مقالات مختارة

من غرف التحقيق إلى الساحة السياسية: عاموس هرئيل

 

بتأخر غير مسبوق أصدر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمس اعلان تأييد للشباك على خلفية الخلاف حول طرق التحقيق مع معتقلي الارهاب اليهودي المشبوهين بالقتل في دوما. هذه القضية التي أثارت اوساط اليمين المتطرف منذ اسبوعين وامتدت مؤخرا إلى المؤسسة الاستيطانية ومن هناك إلى مركز الليكود، تهدد بأن تتحول إلى حدث سياسي. ونتنياهو ينضم الآن إلى تصريحات سابقة للوزراء موشيه يعلون ونفتالي بينيت في محاولة لامتصاص الغضب على «الشباك».

نتنياهو تطرق لهذا الموضوع لاول مرة أول أمس حين قال باختصار في جلسة حزب العمل إن «كل التحقيقات تتم حسب القانون»، بعد أن اشتكى عضو الكنيست ميكي زوهر من معاملة المعتقلين. أمس تحدث رئيس الحكومة بشكل موسع ومنح الدعم العلني والشخصي لرئيس «الشباك» يورام كوهين ورجاله «الذين يقومون بعمل مهم وممتاز من اجل دولة إسرائيل». وقد عاد وأكد على أن كل اعمال «الشباك» في قضية دوما تتم حسب القانون وأن الجهاز القضائي يقوم بالمتابعة المستمرة لها.

الاختلاف حول استخدام وسائل استثنائية في التحقيق (التعذيب حتى لو كان محدود) يتجاوز في هذه المرة الخطوط المتعارف عليها في اليمين واليسار السياسي. التوزيع ليس تلقائيا. نشطاء اليمين المتطرف الذين لا يخصصون في الظروف العادية دقيقة واحدة للتفكير في كيفية حصول «الشباك» على الاعترافات من المشتبه بهم الفلسطينيين، يخرجون الآن عن أطوارهم وينددون بالتعذيب. أما منظمات حقوق الانسان ومنها لجنة مكافحة التعذيب، فهي تندد بمبدأ استخدام هذه الوسائل بغض النظر عن الانتماء الايديولوجي لمن يتم التحقيق معهم. ورئيس الحكومة منذ الآن على الأقـــل، يقف إلى جانب «الشباك».

لقد سبقت تأخر نتنياهو أمس اقوال رئيس البيت اليهودي، الوزير نفتالي بينيت، الذي اعتبر عملية قتل عائلة دوابشة عمل ارهابي وحذر من خطورة الارهابيين اليهود وأعطى دعمه الكامل للشباك، رغم غضب المستوطنين والتساؤلات التي طرحها عليه شركائه السياسيين في حركة تكوماه، الوزير اوري اريئيل وعضو الكنيست بتسلال شموتريتش. بينيت الذي أيد «اذا شئتم» في الهجوم على منظمات اليسار، اتخذ في قضية التحقيق موقفا مشابها لموقف يعلون الذي يتعرض منذ ايام لانتقادات شديدة تشبه العنف احيانا، من اليمين المتطرف، بسبب تأييده للشباك.

قبل بينيت ونتنياهو ايضا، أصدر عدد من رؤساء «الشباك» السابقين اعلانا يؤيد رئيس «الشباك» كوهين، يعقوب بيري وعامي ايلون وكرمي غيلون وآفي ديختر. وقد فعلوا ذلك في مقابلات معهم في موقع «واي نت». يوفال ديسكن كعادته نشر في الفيس بوك. إن هذه جبهة موحدة تتحدث عن مواضيع مشابهة ولن يكون غريبا اذا تبين أن أحد الرؤساء السابقين قد استجاب لطلب من «الشباك» في هذا الامر.

اغلبية تفاصيل القضية يسري عليها أمر «منع نشر الأمر» الذي يضع العراقيل أمام التحليل والتغطية للأدلة الموجودة لدى «الشباك» والاشتباه ضد المعتقلين. في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس المحامي ايتمار بن غبير، محامي أحد المشبوهين، قدم معلومات جديدة امتنع»الشباك» من الرد عليها بزعم أنه لا يمكنه خرق أمر المنع. محامي مشبوهين آخرين قدم ادعاءات حول التعذيب الذي تعرض له المشبوهين. سمح لبن غبير أن يلتقي مع أحد المشبوهين فقط أول أمس بعد منع استمر ثلاثة اسابيع (بعد جدل تحليلي مع النيابة العامة و«الشباك» حول مدة انتهاء منع التقاء المحامي مع المعتقل).

وتبين فيما بعد، بأثر رجعي، لماذا حدث احتجاج في اوساط اليمين في الاسبوع الماضي. أحد الاسباب كان وصول معلومات حول استخدام التعذيب ضد المعتقلين بعد السماح للمشبوهين الأوائل في القضية بلقاء محاميهم.

والسبب الثاني هو السياق الزمني بين محققي «الشباك» وبين المشبوهين: محاولة منع استخدام وسائل تحقيق استثنائية من خلال التوجه إلى القضاء واللقاء مع المحامي قبل الحصول على الاعتراف. في محاكمات الفلسطينيين بسبب تنفيذ اعمال ارهابية يتم دائما طرح موضوع التعذيب اثناء التحقيق، لكن المحاكم تميل بشكل مطلق تقريبا إلى قبول موقف الدولة وتعتمد الاعترافات.

بعد عملية قتل عائلة دوابشة مباشرة في نهاية تموز طلب كل من نتنياهو ويعلون من «الشباك» حل لغز القتل بسرعة وبكل الوسائل. رئيس «الشباك» كوهين الذي سينهي منصبه في أيار القادم (اذا لم يتم التمديد لسنة اخرى)، يحظى الآن بالدعم الشامل من المستوى السياسي المسؤول عنه. لكنه يعرف ايضا أنه اذا تشوشت الامور في السياق فهو الذي سيتحمل المسؤولية، ولن تكون لدى السياسيين أي مشكلة في تركه لوحده فوق الجليد في ظروف كهذه، في وجه انتقادات أشد كثيرا من اليمين.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى