أردتمُوها حرباً مفتوحة… فلتكنْ حرباً مفتوحة
ناصر قنديل
– تعمّد السيد حسن نصرالله دمجُ الكلام عن الإجراءات العدائية التي تستهدف حزب الله بالحديث عن العدوان «الإسرائيلي» الذي ترجمه اغتيال القائد الشهيد سمير القنطار، فما بين السطور تنظر المقاومة لما يجري بالتزامن مع انطلاق مسار التسويات في المنطقة إلى كونها تتعرّض لحرب شاملة يُراد لها أن تجمع كلّ طاقات قوى الحرب على محور المقاومة للتأقلم مع معادلة قوامها العجز عن كسر التوازنات الجديدة والاكتفاء بحصر الحرب بحزب الله، بصفته عنوان الخطر على «إسرائيل»، التي ما عاد لديها ما يضمن استعادتها قدرة الردع، والتي تعني هزيمتُها انهيار ما تبقى من أسباب توازن لدى قوى ودول حلف الحرب، فتستنفر واشنطن والرياض وأنقرة وتل أبيب معاً لخوض هذه الحرب على مسارات متعدّدة.
– بمثل ما كان التأقلم مع التوازنات الجديدة اعترافاً بمحدودية القوة التي يختزنها حلف الحرب الذي تقوده واشنطن، تبدو محاور الحرب الجديدة التي تستهدف المقاومة اعترافاً أيضاً بمحدودية القوة، فلا تتطلّع إلى وهم شطب المقاومة أو سحقها أو ضرب ترسانتها، كما كان الحال مع العنوان في حرب تموز 2006، بل تضع أهدافاً تتصل بتطويق وحصار واحتواء عبر حرب شاملة ومفتوحة ترتكز على الشيطنة والتشويه الإعلامي ومحاولات العزل وتحريض البيئة الحاضنة ووقف مؤسسات الاتصال بالرأي العام واستهدافها، والهدف إرغام المقاومة على سياق تفاوضي يبدأ بتوسيع نطاق القرار 1701 ليشمل الجولان والمياه الإقليمية اللبنانية، والمنافذ البرية والبحرية والجوية اللبنانية، وشبابيك المصارف وحساباتها، والصعود إلى الأقمار الصناعية، والانتشار عبر شبكات التواصل، وربما يكون من ضمن التفاوض تعطيل تطلّع المقاومة إلى سلة تفاهمات ترافق الرئاسة اللبنانية، واستبدالها برئاسة قابلة للتسويق بلا تفاهمات تتصل بقانون الانتخابات النيابية ومفاعيله في إعادة تكوين السلطة على أسس ثابتة راجحة لحساب المقاومة وحلفائها، ما يعني بكلّ مجالات الحرب والتفاوض وضع المقاومة في قفص ورمي مفاتيحه في البحر.
– كلام السيد نصرالله يقول إنّ المقاومة ستخوض الحرب على هذه الجبهات كلّها، وإنها كما انتصرت في الحروب السابقة ستنتصر في هذه الحرب، وتقول للذين وقفوا يستنكرون اغتيال الشهيد سمير القنطار، لن تستطيعوا الإسهام في الانتقام لدم الشهيد، لكنكم قادرون على نصرة المقاومة في معاركها الأخرى إنْ كنتم صادقين، ولكم الاختيار بين أن تنضمّوا إلى جبهة استهداف المقاومة بذريعة الظروف والمعادلات المصرفية والإعلامية والسياسية، أو أن تظهروا صدق النيات الوطنية فتحيطوا المقاومة بشبكة حماية تقول للأميركي والسعودي خصوصاً، لن نقبل أن تصنّف حزب الله منظمة إرهابية وتدّعي حباً لبلدنا وحرصاً عليه، ولن نرضى بأن تستهدف «المنار» وتقول إنك تريد للبنان أن يكون منارة للإعلام الحرّ، ولن نسكت عن إجراءاتك العدائية ضدّ قطاعنا المصرفي بذريعة ما تسمّيه تمويل الإرهاب، وتزعم دعم الدور الريادي للنظام المصرفي اللبناني في المنطقة، ولن نقبل تسوية رئاسية من دون سلة تفاهمات، لأننا لن نسمح بأن تُجهض فرص الاستقرار الذي يريده اللبنانيون.
– رسالة السيد نصرالله، عزمٌ وحزمٌ، لكنها رسالة خيارات للبنانيين، هو يقول إنها حرب مفتوحة، فمَن معنا فليقل إنه معنا، ومَن ليس معنا، فلن نعتبره ضدّنا، لكن استنكاراته التي نرحّب بها ونقدّرها، لن تحمي مقاومتنا من الاستهداف طالما لا تفعلون ما يجب عليكم فعله، وبكلّ حال يقول السيد للعدو، كما في حرب تموز، «أردتموها حرباً مفتوحة فلتكنْ حرباً مفتوحة».
(البناء)