إسقاط الطائرة الروسية وفيينا 3 حميدي العبدالله
كان من المنتظر أن يُعقد لقاء فيينا 3 في منتصف شهر كانون الأول الحالي. وعلى الرغم من أنه لم يصدر حتى هذه اللحظة ما يفيد بتأجيل عقده في الموعد الذي تقرّر في فيينا 2 ، إلا أنّ ثمة ما يفيد بأنّ عقد فيينا 3 في موعده المحدّد واحترام الجدول التنفيذي لإطلاق العملية السياسية في سورية وفقاً لما أعلن عنه في فيينا 2 لم يعد ممكناً بعد إقدام تركيا على إسقاط الطائرة الروسية.
يتساءل كثيرون، هل أنّ تعمّد إسقاط الطائرة الروسية في هذا التوقيت بالذات، وتحديداً قبل وصول وزير خارجية روسيا إلى أنقرة بأقلّ من 24 ساعة، كان هدفه تعطيل العملية السياسية وإعادة خلط الأوراق، بعدما تبيّن بوضوح أنّ تفاهمات فيينا 1 التي تمثلت بالنقاط التسع، وتفاهمات فيينا 2 التي تمثلت بالنقاط السبع، لا تصبّ في مصلحة ورؤية تركيا أردوغان لحلّ الأزمة في سورية.
لا يمكن استبعاد مثل هذا الاستنتاج في ضوء النتائج التي ترتبت على عملية إسقاط الطائرة. لكن على فرض أنه تمّ الالتزام بعقد فيينا 3 في الوقت المقرّر، واحترام الجدول الزمني الذي تمّ التفاهم عليه في فيينا 2 ، فإنّ هذا يعني أنّ فيينا 3 سيُعقد في ظروف ميدانية، عسكرية وسياسية، تختلف عن ظروف عقد فيينا 1 وفيينا 2 .
أبرز التطورات الميدانية العسكرية والسياسية التي ستؤثر على مداولات فيينا 3 في حال عقده في الموعد المحدّد، تتلخص في المعادلة العسكرية الجديدة الناجمة عن نشر صواريخ «أس 300» وصواريخ «أس 400» في سورية، وما ترتب على نشر هذه الأسلحة المتطوّرة من تغيّر قواعد الصراع في سورية، حيث باتت الحدود السورية، ولا سيما مع تركيا، محمية بهذه المظلة الجوية الروسية، وإذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها قد أوقفوا عملياتهم ضدّ «داعش» منذ نصب صواريخ «أس 400» في قاعدة حميميم، فإنّ قصف الطيران الروسي المتواصل لقوافل دعم وإمداد المسلحين في أرياف حلب وإدلب واللاذقية، من شأنه أن يؤثر جذرياً على الوضع الميداني، حيث بدأت قوات الجيش السوري وحلفاؤها بتحقيق تقدّم ملحوظ على كافة الجبهات، وهذا التقدّم بما يترتب عليه من موازين قوى جديدة سيحكم أيّ مداولات سياسية على أيّ مستوى وعلى أيّ صعيد، بما في ذلك فيينا 3 .
السؤال المطروح الآن، هل الولايات المتحدة وحلفاؤها يسعون لتأجيل عقد فيينا 3 لأن ليس من مصلحتهم عقده في مثل هذه الظروف بانتظار احتواء مرحلة ما بعد إسقاط الطائرة الروسية، أم أنهم يلتزمون بعقد اللقاء في موعده، حيث سيكون اللقاء بذاته الإطار لمعالجة ذيول إسقاط الطائرة الروسية؟
سؤال جوابه في شهر كانون الأول الحالي.
(البناء)