ما المقصود بالتحالف السعودي ضدّ الإرهاب؟ حميدي العبدالله
الإعلان السعودي عن أهداف تشكيل تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب، طرح أسئلة كثيرة حول أهداف هذا التحالف وآليات عمله.
والأقدر على الإجابة على هذا السؤال هم أصحاب المبادرة، وتحديداً ولي ولي العهد في المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، الذي أوضح هذه الآليات والأهداف.
أكد محمد بن سلمان أنه لا يمكن حصر الإرهاب بتنظيم «داعش»، وهذا تشخيص دقيق لواقع حال الإرهاب، وقال حرفياً: «إنّ داعش يتواجد في سورية والعراق، بينما الإرهاب ينتشر في دول كثيرة مثل أفغانستان ومالي وباكستان وليبيا ومكافحته تتطلب جهوداً كبيرةً». إذن الهدف الأساسي للتحالف الجديد لا يقتصر على مكافحة الإرهاب المتمثل في «داعش»، والذي ينشط بالدرجة الأولى في سورية والعراق، وإن تمدّد مؤخراً باتجاه ليبيا واليمن، حيث أدّى إضعاف الدولة في هذين البلدين إلى انتشار «داعش» بقوة وبسرعة كبيرة، حيث بات يسيطر على مناطق واسعة في البلدين.
وعندما سئل محمد بن سلمان عن محاربة «داعش» في سورية والعراق قال «لا نستطيع القيام بعمليات في هاتين الدولتين من دون تنسيق مع الشرعية فيهما»، وهذا الجواب يحمل الكثير من التأويلات والتفسيرات، البعض يفسّره على أنه أول اعتراف بشرعية الحكومتين السورية والعراقية، وإذا كان الاعتراف بالحكومة العراقية تحصيل حاصل بالنسبة إلى السعودية، فإنّ الأمر يختلف كثيراً بالنسبة لسورية. وفسّره البعض الآخر أنه تبرير لعدم قتال «داعش» في هذين البلدين كون الكثير من دول التحالف الإسلامي تدعم «داعش» في سورية والعراق، وحتى في مصر.
أما حول آليات عمل التحالف فلا يبدو أنّ المقصود هو تشكيل تحالف يشبه التحالف الأميركي ضدّ الإرهاب، الذي يقوم على تشكيل قوة جوية لضرب «داعش»، بل إنه عبارة عن تنسيق بين الدول المشاركة فيه لتبادل المعلومات ضدّ التنظيمات الإرهابية من دون تشكيل أي قوة عسكرية مشتركة، سواء جوية أو غير ذلك، وقد أوضح محمد بن سلمان هذه المسألة بنفسه عندما قال: «إنّ كلّ دولة في التحالف الجديد ستساهم بقدراتها في محاربة الإرهاب، وأنه سيكون هناك تنسيق مع جميع الدول المهمة في العالم»، وأنه «سيحارب كلّ منظمة إرهابية، لا داعش فقط».
من خلال الأهداف التي وضعت وآلية العمل، يمكن القول إنّ الحديث يدور عن تحالف مجازي وليس عن تحالف بمعنى التحالف، أما التعاون والتنسيق الذي تحدّث عنه ولي ولي العهد السعودي، فهو قائم بين الدول المعنية، ولكن يبدو أنّ توقيت الإعلان له صلة بوقف إطلاق النار في اليمن، إذ أنّ الإعلان عن هذا التحالف يصرف الأنظار عن نتائج «عاصفة الحزم» في اليمن.
(البناء)