مقالات مختارة

القوات اليمنيّة تتقدم خلف الحدود: لا مكان آمناً للجيش السعودي يحيى الشامي

 

جيزان | لم يعد الجيش السعودي قادراً على التحرك في مساحات واسعة من المواقع التي لا تزال تحت سيطرته في المناطق الحدودية، بعدما ضيّق المقاتلون اليمنيون حدود حركته. وحصرت القوات اليمنية حركة الجيش السعودي في نطاق جغرافي محدد لا يتجاوز في أحسن الأحوال ــ وخصوصاً في جيزان ــ حدود مواقعه العسكرية وتحصيناته في تلال جبلية أو على أبراج المراقبة الإسمنتية التي دمّرت القوات اليمنية أغلبها خلال الأشهر الماضية.

في جيزان، أصبحت معظم المواقع العسكرية السعودية إما في مرمى نيران المدافع والصواريخ اليمنية أو محاصرةً ويصعب الوصول إليها وإمدادها بما يكفي للصمود أكثر أمام هجوم المقاتلين اليمنيين. هذا الواقع أعقب سيطرة القوات اليمنية على قرى ومواقع عسكرية قبل شهر خلال عمليات وُصِفَت بالأقوى منذ بداية إعلان اليمنيين البدء بالرد. ولعل العملية التي نفذها المقاتلون اليمنيون وانتهت بالسيطرة على الأجزاء الشمالية الغربية من جبل الدود وإحراق ثلاث آليات عسكرية، تُشير بوضوح إلى دخول المعارك في منعطفات ميدانية جديدة، قد لا تنتهي مفاعيلها في حدود مدينة الخوبة، العصب الحيوي لمحافظة الحرث، لا سيما أن العملية نُفّذت من الجهة الشمالية من الجبل انطلاقاً من الجانب السعودي، وبالتحديد من داخل مدينة الخوبة الشمالية التي كان اليمنيون قد سيطروا عليها الأسبوع الماضي، وقبلها تقدّموا مسافات تزيد على خمسة كيلومترات خلف مدينة الخوبة من جهة الشمال، تاركين المدينة وراءهم بغرض تطهير المواقع العسكرية المحيطة بها وتأمينها، وآخرها موقع القرن الواقع شمال غرب الخوبة. وهناك جرى تفجير دبابة إبرامز وإحراق مخزن كبير للأسلحة، يُعتقد أن الجيش السعودي كان قد خزّن فيه كمية كبيرة من الأسلحة التي سحبها من المواقع التي سبق أن انسحب منها.

وقد جرى التخطيط للعملية التي وصفت بـ«الالتفافية» بصورة محكمة على المدى البعيد. وهي، وفق مصادر ميدانية، وضعت في أولوياتها التخفيف من كثافة النيران السعودية وتشتيت أهدافه عبر الانتشار في أكبر مساحة على الأرض، محيطة بالهدف وضمان السيطرة عليه وتأمينه لاحقاً. ووفقاً للمصادر، ستزيل العملية عوائق كبيرة أمام أي توسع ميداني جديد للقوات اليمنية.

وتجدر الإشارة إلى أن الجهة الغربية من الحدود بين اليمن والسعودية فيها عدد كبير من المواقع العسكرية السعودية التي جرى استحداث معظمها عقب الحرب السادسة، حين كان جبل الدود واحداً من الجبال التي سيطر عليها «أنصار الله» إبان تلك الحرب، علماً بأن الجبل يقع على تخوم الحدود بين البلدين ويوجد أعلاه أهم مرابض المدفعية السعودية المسيطرة بنيرانها على مدينة الملاحيظ اليمنية وطريق الحصّامة الرئيسي الرابط بين صعدة وحجّة.

ويُعدّ استهداف القوة المدفعية اليمنية للمواقع العسكرية السعودية في منطقة البيضاء، الواقعة شمال مركز مدينة الخوبة، مؤشراً على اقتراب مرابض المدفعية اليمنية أكثر من مواقع عسكرية سعودية لا تمثل خطوطاً دفاعية بقدر ما هي نقاط وخطوط إمداد للمواقع التي كانت قبل أشهر على مقربة من الحدود اليمنية.

وفي جبل الدخان الواقع خلف جبل الدود على الجهة الغربية من مدينة الخوبة، تمكنت القوة المدفعية اليمنية من تحقيق إصابات دقيقة في برج المراقبة وشوهدت النيران والأدخنة تتصاعد لساعات، فيما تمكنت وحدة الرصد من إحصاء قرابة 11 جندياً سعودياً قُتِلوا في قصف مدفعي يمني على تجمعات للقوات السعودية جنوب الثوابتة المقابلة لمديرية بكيل المير، وهي عملية يصفها مصدر ميداني لـ«الأخبار» بأنها تأتي ضمن سلسلة عمليات نوعية يسبقها عمل استخباري أمني دقيق. ويضيف المصدر أن عمليات من هذا النوع تشهد تزايداً ملحوظاً في مختلف جبهات ما وراء الحدود، مشيراً إلى حالة إرباك كبيرة في صفوف الجيش السعودي بسبب هذه العمليات. وأكد المصدر أن النظام السعودي يشعر بالإحباط تماماً من أداء جنوده على الأرض، وهو ما جعله يسعى لاستيراد مرتزقة ومجندين من دول عدة، ما تجلى في العمليات الأخيرة التي حاول فيها التقدم باتجاه منفذ حرض الطوال. وفنّد المصدر ادّعاءات الجانب السعودي بشأن تقدم مرتزقته في حرض، مؤكداً أن القوات اليمنية وجهت ضربات قاصمة لتجمعات المرتزقة وهي لا تزال على بعد كيلومترات من منفذ حرض ــ الطوال، ومشيراً إلى استخدام صواريخ بالستية («قاهر1» و«توشكا») في قصف تجمعاتهم. وأضاف المصدر أن عمليات التسلل إلى عمق مواقع الجيش السعودي والمرتزقة مستمرة، وكان آخرها قنص جنديَّين داخل موقع الرمضة غرب مدينة حرض وإعطاب آلية عسكرية.

وكان الجيش اليمني و«اللجان» قد تصدوا قبل يومين لمحاولة تقدم من جهة غرب حرض، وفشل الهجوم مخلفاً دبابة «إبرامز» وعشرات القتلى لا تزال جثثهم مرمية على الأرض. واستخدمت قوات الهجوم أعداداً كبيرة من الآليات المدرعة والدبابات، إضافة إلى غطاء جوي كثيف، كذلك تمكنت القوات اليمنية من إحراق آلية أخرى في موقع الجبوح العسكري في جيزان.

وفي موقع الموسم، إلى الجهة الغربية من الطوال في عمق الأراضي السعودية، نفذ الجيش اليمني و«اللجان»، أول من أمس، قصفاً صاروخياً على تجمعات للجنود السعوديين والمرتزقة. وبحسب وحدة الرصد، فقد سقط جراء هذه الضربة الصاروخية ما يقارب 27 قتيلاً و37 جريحاً، وتعدّ العملية بمثابة الضربة القاضية التي أنهت حملة الادعاءات السعودية التي تتحدث عن السيطرة على حرض، وذلك لكونها وقعت في عمق الاراضي السعودية واستهدفت تلك التجمعات التي يتحدثون عن تقدمها.

(الاخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى