هل ثمة تحوّل في الموقف الأميركي ـ الفرنسي من سورية؟ حميدي العبدالله
في وقت متزامن أدلى وزيرا خارجية كلّ من الولايات المتحدة جون كيري والفرنسي لوران فابيوس بتصريحات توحي بتغيير موقفيهما من الأزمة في سورية وشروطهما لتشكيل تحالف موحد لمكافحة الإرهاب. وتساءل كثيرون ما إذا كانت هذه التصريحات تمثل الخطوة الأولى على طريق مراجعة السياسات المعتمدة من قبل واشنطن وباريس منذ اندلاع الأزمة في سورية عام 2011.
إذا أخذت التصريحات بحدّ ذاتها ونصها الحرفي، فهي لا تشير فعلياً إلى أيّ تغيير في الموقف الأميركي – الفرنسي من سورية، إذ لا يزال الطرفان يصرّان على التدخل بالشأن الداخلي السوري، واتخاذ مواقف نيابة عن الشعب السوري، أيّ أنهما لا يزالان يحدّدان من يكون ومن لا يكون في سدّة المسؤولية في سورية، علماً أنّ هذا حق حصري للشعب السوري من وجهة نظر ديمقراطية ومن وجهة نظر سيادة الدول، لكن واشنطن وباريس ترفضان احترام هذه الحقوق التي نصّت عليها بوضوح القوانين الدولية التي ترعى العلاقات بين الدول.
لكن إذا أخذت دلالات هذه التصريحات بمقارنة مع مواقف هاتين الدولتين من الأزمة السورية، في السابق، أيّ قبل الإدلاء بهذه التصريحات، حيث كانا يضعان شروطاً مسبقة من بينها أن يتمّ تنحّي الرئيس بشار الأسد لكي يكون هناك تعاون مع الدول السورية ومؤسساتها المختلفة، وعلى رأسها الجيش في مكافحة الإرهاب، يمكن القول إنّ ثمة تغييراً، وإنْ كان محدوداً، في مواقف هاتين الدولتين، تغيير يتلخّص في قبول مستوى من التعاون مع الرئيس بشار الأسد والدولة السورية، وتحديداً الجيش السوري مع وجود الرئيس بشار في منصب رئاسة الجمهورية، ولكن دون التخلي عن التمسك بالمفهوم الأميركي الفرنسي عن المرحلة الانتقالية التي تعني، حسب واشنطن وباريس، نقل السلطة إلى حكومة جديدة تتقاسمها المعارضة والدولة السورية الحالية، ولكن من دون إعطاء حق للرئيس بشار الأسد في أن يترشح في أيّ انتخابات يمكن التوافق عليها لإعادة تكوين مؤسسات الدولة.
لا شك أنّ هذا التغيير في المواقف الفرنسية الأميركية هو ثمرة عاملين اثنين، العامل الأول، مستوى الالتزام الروسي في دعم سورية، وصيانة حق شعبها في أن يقرّر بنفسه من يكون ومن لا يكون في سدة المسؤولية، واعتبار مسألة تنحّي الرئيس بشار الأسد كشرط لحلّ الأزمة «مسألة مغلقة»، كما صرّح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. العامل الثاني، الانتصارات الميدانية التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه على كافة الجبهات بعد الحصول على الدعم الجوّي الفعّال من روسيا التي استخدمت أحدث ما في ترسانتها العسكرية لضرب الإرهاب في سورية.
(البناء)