بقلم غالب قنديل

حلف تركي سعودي إسرائيلي ؟

3201522129261

غالب قنديل

استعدادا للمعارك المقبلة سياسيا وعسكريا تقوم الولايات المتحدة بجهود مركزة لرص صفوف منظومة الهيمنة في المنطقة ولمواصلة التصدي لنهوض القوة الإيرانية وللدور الروسي الصاعد انطلاقا من سورية وحربها المتواصلة ضد عصابات الإرهاب التكفيري وقد اعلنت المملكة عن تركيز المناقشات التركية السعودية على تنسيق الجهود السياسية والعسكرية في سورية والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الساحات المشتعلة منذ سنوات.

أولا يمثل الثنائي السعودي والتركي عصبا رئيسيا في إدارة الصراع التي تقودها الولايات المتحدة ضمن صيغة القيادة من الخلف بحيث ترسم إعلاميا وسياسيا صورة افتراضية تعطي هامشا مزعوما من الاستقلال في الموقف والتحرك الميداني لحكومات وثيقة الارتباط بواشنطن منذ عقود طويلة وهو ارتباط أمني وعسكري واستراتيجي يصعب افتراض انفكاكه او تراجعه فهو مكون عضوي لبنية النظامين التركي والسعودي اقتصاديا وسياسيا وأمنيا ولذلك يتخذ صفة مصيرية بل وجودية منذ زمن بعيد وتراكمت في سياقه مفاصل تأثير أميركية قوية وفاعلة يتأكد حضورها في جميع المحطات الحاسمة وفي آلية اتخاذ القرارات الكبرى كما حصل في أعقاب الاتفاق النووي الإيراني بالنسبة للمملكة السعودية وإسرائيل بينما آثرت تركيا مواصلة النفاق السياسي وليس بعيدا عن هذا المثال ما يجرى بالنسبة لتركيا منذ تفاهمات فيينا حول العملية السياسية السورية وقد بدا واضحا من اجواء القمة السعودية التركية الأخيرة ان إشارة اميركية صدرت لحليفين رئيسيين لتجاوز الاختلافات التي ظهرت سابقا والانطلاق مجددا نحو عمل مشترك ينسق الجهود والقدرات ويستجمع الخيوط لتعزيز قدرة الولايات المتحدة على احتواء التغييرات الاستراتيجية الناشئة عن القرار التاريخي الروسي بالانخراط في الحرب على الإرهاب إلى جانب الجمهورية العربية السورية وفي ضوء الصمود السوري وثبات محور المقاومة .

ثانيا الشريك الثالث الحاضر الذي لم يكن في صورة القمة هو إسرائيل التي نشرت معلومات كثيرة عن تطورعلاقاتها التنسيقية مع المملكة السعودية بصورة نوعية منذ الحرب الأميركية السعودية على اليمن وبعد انطلاق عمليات التعاون مع إسرائيل التي تمت عبر عمان ووسعت من مساهمة تل أبيب في دعم ومساندة الجماعات الإرهابية على جبهة الجولان وفي الجنوب السوري منذ اكثر من عامين بينما ظهرت تقارير لم تقدم وقائع صلبة لنفيها عن هذه العلاقة بل إن مقالات ظهرت في الصحف السعودية روجت علانية للتقارب مع إسرائيل منذ سنوات وبخلفية الاجتماع على معاداة إيران ومحور المقاومة في المنطقة وقد كانت صيغ التنسيق الصهيوني السعودي ظاهرة منذ غرفة عمليات شرم الشيخ التي شاركت بقيادة اميركية في حرب تموز ضد لبنان وبموازاة العلاقات السعودية والخليجية – الإسرائيلية التي رقي مهندسها إلى وظيفة رئيس الموساد كما كشفت صحف العدو فقد باشرت تركيا بقيادة أردوغان في استعادة الحرارة المعلنة لعلاقتها التحالفية مع إسرائيل وكثيرة هي التقارير التي نشرت مؤخرا عن التقارب بين انقرة وتل أبيب والعمل المشترك في المسرحين السوري والفلسطيني .

ثالثا اللقاءات والاتصالات بين هذه الجهات الثلاث : المملكة السعودية وإسرائيل وتركيا تجري تحت رعاية الإدارة الأميركية والحكومات الثلاث شريكة في حصة أساسية من منظومة الإرهاب التكفيري التي تقاتل ضد الدولة الوطنية السورية وعلى أرض العراق وهي معنية بتصعيد الحرب والضغوط ضد شعب اليمن وقواه الوطنية الحية كما هي شريكة في تمزيق ليبيا وتحويلها إلى خزان للإرهاب التكفيري في المنطقة .

قمة الرياض دليل على ان الولايات المتحدة التي أرغمت بنتيجة التوازنات الجديدة على التسليم بمضمون للعملية السياسية السورية يسقط شروطها المسبقة التي تمثل اعتداءا على استقلال سورية وسيادتها مصممة على توحيد صفوف شركائها الإقليميين وتحويلهم إلى كتلة تعترض طريق التفاهمات السياسية وتسعى لاختراقها وتفعل حركة الإرهاب كأداة للتدخل بهدف التأثير على توازنات الميدان التي لاتتحرك بما يناسب الخطط والمشاريع الأميركية التي دخلت في نفق الفشل والتخبط .

قادة تركيا المردوعة روسيا والسعودية المأزومة يمنيا وإسرائيل الواجفة امام المقاومة وقدراتها يجمعون فيما بينهم خيبة شاملة في سورية لكنهم يأبون التراجع والخضوع للتغييرات الراسخة او التكيف معها وعلى هذه القاعدة ينبغي لمحور المقاومة ان يتصرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى