مقالات مختارة

ردّ روسيا العسكري على إسقاط الطائرة حميدي العبدالله

 

يتساءل كثيرون عما سيكون عليه ردّ روسيا العسكري على إسقاط الطائرة التركية لإحدى مقاتلاتها. يعتقد الكثيرون أنّ الردّ الروسي حتى اللحظة كان عبر الإجراءات الاقتصادية، ولا سيما القيود التي فرضت على نشاط الشركات التركية في روسيا، ويتساءلون عما إذا كانت روسيا سوف تعمد في وقت قريب إلى الردّ عسكرياً ولا تكتفي بالردّ الاقتصادي.

في الواقع روسيا ردّت عسكرياً قبل أن تتخذ قرارات الردّ الاقتصادي، وتجلى الردّ العسكري بالخطوات التالية:

أولاً، نشر صواريخ «أس 300» و»أس 400» في الساحل السوري وفي قاعدة حميميم.

وبديهي أنّ هذا ردّ عسكري، إذا ترتبت عليه نتائج استراتيجية وأهمّ بكثير من إسقاط طائرة تركية أو مهاجمة هدف عسكري داخل تركيا، إذ أنها وفرت الحماية للطائرات الروسية للعمل بحرية على الحدود السورية- التركية، كما أرغمت تركيا على وقف طلعاتها الجوية، بما في ذلك تلك التي كانت تحدث في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضدّ تنظيم «داعش»، كما كان في سياق الردّ العسكري تكثيف عمل الأقمار الاصطناعية في سماء سورية، الذي من شأنه أن يزوّد القوات السورية وسلاح الجو الروسي بالمزيد من المعلومات عن تدفق الإرهابيين عبر الحدود التركية- السورية. ثم أنّ نشر هذه الصواريخ المتطوّرة أسقط حلم أردوغان وداوود أوغلو في إقامة منطقة حظر جوي داخل الأراضي السورية، ولعلّ هذا من الخسائر الاستراتيجية التي مُنيت بها حكومة أردوغان جراء الردّ العسكري الروسي.

ثانياً، استهداف القوافل التي تعبر الأراضي التركية إلى داخل سورية، سواء كانت قوافل دعم عسكري للجماعات المسلحة، أو التجارة غير المشروعة مع المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة، والغارات الكثيفة التي استهدفت المعابر في محافظتي حلب وإدلب على الحدود التركية، ما كان له أن يتمّ على هذا النحو من قبل سلاح الجو الروسي لو لم يوفر أردوغان المبرّر لسلاح الجوّ الروسي، بعد إسقاطه الطائرة الروسية.

ثالثاً، تركيز الضربات الجوية ضدّ مواقع المسلحين التي تتواجد على الحدود السورية- التركية بكثافة أعلى مما كان عليه الوضع قبل إسقاط الطائرة الروسية، وقد أدّى ذلك، مع انكفاء الطائرات التركية وعدم تحليقها في المنطقة، إلى إسقاط منطقة الحظر الجوي التي فرضها الطيران التركي كأمر واقع بعمق 8 كيلو متر بذريعة تفاهمات كان قد تمّ التوصل إليها بين الحكومتين السورية والتركية بعد أزمة عام 1998.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى