تهديد أوباما لـ«داعش» حميدي العبدالله
هدّد الرئيس الأميركي باراك أوباما تنظيم «داعش»، مشدّداً في اجتماع مع كبار مسؤولي الأمن القومي على أنه «يجب تحقيق تقدّم أسرع في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية»، وجدّد أوباما تصميم بلاده على القضاء على تنظيم «داعش» متعهّداً باستعادة الأراضي التي يسيطر عليها في الشرق الأوسط وقتل قادته. ولكنه دعا حلفاء الولايات المتحدة إلى زيادة مساهمتهم العسكرية بجهود التحالف من أجل تدمير تنظيم «داعش» في العراق وسورية.
لا شك أنّ تهديدات أوباما لـ«داعش» ينطبق عليها قول الشاعر «أبشر بطول سلامة يا مربّع». الولايات المتحدة تشنّ منذ حوالي سنتين حرباً مزعومة ضدّ تنظيم «داعش» في العراق، وأكثر من سنة ونصف السنة ضدّ «داعش» في سورية. ولكن على الرغم من هذه الحرب غير الجدية، حقق «داعش» المزيد من النجاحات في أماكن كثيرة. في العراق سيطر على مدينة الرمادي بعد إعلان الولايات المتحدة الحرب عليه. وإذا كان من تقدّم قد تحقق ضدّ «داعش» وهو ما يتباهى به الرئيس الأميركي، سواء في محافظة صلاح الدين، أو في الرمادي، فإنّ هذا التقدّم حققه الجيش العراقي والحشد الشعبي الذي اشترط عدم التعاون مع الولايات المتحدة، لتحرير ما حرّره من مناطق. وحتى في ما إذا كان هناك من تقدّم على الأرض قد تحقق ضدّ «داعش» في عين العرب وعين عيس، فهو لا يوازي التمدّد الذي حققه «داعش» في جبهة تدمر، وإذا كان «داعش» يتقهقر اليوم، ولا سيما في ريف حلب الشرقي فالفضل في ذلك يعود إلى التحالف السوري الروسي الإيراني والمقاومة اللبنانية وليس للضربات الجوية الأميركية، العكس يحصل في الريف الشمالي لحلب، فعلى الرغم من حرب الولايات المتحدة المزعومة ضدّ «داعش» في هذه المنطقة، إلا أنّ «داعش» حقق المزيد من التقدّم على حساب الفصائل المسلحة المرتبطة بالولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، أيّ مسلحي الجبهة الشامية.
خلاصة القول، إنّ الحرب الأميركية على «داعش» لم تحقق أيّ تقدّم على الإطلاق، إذا أخذت بذاتها وبمعزل عن الإسهام الذي تقوم به دول وجماعات تناهض السياسة الأميركية.
وفي ضوء هذا الواقع الذي لا يمكن إنكاره على الإطلاق يمكن الاستنتاج بشكل قاطع أنّ تهديدات أوباما لتنظيم «داعش» بالقضاء عليه وقتل قادته هي مجرد حملة علاقات عامة لتهدئة الرأي العام الأميركي والغربي بعد الهجمات التي نفذها التنظيم في فرنسا وفي الولايات المتحدة ذاتها، وتمدّده في ليبيا، واليمن، وما تركه هذا التمدّد من تهديد جدّي لدول هي حليفة للولايات المتحدة.
أيّ حرب لاقتلاع «داعش» شرطها الأساسي وقف تقديم الدعم له من حلفاء الولايات المتحدة، والتعاون مع الدول والجماعات التي يستهدفها «داعش»، أما غير ذلك فهو حراثة في البحر.
(البناء)