الخوف على الجيل القادم: اليكس فيشمان
ليس هناك في هيئة الاركان اليوم لواء يعتمر قبعة دينية. والاستنتاج من ذلك ظاهرا هو أن كمية المتجندين للخدمة الدائمة الطويلة من بين اوساط الصهيونية الدينية متدنية. كل ذي عقل يفهم بان هذا هراء: معدل المتجندين للخدمة ذات المغزى من هذا التيار هو من أعلى المعدلات في المجتمع الإسرائيلي. نصيبهم في القيادة الدنيا والمتوسطة، ولا سيما في ألوية المشاة النظامية أعلى بالمقارنة من نصيبهم بين السكان المتجندين. وصدفة فقط ان لا يوجد اليوم لواء متدين. قبل بضع سنوات خدم بالتوازي 3 – 4 الوية متدينين، وهذا ايضا كان صدفة.
احد لا يصرخ جراء عدم وجود لواء متدين في الجيش الإسرائيلي. بالمقابل انطلقت مؤخرا صرخة على أنه على رأس أذرع الامن ـ الشاباك، الموساد والشرطة ـ يقف اليوم معتمرو «الكيبا»، سواء كانت شفافة أم لا. غير أن المتدينين لم يسيطروا على اذرع الامن هذه، تماما مثلما لا يسد العلمانيون طريق معتمري الكيبوت في الطريق إلى القمة العسكرية. يدور الحديث عن سياقات اجتماعية ـ طبيعية وايجابية لاتون الصهر.
لا حاجة للتعلل بالبراءة: فللدولة توجد مشكلة مع التطرف القومي ـ المسيحاني في الصهيونية الدينية في الـ 10 ـ 15 سنة الاخيرة. وثمة خوف من التطرف الديني، الذي يهدد النزعة الرسمية لاذرع الامن. وفضلا عن ذلك، هناك خوف من تحطيم المراتبية ورفض منظم للاوامر على خلفية ايديولوجية، إذا ما وعندما تقف حكومة إسرائيل مع حلول الوقت امام قرارات حاسمة في مسألة الاستيطان في المناطق مثلا.
غير أن ليس لهذه المخاوف أي صلة باشخاص مثل يورام كوهين، يوسي كوهين او روني ألشيخ. فهم حقا ليسوا العنوان للانقضاض البشع الذي بلغ ذروته حين لمح بان رئيس الشاباك لا يبذل ما يكفي من الجهود لمعالجة الإرهاب اليهودي لكونه معتمر «كيبا». وقد وصل الثلاثة إلى الخدمة الأمنية قبل ثلاثين سنة. نشأوا في صهيونية ديني اخرى، منها جاء ايضا الالوية اليعيزر شتيرن، يئير نافيه، يعقوب عميدرور وآخرون. وعندما تطلق النار نحوهم ـ جراء الجهل والخوف ـ فان النار تحرف عن المشكلة الحقيقية. وتوجد مشكلة.
الشاباك، الشرطة، الجيش والموساد ستنجح اليوم في كل اختبار للولاء. لكل واحد من هذه الاجهزة يوجد تراث واخلاقيات مستقرة. للجيش يوجد ايضا دوائر احتياط واسعة بحيث أنه ليس بسهولة يكون ممكنا حرفه عن فكرته المركزية. فضلا عن ذلك، فالجيش هو جسم شامل يصمم فكر الناس، وله اخلاقيات قوية يصعب على الفرد «الانفلات» منها. فرجال الجيش يتأثرون بقيم كالزمالة، التكتل، التمسك بالمهامة، بحيث ان الرفض الايديولوجي يمكنه أن يظهر بين جنود لا يخدمون لزمن طويل ويتعرضون لتأثيرات خارجية من مراكز قوة مدنية، كالحاخامين مثلا.
طالما كان التيار الصهيوني الديني يرى في الخدمة العسكرية وفي الحياة المهنية العسكرية قيمة عليا في تحقيق الرؤيا الوطنية وشرطا ضروريا للتأثير الاجتماعي، يكون لدى الدولة والجيش عقاب: من يخرج عن الاخلاقيات العسكرية، لا يجند. وهذا سوط رادع. والسؤال هو أين سيكون اولئك الخريجين من الصهيونية الدينية الجديدة ـ الذين تقودهم مدارس التسوية وحاخامون متطرفون ولا يخفون رأيهم من رفض الاوامر ـ بعد خمس سنوات، واي مناصب سيؤدون في الجيش وماذا سيكون عددهم.
يمكن للجيش اليوم أن يقاتل ضد ظواهر «التحول الديني» التي ظهرت في هذه الكتيبة أو تلك، وحتى في مستويات أعلى، تحت قائد اللواء هذا او ذاك. ولكن عندما تصل الظاهرة إلى حجوم كبرى ومفترقات حاسمة، فسيكون أكثر تعقيدا اعادة الدولاب إلى الوراء.
ان الكفاح ضد التطرف في الاتجاه المسيحاني القومي ليس فقط مشكلة محافل الامن بل والصهيونية الدينية نفسها والمجتمع الإسرائيلي بأسره. فاذا كان حاخام في مدرسة تسوية يوعظ تلاميذه على أنه مسموح رفض الاوامر، على وزير الدفاع ـ مع كل الصعوبة السياسية – أن يوقف في ذات اليوم شروط التسوية لهذه المدرسة مع الجيش. هذا العقاب يفهمه حتى الحاخامون المتطرفون الرائدون. حاليا على الاقل.
يديعوت