في المكان الذي لا يوجد فيه ناس: جدعون ليفي
في 24 آب 2006 نشر في صحيفة «ذي ماركر» مقال بعنوان «مطلوب عميرام لفينيين». «يوجد في الجيش نوعان من القادة رفيعي المستوى» جاء في المقال، «الصاحب والمتصاحب وصاحب المبدأ الذي يفكر».
حول القائد «صاحب المبدأ والذي يفكر» كتب: «هؤلاء القادة يحركهم مبدأ وجود إسرائيل. هم منفتحون على الافكار الجديدة ولا يخافون من الانتقادات البناءة وعادة يتحفظون من السياسة الداخلية وهم غير جيدين فيها.
وتصميم هؤلاء القادة موجه نحو الجنود. وعميرام لفين حسب رأيي هو من هذا النوع». وطلب الكاتب اعادة بطله لفين إلى صفوف الجيش الإسرائيلي. «فكروا بالقوة التي سيمنحها للجيش». وعلى هامش المقال وضعت عدة تفاصيل عن الكاتب الذي لم يكن معروفا في تلك الاثناء: «خدم الكاتب كقائد في وحدة خاصة… وعمله المدني كان مدير عام شركة هاي تيك مدة سبع سنوات».
كاتب المقال يسمى نفتالي بينيت. وقد بادر قائده لفين في نهاية الاسبوع إلى مبادرة شجاعة واستثنائية لا تقل شجاعة عن عملية «ربيع الشباب»، وهي تنقذ الحياة بشكل لا يقل عن اقتحام فندق سافوي الذي شارك فيه. الجنرال احتياط لفين نشر أول أمس اعلانا ضخما وشخصيا في «هآرتس» بعنوان «أنا ايضا أحطم الصمت» حيث كتب أن «نحطم الصمت» تعزز الجيش الإسرائيلي وأخلاقه، وأن اسكاتها أمر يضعف الجيش
ويلحق به الضرر، وأن من واجب الجيش تشجيع «نحطم الصمت» وأشباهها.
يمكن بالطبع التساؤل: ما الذي حدث لك يا سيد لفين؟ الآن؟ يصعب فهم لماذا ينتظر الشخص أن يصل إلى جيل السبعين كي يحطم صمته؟ لماذا لم يفعل ذلك حينها عندما رأى وصمت؟ لماذا لفين فقط؟ لماذا ليس اهود باراك مثلا؟ بني غانتس؟ قائمة طويلة من الصامتين الخائفين أو المسممين مغسولي الدماغ؟ لكن لفين الذي شارك تقريبا في كل مغامرات الجيش الإسرائيلي خلال سنوات الخدمة، الايجابية والمتميزة، السابقة والقبيحة، يظهر منذ بضع سنوات بالضبط كما صوره بينيت الشاب: اخلاقي وصاحب قيم وشجاع. قد يكون متأخرا، لكن بجرأة. الامر وصل الآن إلى ذروته من خلال الاعلان الذي نشر في ظلام هذه الايام: في المكان الذي لا يوجد فيه ناس سعى لفين ليكون هناك. ماذا ستقول عن ذلك يا أخي نفتالي؟ هل ما زال لفين بطلك؟ هل ما زالت تحركه قيم وجود دولة إسرائيل؟ هل ستسمح له بالدخول إلى المدارس والقاء المحاضرات؟ أم أنه خائن في نظرك؟.
لفين حطم الصمت في المكان الذي يصمت فيه الجميع تقريبا. المعارضة صامتة ووسائل الإعلام صامتة وكذلك القادة العسكريون الذين يعرفون جميعا الحقيقة. يعرفون أنهم في «نحطم الصمت» يقولون الحقيقة وأن الحديث ليس عن استثنائات بل عن روتين الاحتلال القمعي. جميعهم كانوا هناك وشاهدوا وصمتوا. وهناك ايضا من هم مثل يئير لبيد الذين ينضمون لحملة الادانة. وماذا سيقول لبيد الآن عن لفين، بطل إسرائيل؟ إنه يكذب؟ لنراك تتجرأ يا لبيد على التحريض ضد شهادة لفين.
في مجتمع سليم كان يجب أن يُحدث اعلان لفين هزة كبيرة. لكن لفين لن يغير الكثير. على الاقل في المدى المنظور. وحملة سلب الشرعية عنه في الطريق. سيقول السياسيون إنه جنرال محبط والمحللون العسكريون سيقولون «لا يجب أن ننفعل من اقواله بشكل زائد». إذا كنا آمنا في احدى المرات أن عدة مئات من رافضي الخدمة سينهون الاحتلال، فان هذا الامل قد تبخر. كذلك الأمل بأن ألف جندي ـ شاهد محطمي الصمت سيُحدثون التغيير. ولم تعد تكفي ايضا شهادة جنرال احتياط الذي كان قائد الوحدة ونائب رئيس الموساد. جهاز غسل الدماغ الاكثر فعالية في الكون سيدوس لفين إلى أن يخنق صوته. لكن هذه السمفونية لا يجب أن تتوقف. يجب أن نؤدي التحية للفين. «مطلوب عميرام لفينيين» كما كتب مرؤوسه بينيت، وهذا الطلب اصبح الآن مصيريا أكثر من أي وقت مضى.
هآرتس