بقلم غالب قنديل

ترشيح فرنجية والتسوية

franjeyee

غالب قنديل

أحدثت المعلومات الصحافية المتداولة حول لقاء باريس بين الوزير سليمان فرنجية والشيخ سعد الحريري تداعيات سياسية كبيرة ونافرة في جميع الدوائر السياسية وعلى مقلبي 14 و8 آذار وداخل تيار المستقبل نفسه وبينما يبدو الارتباك والغموض مهيمنان في ضوء عدم إعلان الحريري وجنبلاط لترشيح زعيم تيار المردة رسميا كما تردد تطرح روايات كثيرة عن خلفيات العرض الحريري ومضمونه .

أولا إن على قوى الثامن من آذار التصرف مع التسوية المطروحة وفقا لما اعلنه الوزير سليمان فرنجية بمعنى أن الإعلان الرسمي للترشيح من قبل الحريري هو الذي يخلع عن كل ما يدور شبهة المناورة الهادفة لإثارة البلبلة وخلط الأوراق ولكن يجب على قيادات هذا الفريق فتح نقاش جدي في ما بينها حول مضمون السلة المتكاملة التي يمكن ان تقبلها بحديها الأدنى والأعلى وألا تؤجل هذا النقاش المستحق .

السؤال المركزي الذي يجب بلورة الإجابة المشتركة عليه هو أي قانون انتخاب يمكن ان توافق عليه قوى الثامن من آذار سواء ذهب الفريق الآخر لانتخاب الوزير سليمان فرنجية أم قبل بمرشح قوى 8 آذار الرسمي العماد ميشال عون فالمسألة المركزية في مستقبل البلد ونظامه السياسي هي قانون الانتخاب سواء كان المطلوب التجديد السياسي للدولة ومؤسساتها ام حل معضلات الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية الموروثة عن تطبيقات صيغة الطائف المشوهة بفضل الحريرية ونظامها ولا بد كذلك من نقاش يهدف لبلورة الأولويات الاقتصادية الاجتماعية لنهج حكومات العهد الجديد التي ستدير البلاد بعد الانتخابات الرئاسية .

ثانيا مبادرة الوزير فرنجية لزيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هي خطوة في الاتجاه الصحيح لإطلاق المشاورات والنقاشات حول مضمون التسوية التي يقترحها الفريق الآخر في الكواليس ولم تتحول بعد إلى مشروع رسمي .

الوزير سليمان فرنجية ومن موقعه كعنوان مقترح للخروج من المأزق الدستوري والسياسي مدعو من الآن لتحريك النقاش مع حلفائه حول مضمون التسوية المقبولة التي تناسب المصلحة الوطنية اللبنانية والتي سيكون في حال انتخابه مؤتمنا على تحويلها إلى برنامج حكم وهو بذاته أصلا يمثل ضمانة مبدئية في الالتزام بما يعلنه مهما كانت التبعات كما تبرهن سيرته السياسية التي انتزعت له احتراما واسعا في صفوف المواطنين والسياسيين ، الخصوم منهم والأصدقاء .

في مشروع التسوية بندان رئيسيان قانون الانتخاب والإصلاح الاقتصادي الاجتماعي ومن قلب اتفاق الطائف ثمة بنود معطلة حولهما تستوجب الإحياء والتنفيذ ما دام تيارالمستقبل يستحضر الطائف كقاعدة للتفاهمات الوطنية.

ثالثا إن اضطرار الفريق الآخر الذي استهدف المقاومة وارتهن للخارج وتورط في الحرب على سورية إلى ترشيح الوزير سليمان فرنجية في حال حصل ذلك رسميا وعلانية إنما هو اعتراف بأن لا مناص من تثبيت هوية لبنان العربية وعلاقته المميزة بالشقيقة سورية والتزامه بحماية المقاومة وبمجابهة الخطر العدواني الصهيوني والتصدي للإرهاب التكفيري فشخص الوزير سليمان فرنجية يحمل معه هذه الالتزامات الحازمة إلى سدة الرئاسة الأولى وهذا معروف ومعلوم وثابت.

الذي يريده الأميركي صاحب الاقتراح أصالة هو حماية ما يمكن حمايته من مواقع نفوذه المهددة بالتآكل وبالذات تمكين الحريرية التي تقلصت مواردها المالية وحيثيتها السياسية مع حلفائها من منع إقرار النظام الانتخابي النسبي الكامل الذي سيعني تقليص فرص احتكار التمثيل الطائفي وتثبيت تعددية سياسية شاملة وفتح أبواب النظام السياسي على التقدم نحو فكرة الدولة المدنية المعاصرة.

الفحوى الحقيقي للتسوية المقترحة هو “خذوا الرئيس والثوابت التي يمثلها وأعطونا النظام السياسي” وضمنا الاقتصادي الذي تتمسك به الحريرية التي بنت بقاءها منذ اتفاق الطائف على انتزاع تفويض داخلي مقابل تنازلات “خارجية ” ما لبثت ان انقلبت عليها وهنا بيت الوجع بل الأوجاع اللبنانية المرهقة منذ عشرين عاما .

بالطبع لن تكون التسوية حلا جذريا وبالتاكيد إن انتخاب الوزير سليمان فرنجية للرئاسة هو انتصار للخيار الوطني العروبي التحرري الداعم للمقاومة والمتحالف مع سورية لكن لا بد من تحصين هذا التحول استباقيا بقانون انتخاب جديد وبمشروع إصلاحي اقتصادي اجتماعي يقطع الطريق على محاولات إعادة إنتاج هيمنة الحريرية السياسية والاقتصادية المسؤولة عن الخراب الشامل في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى