجال استخبارات القيادة الوسطى وضباط مكتب منسق شؤون المناطق بعد الانتهاء من التحقيق مع المعتقلين في «الشباك». تعكس هذه اللقاءات شيئين: الاول، في كل مقابلة مع ضابط رفيع المستوى يتضح أننا أمام ظاهرة طويلة الامد. الثاني، تحسين السلوك التكتيكي للقوات في الميدان يساعد على تقليص عدد المصابين (ويساعد ايضا على تقليص محاولات العمليات)، لكن التعامل الحالي بعيد عن أن يكون كاملا لا سيما في مجال الاستخبارات. رغم اتخاذ خطوات لتحسين الاطلالة الإسرائيلية على الشبكات الاجتماعية في اوساط الجمهور الفلسطيني، إلا أن النتائج التي تحققت قليلة نسبيا. بين فينة واخرى تم الوصول إلى تحذيرات عن نوايا لعمليات بالذات في الفيس بوك، لكن لدى الاغلبية المطلقة للمخربين كان الجيش يلتقي بهم في ساحة العملية ولاغلبيتهم لم يكن ماض أمني قبل العملية.
الكثير من المخربين الذين تمت مقابلتهم اجابوا على اسئلة الضباط. منفذو عمليات الدهس مثلا قالوا إنهم قرروا استخدام السيارة بعد أن لاحظوا أن معظم حاملي السكاكين لا ينجحون في تحقيق هدفهم ويصابون دون قتل الجنود أو المواطنين. وكان بارزا اختيار اماكن احتكاك معينة والتي نلاحظها في احصائيات العمليات: أكثر من 60 في المئة من الهجمات في الضفة حدثت في سبعة اماكن معروفة منها مفترق غوش عصيون، مفترق بيت عينون شمال الخليل والمستوطنة اليهودية في الخليل. الطاعنون يحاولون الحاق الضرر برموز الاحتلال الإسرائيلي والانتقام ايضا ـ العودة والعمل في الاماكن التي قتل فيها مخربون في السابق.
تفسيرات المخربين لدوافعهم تغيرت على مدى الاشهر الاخيرة بشكل يجد تأكيده في التحليل الاستخباري لظواهر اخرى في الميدان. في تشرين الاول الماضي كانت القدس والخوف على مصير المسجد الاقصى هي الاعتبارات المركزية لخروج العمليات. في تشرين الثاني تحررت أجواء عامة حول التحضيرات للانتفاضة الثالثة وأصبحت الهجمات جزءً من خطوة أوسع. في كانون الاول تم الحديث عن الالهام والتقليد لمخربين سابقين.
في الاسابيع الاخيرة كان السبب الاساسي الذي وقف وراء العمليات هو الانتقام لموت مخربين آخرين، اقرباء عائلة أو معارف من القرية أو الحي، لا سيما على خلفية الادعاءات في الضفة أن إسرائيل تقوم بتصفية الشباب الفلسطينيين حتى بدون محاولة تنفيذ العمليات. من اللقاءات الاخيرة في السجون تبين أنه أكثر من الماضي فان الوضع الاقتصادي يؤدي إلى خيبة أمل وضائقة شخصية. ولدى شباب كثيرين فان العملية والتضحية بالنفس هي طريقة للطهارة والحصول على التأييد من قبل الجمهور.
ثلث المخربين من الضفة الذين اعتقلوا أو قتلوا حتى الآن هم من الخليل. وعدد كبير من العمليات في مفترق غوش عصيون نفذ من قبل سكان القرى في شمال الخليل. تأتي رام الله في المرتبة الثانية بعد الخليل، طولكرم وقلقيلية هادئتين نسبيا. عدد المخربين من مخيمات اللاجئين في جميع المناطق قليل. ويتضح تراجع عدد المشاركين في المظاهرات العامة. وظهر في الشهر الاخير تراجع بطيء في عمليات الطعن والدهس، رغم أنه حتى يوم الخميس سجلت هذا الاسبوع اربع عمليات طعن. ويبدو هناك تصاعدا واضحا في عمليات اطلاق النار كعمل افراد وليس خلايا إرهابية منظمة.
جنود الجيش الإسرائيلي هم الاهداف اكثر من المواطنين الإسرائيليين. ويعتقدون في الجيش الإسرائيلي أن الموضوع الايديولوجي غير موجود هنا. بل نتيجة استعداد دفاعي أفضل. في مفترق غوش عصيون مثلا أحضرت لبضعة اسابيع وحدة مغلين الخاصة من اجل فرض الامن بصورة جديدة على ضوء زيادة العمليات. ومنذئذ يواجه من يحملون السكاكين الجنود عن بعد دون تعريض حياة المواطنين للخطر. جنود الاحتياط الذين يوجدون في المفترق قتلوا في الاسبوع الماضي اربعة شباب فلسطينيين اثناء محاولتي طعن. كجزء من العمل الجديد، زاد الجيش من عدد الحواجز الفجائية في شوارع الضفة. وفي حالتين خرج مخربون مسلحون من داخل السيارات التي توقفت في الازمة أمام الحاجز الفجائي وبدأوا باطلاق النار. وفي الحالتين قتل المخربون.
يتبين من تحليل القيادة الوسطى أن خيبة الأمل الفلسطينية بارزة على ضوء صعوبة التسبب بخسائر كبيرة في الطرف الإسرائيلي. قد تكون هذه خلفية الاستخدام الزائد للسلاح ومحاولة حماس تشجيع الانتفاضة المسلحة لتشمل عمليات اطلاق نار وعبوات وخطف جنود. بعد اندلاع الاحداث بفترة قصيرة فهم الجيش أنه يوجد وضع جديد هنا. والسؤال المركزي كان هل نتوقع تصعيدا متواصلا يزداد خطورة أو موجات تتصاعد وتهبط. في الوقت الحالي يبدو أن الاتجاه هو الصعود والهبوط. لكن أحدا في الجيش و»الشباك» لا يخدع نفسه بأن الانتفاضة الثالثة ستختفي قريبا مثلما جاءت بشكل مفاجيء في بداية تشرين الاول.
حاليا في غزة
عمل سلاح الجو أول أمس بشكل نادر نسبيا في حدود القطاع: تم الكشف عن خلية فلسطينية وهي تقترب من الجدار في شمال القطاع على شاطيء البحر وتضع عبوتين ناسفتين من اجل الحاق الأذى بدوريات الجيش الإسرائيلي التي تمر على طول الجدار. طائرة إسرائيلية قامت باطلاق صاروخ نحو الخلية فقتل واحد وأصيب ثلاثة. حسب التقارير من القطاع فان المصابين كانوا اعضاء احدى التنظيمات الجهادية المتطرفة التي تعمل باستقلالية. هذه هي الحادثة الثالثة التي توضع فيها عبوات على طول الجدار في الاشهر الاخيرة وهي تنضم إلى اطلاق الصواريخ المعدودة من القطاع مرة كل بضعة اسابيع.
سلطة حماس في غزة تستمر في التعامل الغير ثابت ضد هذه المنظمات التي يعمل بعضها بايحاء من داعش والبعض الآخر يقيم علاقات مع التنظيم في سيناء وعلى الاغلب تقوم حماس بكبح التيارات الجهادية التي تعكس هجماتها على طول الحدود تحريضا على نظام حماس، وكأن حماس نسيت مقاومة إسرائيل. وفي الاغلب تحدث اعتقالات في صفوف هذه التنظيمات. لكن يبدو أن حماس تسمح لهم بالاطلاق نحو إسرائيل كطريقة للتهديد غير المباشر. والنظام في غزة يستمر في التعاون مع «ولاية سيناء» في رعاية مخازن السلاح في سيناء واحيانا في علاج الجرحى من سيناء، هذا رغم احتجاج مصر.
رغم أن التنظيمات الصغيرة قادرة على اشعال الساحة إلا أن الاهتمام الامني الإسرائيلي ينصب على حماس. جاء في صحيفة «هآرتس» هذا الاسبوع أن التقديرات هي أن حماس قد أعادت اصلاح جزء كبير من الانفاق الهجومية التي أصيبت في الحرب الاخيرة في صيف 2014، وأنه يبدو أن بعض هذه الانفاق تم حفرها تحت الحدود إلى داخل إسرائيل. يقوم الجيش باتخاذ خطوات مواجهة عن طريق اختبار حلول تكنولوجية جديدة للكشف عن الانفاق على طول الحدود.
هآرتس