محاور الرد الروسي
غالب قنديل
روسيا القوة العظمى التي تقود الحرب ضد الإرهاب في سورية بالشراكة مع الدولة الوطنية السورية وحلفائها في محور المقاومة درست جميع الاحتمالات عندما أقرت خطة الحرب مع شركائها وبناء لطلب الرئيس بشار الأسد الذي أسبغ على الدور الروسي شرعية دستورية في عرف القانون الدولي.
أولا منذ الربيع الماضي أجرى الرئيس فلاديمير بوتين إتصالات مكوكية واكبت أشهر التحضير العسكري الخمسة التي كشف عنها قائد المقاومة السيد حسن نصرالله ، وكان هدف الكرملين استكشاف فرص إخراج المتورطين من حلف الحرب الداعم لعصابات الإرهاب التكفيري في سورية.
ساهمت مساعي الرئيس بوتين في بلورة خيارات بعض الأطراف الفاعلة في المنطقة وانعكست مباشرة على مواقف كل من مصر والأردن والإمارات بينما ظلت حكومات كل من تركيا والسعودية وقطر على صلفها وطورت من تحركاتها الداعمة للعصابات الإرهابية في حين واظبت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على مواقفها المعروفة الرافضة لخيار تجفيف الموارد الذي نصت عليه قرارات مجلس الأمن الدولي المعطلة وواصلت لعبة الابتزاز السياسي لخدمة اهدافها الاستعمارية في سورية .
ثانيا النجاح الروسي في لجم التورط الأردني جعل البوابة التركية خط الإمداد المركزي لعصابات الإرهاب وبصورة خاصة مع كون داعش امتدادا عضويا اقتصاديا ومخابراتيا لحزب الأخوان الحاكم في تركيا ولعائلة أردوغان وفي الوقت عينه تتصل بتركيا عضويا جماعات إرهابية متعددة كجبهة النصرة وحركة احرار الشام وجيش الإسلام وجيش الفتح وفصائل التركمان والطاجيك والشيشان وسائر تفرعات الأخوان المسلمين وقد بات لتجفيف الموارد الإرهابية معنى حاسم هو تقطيع الأذرع التركية في سورية ولتصفية الإرهاب على أرض سورية معنى مركزي هو ضرب ما يعتبره أردوغان أداة نفوذه السياسي في سورية ووسيلة تحقيق أطماعه في الجغرافيا السورية وخصوصا في مناطق الشمال السوري التي مارس فيها تدخلا لصوصيا وإرهابيا فظا ومباشرا وما يزال ضباطه متواجدون في صفوف العصابات الإرهابية التي تقاتل ضد الجيش العربي السوري في محافظتي حلب وإدلب وفي جبال اللاذقية.
ثالثا قدمت روسيا نموذجا جديا وحازما في الحرب على الإرهاب من خلال انخراطها في صيغة عسكرية للتعاون مع الجيش العربي السوري وحلفائهما المشتركين وعبر إثباتها في غضون أسابيع أن معضلة حلف اوباما هي عدم الجدية في مقاتلة داعش ومحاباته للجماعات الإرهابية الأخرى التي تسعى حكومات تركيا والسعودية وقطر إلى طلائها بالاعتدال المزعوم .
كانت الضربات الجوية لقوافل النفط المسروق المتجهة إلى تركيا إثباتا صريحا للعالم حول كيفية تقطيع الأوردة التي تغذي داعش بالمال وتهبها القدرة على تنظيم عمليات واسعة في بلدان اخرى غير سورية والعراق كما جرى في فرنسا ومن ثم في تونس لكن الحقيقة المكشوفة هي ان الوريد الرئيسي تركي يحمل توقيع أردوغان وعائلته وهذا ما يفسر استعجال إسقاط الطائرة الروسية بغطاء اميركي اطلسي بعد استشعار الغرب الاستعماري ان روسيا وسوريا وإيران ومعها حزب الله قد تحولوا إلى كتلة هجومية تنتزع زمام المبادرة من الولايات المتحدة وسائر دول حلف العدوان على سورية وهو ما كرسته نتائج مؤتمر فيينا واتجاه النقاش في المسار السياسي السوري الذي فرضه الحضور الروسي والإيراني بقوة .
إسقاط الطائرة الروسية كان الطريق الذي اختاره أردوغان للجم تطورات الميدان السوري التي خلخلت منظومة الإرهاب وحاصرت داعش وتزاحمت التساؤلات عن وجهة الرد التي سوف تسلكها موسكو على استفزاز خطير يستهدف النيل من هيبة القوة الروسية .
رابعا خلافا لما تصوره كثيرون عن رد عسكري مباشر يمكن ملاحظة الخطوات الروسية الفعلية التي تقع تحت سقف الاشتباك العسكري المباشر وهي أشد فاعلية في الواقع وتعكس طبيعة العقل الاستراتيجي للقيادة الروسية فالأشد إيلاما هو التعجيل في فرض تغييرات ميدانية تسحق أوهام أردوغان وخططه ورهاناته في سورية.
1- تعليق الشراكة الاقتصادية والسياسية الروسية مع تركيا وتصعيد الإجراءات الضاغطة على حكومة حزب الأخوان.
2- تصعيد العمليات الهادفة لتقطيع الأذرع التركية في سورية بجميع تشكيلاتها ووضعها في مقدمة جدول الأعمال العسكري الميداني وخصوصا في مناطق الشمال المحاذية للحدود السورية التركية .
3- تعزيز منظومات الدفاع الجوي السورية بالمزيد من بطاريات الصواريخ المتطورة تقنيا مما يسمح بمنع تركيا من اختراق الأجواء السورية وبإسقاط أي طائرة تركية تخترق الحدود.
4- توسيع مدى الانخراط العسكري الروسي والإيراني تبعا لتفاهمات الرئيس بوتين – السيد الخامنئي وفتح أبواب جميع الاحتمالات والخيارات لتطوير الحملة البرية السورية ضد معاقل الإرهاب على الأرض.
5- التصدي السياسي الحازم لجميع تحركات حكومات العدوان التي تهدف لتزويد العصابات الإرهابية بالسلاح والمال واعتبارها جزءا من اهداف الحرب على الإرهاب وفقا للتلميحات السياسية الروسية الكاشفة للتوجه نحو استصدار آليات تنفيذية لقرارات مجلس الأمن الدولي عدا عما يمكن اتخاذه من خطوات عسكرية وأمنية لإغلاق مسارات تهريب السلاح والمال والأفراد إلى سورية وضرب المصادر.