أوباما يرفض الاعتراف بالمشكلة: بوعز بسموت
الآن، بعد الكشف عن وجوه القتلة. الآن بعد أن أعلنت الشرطة الفيدرالية رسميا أن المذبحة في كاليفورنيا هي حادثة إرهابية ترتبط بداعش. الآن وبعد أن اكتشفت أمريكا أن العملية الإرهابية الأصعب منذ أحداث 11 أيلول تمت على أرضها على أيدي راديكاليين إسلاميين (لا، ممنوع القول)، وبعد أن أعلنت الزوجة في يوم الجمعة في الشبكة الاجتماعية عن ولائها لزعيم داعش البغدادي. توقع الأمريكيون ردا رئاسيا ملائما.
لكن حينما جاء الرد المسجل، تفاجأ الأمريكيون: اوباما أعلن الحرب على التعديل الثاني للدستور ـ الذي يسمح لكل مواطن أمريكي بحمل السلاح ـ وكانت الحادثة في سان برنردينو في يوم الخميس مشابهة لحملات القتل التي مرت على الولايات المتحدة في السنوات الاخيرة. لو كانت هذه هي المشكلة الاساسية، فان العمليات الثلاث التي حدثت في فرنسا منذ بداية العام ما كانت لتحدث بسبب سياسة حمل السلاح المتشددة الموجودة في فرنسا. ما الذي يفكر فيه الرئيس فعليا؟ أن الإرهابيين هم الذين يحافظون على القانون؟ أن لا يحصلوا على السلاح لأنفسهم لأن هذا ممنوع؟.
المشكلة الكبيرة هي رفض الرئيس الاعتراف بالمشكلة الحقيقية. المعركة ضد داعش هي فشل واحد كبير، وتحالف الـ 62 دولة يصطدم مع تنظيم يستقطب نشطاء من دول عددها أكبر من دول التحالف. ومثلما استنتج الفرنسيون في الشهر الماضي، عندما لا تهزم ظاهرة داعش بشكل حقيقي فانها تدخل اليك ماديا وروحيا. ماديا تحت غطاء المهاجرين، وروحيا لأن رياح داعش دخلت إلى الغرب.
كم من الصعب على الرئيس الأمريكي الاعتراف بالواقع. كم من الصعب عليه الفهم أن رفضه الاعتراف بأن الإسلام المتطرف يلحق الضرر بالمسلمين تحديدا. والتفريق بحد ذاته سيكون منصفا للمسلمين. لأنه سيتعامل مع الجهاد كشذوذ عن القاعدة. ولكن في حقبة الاستقامة السياسية، في الحقبة التي يُحظر فيها اغضاب أحد، في حقبة تكون فيها الحقيقة احيانا الخيار الأخير، فانه يصعب علاج المشكلة.
هناك من تذكر أمس القتل في بورت هود (تكساس) في 5 تشرين الثاني 2009، عندما قتل نضال حسن 13 جنديا وادعى في التحقيق أنه فعل ذلك دفاعا عن أقلية تتعرض للملاحقة. ومن خلال البحث الذي أجراه على الشبكة الاجتماعية اهتم بالجهاد. في حينه فضلوا القول إنه كان يواجه مشكلة في العمل.
من كان أمس في الولايات المتحدة، مثلي، وتابع النشرات الاخبارية والمحللين والصحف، كان سيلاحظ الانتقادات الشديدة للرئيس اوباما. الولايات المتحدة تخاف من داعش أكثر من انهيار الكرة الارضية. ولكن يبدو أن الادارة لا تنجح في تهدئة الرأي العام. اوباما يمكنه الاحتجاج على نفسه فقط.
العملية في سان برنردينو يجب أن توقظ أمريكا. في شهر واحد قُتل أكثر من 400 شخص في أنحاء العالم هم ضحايا الإرهاب الأعمى لداعش: الطائرة الروسية التي تم اسقاطها في سيناء، العملية الاصعب منذ 25 سنة في بيروت والعمليات الصعبة التي شهدتها فرنسا. والآن العملية الأصعب التي شهدتها الولايات المتحدة منذ عمليات التوائم.
أمس سارع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) للتفاخر بأن المهاجمين في سان فرنسيسكو كانوا من مؤيدي التنظيم. يجب أن نفهم أنه يوجد في العالم اولئك الذين لا يرون الفظاعة في عمل الزوجين اللذين حظيا بتحقيق الحلم الأمريكي. من ناحيتهم فان الأم الشابة التي تترك ابنتها الصغيرة عند الجدة وتذهب للقتل، هي بطلة.
يجب أن نفهم أن المشكلة ليست فقط وجود داعش في الميدان واقامة مملكة له، بل المشكلة هي في البديل الذي يقترحه. والفظاعة التي يبيعها ويُصدرها لها زبائن أيضا.
يجب أن نفهم أنه طالما لم يتم القضاء على التنظيم، أو على الأقل توجيه ضربة قوية له، فان روحه ستستمر في الغرب. يجب أن يفهم اوباما أنه يوجد جديد في الغرب وهذا الجديد إسمه داعش.
اسرائيل اليوم