مقالات مختارة

رحلات سارة وبنيامين:نيتسان هوروفيتش

 

سارة ونتنياهو سافرا إلى مؤتمر الأجواء في باريس على رأس وفد كبير. أجواء؟ لا يوجد تناسب بين حجم الحاشية وبين موضوع الأجواء. وفي النخب السياسية الإسرائيلية لا يُخفون هذه المهزلة. ما شأننا بهذه السخافة التي تهتم بها اوروبا وحزب الخضر، وما الذي يناقشونه هناك أصلا في هذه اللجان حول الأجواء؟ إنهم يتعاملون مع اشياء سخيفة، أما نحن الأناس الجديين فلنهتم بالامور المهمة والمشتعلة بالفعل، الأمن، الإرهاب والغاز.

الاستخفاف الإسرائيلي بالموضوع الاكثر أهمية في البرنامج العالمي هو شيء من الجنون. وحقيقة أنهم يتفاخرون بهذا الجنون تؤكد الانفصال التراجيدي بين إسرائيل وبين المؤسسات الدولية وكل العالم. المقولة المعروفة أنه لا توجد سياسة خارجية لإسرائيل، بل فقط سياسة داخلية، لا تفسر الامر. فانهيار الاجواء يؤثر بشكل مباشر ودراماتيكي على الأمن والاقتصاد وموضوع الغاز بالطبع، وكذلك على الإرهاب وموجات اللاجئين.

الطاقم رفيع المستوى لاوباما يملك معطيات حول عمق الازمة. فمنذ زمن لم يعد الحديث فقط عن الأضرار في حالة الطقس، بل التغيير الدراماتيكي لنظام الأجواء، الامر الذي يزعزع البنية الدولية حيث موجات الحرارة والبرودة المتطرفة والعواصف القاتلة والفيضانات والحرائق والامراض. ففي الولايات المتحدة وحدها تُقدر الاضرار بـ 100 مليار دولار سنويا. هذا فقط الضرر المباشر حيث من الصعب اعطاء تقديرات حول الاضرار في مجال الصحة نتيجة للحرارة والتلوث الجوي والامراض المتعلقة بالغذاء والمياه والجراثيم. إلا أن هذه الاضرار ضخمة من حيث حجمها، والاكثر تعرضا لهذه الاضرار هم الاطفال والشيوخ والفقراء.

انهيار الأجواء يؤثر ايضا على الشرق الاوسط. فهذا هو سبب عمق الانهيار في سوريا وموجات اللاجئين من افريقيا، بسبب الجفاف. ووجود أمراض فتاكة من مناطق اخرى، شعوب بأكملها تهاجر وتحاول دخول الدول الغنية، وليس هناك دولة محصنة.

التوقعات للسنوات القادمة مُخيفة. ارتفاع مستمر في درجات الحرارة الامر الذي سيزيد من انهيار الأجواء في جميع القارات. وارتفاع مستوى سطح البحر وتغير اتجاه الرياح بشكل يصعب التنبؤ به. الحديث يدور عمليا عن لغز كبير. العلماء يُغيرون باستمرار نموذج التوقعات لأنه في كل سنة يتبين أن الصورة أصعب وأخطر كثيرا مما توقعوا.

موضوع واحد لا يوجد فيه لغز وهو سبب الكارثة. التلوث الذي يتسبب به الانسان هو العنصر الاكثر تأثيرا على تغيير الأجواء. الغازات التي تتسبب في الارتفاع الحراري الناتج عن حرق الغازات المتحجرة (الفحم، الغاز الطبيعي والنفط) ونفايات الاشجار وبقايا الطعام. من هنا ايضا يمكن استخلاص طريقة الحل: تقليص استخدام الوقود والغازات والانتقال إلى الطاقة النظيفة.

الجنون الإسرائيلي يبرز على هذا المفترق الحساس بكل ما فيه من اساءة. شركات إسرائيلية وتكنولوجيا إسرائيلية توجد على رأس «كلاين تك»، أي الطاقة من مصادر جديدة والصراع ضد التصحر. إلا أن الحكومة لا تمد يد المساعدة لتحقيق الامكانية الاقتصادية والسياسية الكبيرة الكامنة في هذا الموضوع.

في إسرائيل نفسها الأمر مهين أكثر حيث أن الحكومة لا تحاول تحقيق الاهداف التي وضعتها لنفسها من اجل تقليل تسرب الغازات. ومنذ اكتشاف الغاز سحبت يدها كليا من موضوع الطاقة النظيفة. لكنهم جميعا يسافرون إلى المؤتمر في باريس.

والأمر المهم هو أن نتنياهو قد يُزاحم ايضا هذه المرة من اجل الوصول إلى الصف الأول والتقاط صورة مع زعماء العالم.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى