مقالات مختارة

اسقاط سوخوي-24 نقطة تحول روسية لصياغة معادلات جديدة تركيا تقود مواجهة بغطاء اميركي د.منذر سليمان

 

       تراجع سريعا تبرير تركيا عالميا بالزعم ان اسقاط القاذفة الروسية جاء عقب اختراقها الاجواء والسيادة التركية، على الرغم من اختراق الطائرات الحربية التركية المتكرر لاجواء اليونان والعراق وسوريا وارمينيا. واثار موجة تداعيات وردود فعل متباينة، ابرزها توفير الرئيس اوباما غطاء سياسيا لاردوغان وحقه “في الدفاع عن سيادة اراضيه واجوائها،” واعتباره العمليات العسكرية الروسية “تسهم في تفاقم الازمة .. (لا سيما) باستهدافها قوى من المعارضة السورية تدعمها تركيا

.”

       وقطع الرئيس الروسي بوتين الشك باليقين، صبيحة الجمعة 27 تشرين2/ نوفمبر الجاري، باعلانه ان قيادة بلاده ابلغت الولايات المتحدة مسبقا بمهمة طائرتها قاذفة القنابل التي اسقطها سلاح الجو التركي، واستطرادا ان تركيا بحكم موقعها في حلف الناتو تلقت علما بهوية الطائرة ومنطقة عماياتها.

       وقال الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي ان ”الولايات المتحدة قائدة التحالف الذي تشارك فيه تركيا، تعرف مكان وتوقيت مرور طائراتنا، وتم ضربنا في المكان والتوقيت المحدد بالضبط،” مؤكدا ان زعم تركيا الجهل بطائرة السوخوي-24 “عذر عبثي،” محذرا اردوغان من اللعب بالنار.

       في نظر القانون الدولي الصرف، المقاتلة الروسية “لم تقم بمهمة عدائية تجاه تركيا،” وبالتالي فان تركيا عرضت نفسها للمساءلة بارتكابها “جريمة حرب.” بل من ابرز تداعيات القرار التركي انه ضاعف من احتمالات مساءلة القيادة التركية وتكبيدها اثمانا باهظة في مقدمتها تعزيز الموقف الروسي وانخراطه الفعلي في سوريا، جسده الكرملين بارسال احدث منظومة في دفاعاته الجوية، اس-400، للاراضي السورية وبالقرب من الحدود التركية، وخشية تل ابيب من امكانية تهديدها لاي طائرة تقلع او تهبط في مطار” اللد، او اي طائرة “اسرائيلية” في سماء لبنان.

كما ارسلت موسكو احد احدث طراداتها العسكرية، موسكوفا، قبالة سواحل اللاذقية والذي يعتبره حلف الناتو “قاتل حاملات الطائرات،” لمميزاته التسليحية المتطورة منها منظومة دفاع صاروخية من طراز “فورت،” مشابهة لمنظومة اس-300، وتتميز بقدرة مناورة عالية.

تركيا من جانبها حافظت على لهجة التصعيد والتحدي، لا سيما بعد اعلان روسيا تخاذ اجراءات مقاطعة اقتصادية بديهية ضدها، للتمويه على قرارها “بتعليق” طلعات مقاتلاتها بالقرب من الحدود السورية، رافقتها موسكو بتصعيد عملياتي من جانبها وتحديدا في الشريط الممتد من جرابلس السورية الى واحل البحر المتوسط، وهي المنطقة التي صرح اردوغان بانه سيعلن عن انشاء منطقة “آمنة،” او حظر جوي.

تراجع تركيا ميدانيا دللت عليه موسكو باستهداف حقيقي مدروس لقوافل حاملات النفط السوري المهرب باتجاه الاراضي التركية، بل نيتها الاستمرار والتدرج في ذلك لحرمان تركيا من التنعم بالمسروقات السورية. التراجع ايضا دليل بيّن على هوية صاحب القرار في التصعيد والتهدئة، ومؤشر ايضا على ان اردوغان وطموحاته بعد فوز حزبه باغلبية المقاعد البرلمانية مؤخرا، يبدو ابعد ما يكون عن تحقيق اي من اهدافه المعلنة بتقسيم سوريا وبسط نفوذه عليها وعلى العراق في آن.

       الدول الملحقة بالتحالف مع تركيا، لا سيما في الخليج العربي، اعربت عن ارتياحها الفوري لاسقاط الطائرة الروسية باعتباره “قرار سياسي وتصعيد محسوب” من تركيا، كما اوضح الصحافي “السعودي” جمال الخاشقجي، مبشرا ان “ما قبل الحادث لن يكون هو ذاته ما بعد ذلك.” رئيس مركز “بيلغي اسلام” البحثي في انقره، اتيلا صانديكلي، اعتبر قرار بلاده تهور سياسي وجاءت “هذه الحادثة لتزيد الطين بلة.”

الناتو يحفظ خط التراجع

       استجاب حلف الناتو لدعوة تركيا بالانعقاد الطاريء في مقره ببروكسل متخذا قراره بدعم انقره دون التكامل مع مطلبها بتدخل الحلف عسكريا لجانب احد اعضائه، بل طالب بعض مندوبيه الرئيسيين انقره “التحلي بالتهدئة وعدم التصعيد،” والادلاء بصريح العبارة ان تركيا “لم تقم بمرافقة المقاتلة الروسية خارج مجالها الجوي،” مناشدين انقرة عدم الاقتراب من “حافة الهاوية.”

       منذ دخول روسيا المباشر في القتال في سوريا، استمزجت قيادتها العسكرية ردود فعل حلف الاطلسي عبر اختراق طائراتها الاجواء التركية على مدى يومين متتاليين، مما دفع قيادة الحلف “التنديد بانتهاك سيادة الاجواء التركية، وانتهاكها مسرح عمليات قوات الحلف.”

       في هذا السياق ايضا، حل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضيفا على البيت الابيض في اطار زيارة كانت مقررة مسبقا، فور وقوع اسقاط القاذفة الروسية، رمى منها حث واشنطن الانضمام الفعلي لجهود موسكو وتصديهما المشترك لداعش، الأمر الذي لم يلقَ تعاطفا جادا من قبل الرئيس اوباما. وتوجه عقب ذلك للقاء الرئيس الروسي بوتين في موسكو بغرض التنسيق العملياتي المذكور. اللافت انها المرة الاولى التي يعرب فيها الجانب الفرنسي عن حشد الجهود جنبا الى جنب مع الجيش العربي السوري، وروسيا، لمقاتلة داعش، “الذي يشكل العدو الاوحد لفرنسا.” حركة هولاند ادت باردوغان للتغريد وحيدا خارج السرب على يد اقرب حلفائه الاوروبيين.

       لعل الابرز في التصريحات الفرنسية منذ جولة هولاند ولقاءاته مع اوباما وميركل وبوتين “احجامه” عن المطالبة برحيل الرئيس الاسد كما درجت السياسة الفرنسية عليه منذ بدء هجمات المجموعات المسلحة على الدولة السورية. هولاند تسلم “تصدر” الملف السوري ليس للهجمات الارهابية الاخيرة في بلاده، بل ايضا بحكم انشغال المانيا ومستشارتها ميركل بالازمة الاقتصادية مع اليونان وتداعياتها على لحمة الاتحاد الاوروبي برمته. وعليه، نستطيع القول ان فرنسا هولاند اضحت في المقعد الامامي الاوروبي والغربي معا في التعامل مع الازمة السورية.

علاوة على ما تقدم في الساحة السورية، لوحظ تراجع اوروبي واضح، المانيا وفرنسيا بالذات، من تصعيد الموقف مع روسيا في اوكرانيا وشبه جزيرة القرم، مما يؤشر على ان المبادرة الفرنسية نضجت بمباركة اميركية لتجاوز مرحلة سياسية عادت على الدول الاوروبية بالضرر الاقتصادي واستشراء الارهاب في اراضيها. حركة هولاند “المفاجئة” وتصريحاته الايجابية نحو الجيش العربي السوري ربما أتت تتويجا واقتداء بسلفه شارل ديغول القائل “رجال الدولة يتراجعون امام المحن.”

آفاق المرحلة المرئية  

       الاستناد الى لغة التصريحات الرسمية حصرا لا يعدو كونه احد العوامل التي تؤخذ في الحسبان لاستقراء التحركات السياسية للقيادات المنخرطة والفاعلة في الصراع: بوتين، اوباما، هولاند، والى درجة اقل بكثير يأتي الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. التصريحات التصعيدية الصادرة عن كل من روسيا وتركيا تؤشر على نضوج ازمة يحرص الطرف الاضعف على عدم الذهاب بعيدا فيها لنقطة التفجير.

       مفصل الافتراق الروسي الاميركي ليس في الموقف من شخص وموقع الرئيس السوري بشار الاسد، بل لطبيعة تعريف القوى والمجموعات الارهابية. موسكو ودمشق تعتبران ان كل من يحمل السلاح ضد الدولة السورية ويرتبط باجندة وتمويل خارجي تنطبق عليه صفة الارهاب ينبغي اجتثاثه. واشنطن وحلفاءها الاقليميين يوفرون الدعم التسليحي والتمويلي والغطاء السياسي لمروحة واسعة من مسميات واستنساخات التنظيمات الارهابية، وتحرص على اقصاء روسيا من التعرف على مواقع “المعارضات المعتدلة” واستهدافها.

       بيد ان الاغراض المرجوة من استيلاد تلك المجموعات ومشتقاتها لم تؤتِ أكلها في اطار الاستراتيجية الاقليمية والكونية للقوتين العظميين، وتراجعت اهميتها الميدانية بالنسبة لمشغليها باضطراد مع بدء الدعم الجوي الروسي لقوات الجيش العربي السوري. واضحت “عبأً” على مشغليها ينبغي ادارته وتحجيمه الى مستوى بقائها تحت السيطرة وعند الطلب، لاسيما بعد اعلان قادة من “لواء التركمان” مسؤوليته عن اغتيال الطيار الروسي اثناء هبوطه بمظلته في قرية يمادي السورية.

تفجيرات باريس الاخيرة فرضت واقعا جديدا ومستجدا على بعض الدول الاوروبية، وتحول بعض مواقفها بالابتعاد عن دعم الارهابيين وتسهيل دخولهم للاراضي السورية عبر تركيا. وجاءت تحركات فرنسا هولاند والتقرب من روسيا تجسيد على التحولات الجارية في المواقف الاوروبية. واثمرت ايضا انحراف المانيا بنفس الاتجاه، اذ صرحت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، الجمعة 27 نوفمبر، ان بلادها قررت الانضمام ومشاركة فرنسا الحرب على الارهاب “بناء على طلبها.”

       على هدي قاعدة “ربما ضارة نافعة،” يستعيد الرئيس الروسي بوتين مركزيته في تصدر التحركات السياسية على امتداد الساحة الدولية، اسوة بما حققه من نجاح في دورة الجمعية العمومية للامم المتحدة الاخيرة، باعلانه انخراط بلاده مباشرة في الازمة السورية.

       ستشهد باريس مطلع الاسبوع المقبل، الاثنين 30 نوفمبر، انعقاد “مؤتمر باريس للمناخ،” الذي سيحضره عدد وافر من قادة العالم من بينهم الرئيس الاميركي باراك اوباما.

حافظ الرئيس بوتين على “تجاهل” استقبال مكالمات الرئيس اردوغان للتحدث معه هاتفيا عقب اسقاط المقاتلة الروسية. وجاء في آخر تصريحات اردوغان انه وجه طلبا رسميا للقاء الرئيس بوتين في باريس خلال انعقاد المؤتمر المذكور وتقديم الاعتذار العلني رسميا، كما يعتقد. سبق طلب اردوغان الاخير تصريحات ادلى بها رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو يعلن استعداد بلاده “لتهدئة الاوضاع مع روسيا .. والاستعداد للتعاون معها بشأن داعش.”

الرئيس بوتين لم يعلن عن استجابته او جوابه بعد، بيد ان الاجواء السياسية الراهنة تطغى عليها نتائج زيارة الرئيس الفرنسي لموسكو واعلان الجانبين تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالمجموعات الارهابية في سوريا.

في هذا السياق، نعود “لرؤية” المحلل “السعودي،” جمال الخاشقجي بأن ما سبق عملية اسقاط المقاتلة الروسية ليس كما بعدها. اردوغان وحلفاءه كانوا يعدون لمرحلة يوفرون الدعم المطلوب “لمجموعات التركمان” للسيطرة على الشريط الجغرافي الفاصل بين الحدود المشتركة مع تركيا والارياف السورية الشمالية، لا سيما محافظة اللاذقية. وتعالت المراهنات على “حشر” روسيا في المستنقع السوري والفتك به.

روسيا قبل اسقاط قاذفتها السوخوي غيرت قواعد الاشتباك والعاملين في الساحة السورية، كما دلت عليها التحركات الاميركية المباشرة وعبر والوكلاء. تداعيات الطائرة وفرت لها ذخيرة اضافية، سياسيا وعسكريا، لتعزيز حضورها وفرض شروطها على الوكلاء والاصلاء المعادين للدولة السورية؛ واستطاعت تحييد حاملة الطائرات الفرنسية من مهامها السابقة بلاستعداد لقصف نفوذ الدول السورية الى الانضمام لجهودها في شن غارات جوية على مواقع داعش.

نجم الرئيس الروسي يلمع مجددا على الساحة الدولية واصبح محور التحركات الدولية التي تطلب وده والتوسل اليه في مؤتمر باريس المقبل.

ميدانيا، تضاعفت انجازات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة، مدعومة بالتغطية الجوية الروسية، واستعاد عدد كبير من الممرات والمراكز الاستراتيجية التي خضعت لسيطرة المجموعات المسلحة لفترة قريبة. انهيار المسلحين في جملة من المواقع الحساسة بلغت حدا لم يستطع الاعلام الغربي وحليفه الخليجي تحديدا التغاضي عنه، وان على مضض، وعززت التصريحات الغربية المطالبة بضرورة العمل الجاد مع روسيا في محاربة داعش.

من بين ابرز انجازات الغارات الروسية اسقاطها نظرية اردوغان، وداعميه من دول الخليج العربي، لانشاء “منطقة آمنة .. او منطقة حظر جوي” داخل الاراضي السورية؛ وقلبت روسيا المعادلة لتحرم تركيا من حلمها ببسط سيطرتها الامبراطورية وتفتيت سوريا وتقاسم غنائمها مع الممولين العرب والذين يكنون العداء لسوريا.

الابعاد الاقتصادية لاسقاط القاذفة

سواء اخذ اردوغان وداعميه في الحسبان التأثيرات الاقتصادية ام لا، فانها صبت في المحصلة برفد الخزينة الروسية بمزيد من اموال النفط عقب ارتفاع اسعار النفط الخام في الاسواق الدولية؛ كما شهدت اسعار الذهب ارتفاعا بنسبة 7 دولارات للأوقية في الاسواق العالمية.

اوروبا زادت نسبة قلقها من تدهور الاوضاع العالمية نتيجة تصرف حكومة اردوغان نظرا لدخول فصل الشتاء واعتمادها بنسبة كبيرة على توريد الغاز الروسي، لا سيما وان تركيا ذاتها تعتمد عليه بنسبة 57% من احتياجاتها، علاوة على ما تحصده من واردات لمرور انابيب الغاز الروسي المتجهة لاوروبا عبر اراضيها.

تصريح وزير الدفاع الروسي الكسندر شويغو حول المقاتلة باعتباره حادثة اسقاطها “عملا عدائيا .. تستدعي اتخاذ جملة من التدابير للرد عليها،” تجسدت على الفور بمقاطعة السياحة لتركيا التي تعد المحطة الاولى للسياح الروس. كما لم يغفل الخبراء السياسيين والاقتصاديين على السواء تداعيات اقدام روسيا على تخفيض او قطع توريداتها من الغاز بالكامل عن تركيا؛ والتداعيات الاخرى على مشاريع بناء مفاعلات نووية روسية لتركيا العام المقبل، ومشروع خط الانابيب “ترك ستريم” لنقل الغاز الروسي لاوروبا عبر تركيا واليونان لتفادي مروره بالاراضي الاوكرانية.

نمو الاقتصاد التركي في تراجع، وكذلك قيمة العملة التركية في الاسواق الدولية، مما سيفاقم من خيارات الرئيس اردوغان واضطراره لاعادة النظر في سياساته التصعيدية مع موسكو، يضاف الى ذلك الخلافات والتباينات السياسية بين دول الاتحاد الاوروبي، من ناحية، ومع الولايات المتحدة من ناحية اخرى، على ضوء المخاطر الناجمة عن فتح تركيا حدودها لتدفق اللاجئين، السوريين وغيرهم، للدول الاوروبية.

قرار الاسقاط بيد من؟

السؤال الجوهري الذي يتردد على ألسنة الخبراء العسكريين والسياسيين والمراقبين الاعلاميين على السواء من هو الطرف صاحب قرار اسقاط القاذفة الروسية “عن سبق اصرار وترصد،” كما تعتقد روسيا الرسمية والشعبية.

الولايات المتحدة، على الرغم من تصريحاتها السريعة بدعم تركيا وتفسيرها العملية بحصرها “بين روسيا وتركيا،” رامية بذلك الى ابعاد الشبهة عن اي دور فاعل لواشنطن، جسدتها تصريحات قادة البنتاغون واتهام القادة الروس “بالمبالغة” لمدى انجازاتهم في سوريا.

في مؤتمر الدول الصناعية الاخير في انطاليا التركية اتهم الرئيس الروسي بوتين “بعض الدول المشاركة” في القمة بدعم الارهاب والجماعات الارهابية في سوريا، وفُهم من سياق حديثه انه كان يقصد تركيا والسعودية بالدرجة الاولى. بل ذهب ابعد من ذلك في رفضه اي كلام يحدد “مصير الرئيس السوري،” متسلحا بالموقف والقانون الدولي الذي لا يجيز التدخل الاجنبي بالشؤون الداخلية لأي بلد.

روسيا ماضية في تصويب بوصلة الارهاب نحو تركيا “وجيران سوريا” من الدول؛ بتأكيد وزير خارجيتها سيرغي لافروف في احدث لقاء ضمه مع وزير الخارجية السوري الزائر، وليد المعلم، 27 نوفنبر الجاري، التزام بلاده “تقديم كل المساعدات الضرورية لقيادة الجمهورية العربية السورية في ملاحقة الارهابيين والقضاء عليهم.” واتهم تركيا وقيادتها بانها “تغامر قيادة تركيا الى وضع صعب جدا .. في المنطقة بشكل عام.”

امام اصرار روسيا، وعلى اعلى المستويات، تقديم تركيا اعتذارا رسميا على فعلتها، رفضت الاخيرة مجرد التعرض للفكرة وتظاهرت بجهلها هوية الطائرة وان جيشها “لم يتعمد اسقاط طائرة روسية.” اللافت ان تصعيد لهجة الخطاب السياسي التركي جاء مواكبا لوصول قوات اميركية خاصة لمدينة عين العرب – كوباني بحجة “تدريب ودعم الاكراد.”

الدعم الاميركي لتركيا، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وايلائها التدخل في ملفات اقليمية حساسة في الصراع الاستراتيجي الدولي، وتوفيرها الغطاء السياسي الفوري، يؤشر على ان قرار اسقاط المقاتلة الروسية نجم عن “تخطيط” مسبق نميل الى تعريفه بالمدروس بعناية، يعززه التصريحات المتناقضة لتركيا حول هوية الطائرة، من ناحية، والزعم بتوجيهها سلسلة تحذيرات متتالية دحض صدقيتها مساعد الطيار الروسي الناجي من الهجوم.

معالجة حادثة اسقاط المقاتلة ضمن موازين القوى الدولية وصراع الولايات المتحدة للهيمنة واقصاء القوى الصاعدة، وعلى رأسها الصين وروسيا، يعزز الاعتقاد بان صاحب القرار لا تنطبق عليه مواصفات دولة من الدرجة الثانية، كتركيا، والتي لا تقدر على تحمل نتائج فعلة لها انعكاسات اقليمية ودولية بمفردها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى