عُشر الأتراك لا يعتبرون تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تنظيماً إرهابيا: تسفي برئيل
ساحة السلطان أحمد ومحيطها هي أحد المواقع السياحية المرغوبة في اسطنبول. على مسافة قريبة منها توجد السوق القديمة والمسجد الازرق الفاخر ومئات المحلات والمطاعم ـ جميعها مملوءة بالسياح من جميع أنحاء العالم. وهي من أكثر الاماكن حراسة في المدينة حيث يتجول فيها كثير من رجال الشرطة. في مقابل العمليات السابقة في الدولة، في مدينة سوروتش في جنوب شرق الدولة وفي المحطة المركزية في أنقرة التي قتل فيها أكثر من 100 شخص، التي كان الهدف فيها الاكراد ونشطاء حقوق الانسان، فان الهدف هذه المرة كان مختلفا.
المخططون للعملية، حسب اعلان الحكومة المنفذ هو نشيط من داعش من أصل سوري، ارادوا الحاق الضرر بهذا الموقع السياحي بشكل خاص والسياحة في تركيا بشكل عام، مثل اسقاط الطائرة الروسية في شرم الشيخ في مصر في تشرين الاول. هذه المرة، خلافا للعمليات السابقة، كان الهدف قوميا وليس طائفيا. وبالتالي يمكن استنتاج الاستراتيجية الجديدة لداعش تجاه تركيا. عملية موضعية تجاه وسط معين مثل الاكراد تهدف إلى ضعضعة العلاقة الضعيفة أصلا بين السكان الاكراد والحكومة والقاء الاشتباه بالاستفزاز على الحكومة كما حدث في العمليات السابقة.
هذه العمليات كان يمكن تفسيرها على أنها اعمال انتقامية ضد الاكراد الذين يحاربون داعش في سوريا. وفي عملية أمس يبدو أن الدولة نفسها تحولت إلى هدف ردا على انضمامها إلى التحالف الدولي ونظرا لأنها هي نفسها تقوم بقصف اهداف لداعش وتمنح الاذن للطائرات الأمريكية والبريطانية بالعمل ضد التنظيم في سوريا والعراق.
قُتل 10 أشخاص وأصيب 15 في عملية أمس في مركز اسطنبول. الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قال إن المشتبه فيه في العملية هو مخرب انتحاري من أصل سوري. من بين القتلى ثمانية سياح من ألمانيا. ومن بين المصابين سائح نرويجي. وقد نددت الولايات المتحدة بالعملية وجاء من البيت الابيض أن واشنطن «تقف إلى جانب تركيا في حربها ضد الإرهاب».
وجاء من مكتب المحافظ أن السلطات تقوم بفحص نوع المتفجرات التي استخدمت. وقالت الصحيفة التركية «هوريت» إن هناك شخصيات رفيعة في الاجهزة الأمنية التركية تعتقد أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يقف من وراء الهجوم. وحسب نائب رئيس الحكومة التركي، نومان كورتولموس فان المشتبه فيه هو من مواليد 1988. وأضاف أن المخرب لم يكن ضمن قائمة المتطرفين المشبوهين الذين يخضعون لرقابة الدولة. وحسب أقواله، يبدو أنه اجتاز الحدود من سوريا إلى تركيا في الآونة الاخيرة. وليس واضحا إذا كان المخرب مواطنا سوريا. وسائل الإعلام التركية تحدثت عن امكانية أن يكون مواطنا سعوديا.
بعد العملية أصدرت الحكومة التركية أمر منع نشر مؤقت في وسائل الإعلام. وحسب شبكة البث المحلية «آر.تي.يو.كي» فان نائب رئيس الوزراء هو الذي أصدر أمر المنع. مراسل وكالة الأنباء «دي.بي.إي» في موقع العملية واجه صعوبات في تصوير الميدان والوصول اليه. اضافة إلى أن شبكة الاخبار «سي.ان.ان» التركية قالت إنها تواجه القيود الغير واضحة فيما يتعلق بتغطية الحدث وإن جميع محطات البث المركزية لا تبث صور العملية.
حتى هذه الاثناء لم يتحمل أي تنظيم المسؤولية عن العملية. ولكن حسب اقوال رئيس الحكومة التركية احمد دبوتولو، فان المخرب كان مقاتلا اجنبيا من داعش. وأضاف أن أحد اسباب عملية إرهابية كهذه هو الفراغ الامني في سوريا في أعقاب الحرب الاهلية. ووعد بأن يصل إلى المسؤولين عن العملية ومحاكمتهم والاستمرار في محاربة تنظيم داعش.
تحدث دوبوتولو مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وقدم تعازيه. وميركل نفسها قدمت التعازي للضحايا ووعدت باستمرار بلادها في محاربة الإرهاب. «اليوم كان الهدف هو اسطنبول وقبل ذلك باريس، كوبنهاغن، تونس ومدن اخرى. الاماكن تتغير لكن هدف الإرهاب هو واحد ـ الحياة الحرة في المجتمع الحر».
اذا تبين أن تنظيم الدولة الإسلامية يقف من وراء العملية فان هذه ستكون العملية الثالثة الكبيرة للجهاديين في تركيا في نصف سنة. في تشرين الثاني من العام الماضي كانت عملية مزدوجة في أنقرة قتل فيها 103 اشخاص. وقد اتهمت السلطات تنظيم الدولة الإسلامية بالهجوم الدموي. وقبل ذلك بثلاثة أشهر قتل مخرب انتحاري أكثر من 30 شخصا في مدينة سوروتش القريبة من الحدود مع سوريا.
وقد اعتقلت السلطات التركية في الاسابيع الاخيرة عدد من الاشخاص للاشتباه في صلتهم بأعمال تنظيم الدولة الإسلامية حيث خططوا حسب الاشتباه لعملية في اسطنبول. وأشار المحللون ايضا إلى أن الحكومة التركية تسمح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة سلاح الجو «انتشرليك» في جنوب الدولة من اجل الطلعات الجوية ضد داعش في سوريا والعراق.
اضافة إلى الصدام العنيف مع متطرفي تنظيم الدولة الإسلامية، فان تركيا توجد في ذروة عملية عسكرية ضد «حزب العمال الكردستاني» الذي يقف من وراء عشرات الهجمات ضد قوات الامن التركية في شمال شرق الدولة. ومع ذلك فان حزب العمال لا يهاجم عادة المدنيين بل هو يركز هجماته على الاجهزة الامنية.
تنظيم كردي آخر هو «رفاق حرية كردستان» أخذ على عاتقه المسؤولية مؤخرا عن اطلاق القذائف على أحد المطارات الدولية في المدينة. وقد تسبب الاطلاق بقتل عاملة تنظيف في المطار وأضر بعدد من الطائرات.
من الاستطلاع الذي نشر أمس في تركيا يتبين أن نحو عُشر الاتراك لا يعتبرون تنظيم الدولة الإسلامية تنظيما إرهابيا، وأكثر من 5 في المئة يؤيدون عملياته. وقد أجري الاستطلاع في تشرين الثاني الماضي في عينة مكونة من 1500 شخص في ارجاء تركيا. 21 في المئة قالوا إن التنظيم يمثل الإسلام و8.9 في المئة يقتنعون أنه يمثل دولة فعلية. «العدد الكبير لمؤيدي عمليات التنظيم يجب أن يقلقنا»، قال سليمان اوزران، الذي أجرى الاستطلاع، «لقد اظهر لنا الاستطلاع أن منع التطرف يجب أن يكون على رأس اولويات الحكومة».
هآرتس