بقلم ناصر قنديل

قبل نهاية العام: من اليمن إلى سورية… فلبنان

nasser

ناصر قنديل

– نهاية العام مزدحمة الاستحقاقات والعام المقبل، أميركياً، عام الانتخابات وترتيب الانسحابات، من أفغانستان إلى سائر الملفات الملتهبة، فالتفاهم على الملف النووي الإيراني، الذي تبدأ عائداته بالتدفق على إيران مطلع العام أيضاً، يُقال أميركياً… لو كان ثمة اشتباك يراهَن عليه في تعديل موازين التفاوض لانتظرناه وما وقّعنا على التفاهم وتفاهم مينسك الذي تنتهي آخر حلقة من حلقات تطبيقه في أوكرانيا آخر العام خير دليل. يبقى الشرق الأوسط، وقد منح فيه اللاعبون من الحلفاء لواشنطن فرصاً تتوزع بين تسمين العجول، و»دعهم يصدمون رأسهم بالجدار». فجرى تسمين العجل التركي انتخابياً وتُرك يصدم رأسه بالجدار الروسي، ويستدير راضياً بالرشوة الأوروبية لتسقط الرهانات على منطقة آمنة وجماعات مسلحة تمسك جزءاً من الجغرافيا السورية، وترك الثور السعودي الهائج يصدم رأسه بالجدار اليمني، وها هي الحدود السعودية تنزف وتهتزّ حبالها.

– كانت الصفعة الأولى بما عرضه الروس على الفرنسيّين، رغم الصمت الذي يترك المجال لبطولات لبنانية افتراضية ووهمية باختراع تسمية مَن قدّم المرشح للتسوية الرئاسية، النائب سليمان فرنجية، والطرح الروسي لم يكن فيه تسمية بل عنوان، لا رئاسة للبنان خارج الخط المساند لسورية والمقاومة، ولا رئاسة لغير الزعماء، فهذا هو اتفاق السيد الخامنئي والرئيس فلاديمير بوتين، ففتشوا وتحرّكوا إنْ أردتم دوراً في لبنان، وشاوروا حلفاءكم وحاوروا إيران وحزب الله، ففعل الفرنسيون وكان الأميركيون في صورة التفاصيل، والأصل أنّ هوية لبنان الإقليمية والدولية التي ترمز إليها الرئاسة قد حُسمت وبقيت منها اللبنانيات. وهذا معناه إما العماد ميشال عون أو النائب سليمان فرنجية. والتسليم بهما نصر كامل للرئيس السوري بشار الأسد والسيد حسن نصرالله وحلفائهما.

– التمرين اللبناني شجّع على التسريع بالتمرين الإقليمي، فكان كلام وزيري خارجية أميركا وفرنسا جون كيري ولوران فابيوس عن الرئيس الأسد، وليست التفاصيل هي المهمة، بل الجوهر وهو صفعة للسعودية وتركيا عشية تجميع المعارضة في الرياض لوضع سقف تفاوضي، صار محكوماً اليوم بعنوان أميركي فرنسي، حكومة وحدة في ظلّ الأسد، فكما لبنان كذلك سورية حكماً، لأنّ الأصل في المقترح اللبناني بعده السوري.

– فجأة تغيّر وزير خارجية اليمن، وجاء عبد الملك المخلافي رئيس الوفد المفاوض، والآتي من بيئة قادرة على التجسير وردم الفجوات، وفجأة أنتج المخلافي مع المبعوث الأممي موعداً في منتصف الشهر الجاري لبدء التفاوض حول الحلّ السياسي في جنيف، الذي يؤكد الجميع أنه ناضج كفاية، وبعده بيومين في نيويورك لقاء لوزراء خارجية الدول التي شاركت في فيينا، مخصّص لسورية، وقد أُزيلت قبله العقبة الرئيسية التي قال الغرب وحلفاؤه إنها بقيت عالقة في فيينا، وهي الموقف من دور الرئيس السوري، لينصرف الجميع إلى تصنيف الإرهاب وفقاً للوصفة الروسية، ومعها تحديد موعد للحوار السوري – السوري لحكومة تدعم الجيش وفي ظلّ الرئيس لتخوض الحرب على الإرهاب ضمن المعادلات الدولية، التي تستدعي فك العقوبات عن سورية وفتح العالم أمامها وتمكينها من أسباب القوة لتسريع النصر، فقد صار «داعش» بعد باريس على أبواب واشنطن.

– قد لا تكون جلسة السادس عشر من الشهر الجاري جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، طالما اللبنانيات لم تنضج بعد، وطالما جلسة سورية في الثامن عشر، وربما تكون جلسة في الثالث والعشرين مثلاً، تنتج رئيساً، لأنّ الوقت يضغط والأمر العالق ليس دولياً ولا إقليمياً، الرئيس من خط سورية والمقاومة انتهى، ومحصور باثنين، عون أو فرنجية، والخيار في اللبنانيات حساباته في ضفة الثامن من آذار سهلة بترتيب السلة المتكاملة والعروض الحكومية المرافقة وهوية قائد الجيش وسواها من المسائل. لكن في الضفة المقابلة صراع حقيقي بين المكوّن المسلم والمكوّن المسيحي للرابع عشر من آذار، فالمكوّن المسلم الذي يمثله تحالف الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط مهتمّ بإبعاد مرشح مسيحي صعب واتخذ ترشيحه طابع التحدّي هو عون، لاعتبارات طائفية ومصلحية متعدّدة، والمكوّن المسيحي الذي يمثله الثنائي القواتي – الكتائبي مهتمّ بمصالحه الشعبية المسيحية وكيفية إبعاد فرنجية عن زعامة تتوّج بتأييد عون، ليقول ربما ترشيح عون من قبلنا ونجاحه سيجعلنا أقرب لجمهوره من فرنجية، لكن مشكلتهم إنْ فعلوا وتجرأوا على تحدّي الحريري، سيسبقهم فرنجية إلى مباركة ترشيح عون، وإنْ لم يفعلوا وأذعنوا للحريري، سيسبقهم عون إلى مباركة ترشيح فرنجية.

– السعودية ومَن ركب في مركبها بين تسمين العجول وصدم الرأس بالجدار.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى