طوفان اللاجئين في أوروبا “تجارة الرقيق من جديد”: بيتر كونيغ
فيض اللاجئين الذي دخل أوروبا لا يمكن حصره والعدد الحقيقي لهؤلاء واتجاهاتهم غير محدد. حتى شهر نوفمبر العام 2015، اختلفت التقديرات من ادنى مستوى 750 الف إلى أعلى مستوى 2 مليون نسمة. وذكر ان معظمهم ذهب إلى ألمانيا، أو أرادوا الذهاب إلى ألمانيا. وما يصل إلى مليون قد ينتهي بهم المشوار في ألمانيا بحلول نهاية هذا العام. وتشير التقديرات الى ان العدد سيصل الى 2 مليون في العام 2016. وهذه هي النتائج المباشرة للحروب والصراعات التي تقف وراءها واشنطن والناتو في الشرق الأوسط.
وقد بذلت الحكومة الألمانية جهود جبارة لاحتضان اكبر عدد من اللاجئين، ومنحهم المأوى، وإطعامهم. هل الذنب الذي تشعر فيه ميركل لكونها شريكة في تدمير أراضيهم وبيوتهم وأسرهم واقتصاداتهم – وفي كلمة واحدة، حياتهم هو السبب وراء قيامها بذلك؟.
أمر الدكتاتور الاميركي تركيا باستيعاب هذا الفيض من اللاجئين – في مخيمات ذات بنية تحتية كاملة كلفت نحو 6 مليار دولار لبنائها – عدا صيانتها – ومن ثم السماح لتلك الجحافل بالرحيل في الأوقات المناسبة، بينما واشنطن بدورها، محمية بشكل كبير فهي غافلة عن وجع الآخرين – وتخلق عمدا المزيد من الارتباك، لزعزعة الاستقرار والفوضى داخل الاتحاد الأوروبي – الذي لم يكن في يوم من الايام متحد-… نعم الرجل الاقوى هو في واشنطن، والأوروبيين هم خدم له.
واحدا تلو الآخر من هؤلاء الاعضاء تضامنوا وتدافعوا في وجه تيار المهاجرين الجياع والمرضى اليائسين من خلال بناء الجدران، وتأمين الحدود باسلاك شائكة، وفرض حراسة مشددة من قبل الشرطة والجيش والكلاب الشرسة. وابدت الشرطة في صربيا والمجر وجمهورية التشيك كراهية ووحشية كبيرة. واصبح العالم اعمى امام مشاهد الدم، والاطفال الصغار التعساء، وأصبح التعايش مع البؤس والظلم من قبل الملايين طبيعي جدا.
البؤس والمشقة وتقديم جزء من العقيدة لسادة الليبرالية الجديدة سمح بسيطرتها على عالمنا الغربي في السنوات الـ 30 الماضية. المستهلكون اعموا اعيننا وقاموا بغسل دماغنا. المحافظون الجدد هم في مقعد القيادة وسيبقون كذلك، حتى نقوم نحن اي الغالبية العظمى من كوكب الأرض – 99.99٪ – بإقفال الطريق عليهم إلى الأبد. نعم نحن نستطيع، ولكن علينا أن نصبح واعيين لما يجري وتبديل ضميرنا إلى مستوى عدم القبول.
الأطفال الصغار والنساء وكبار السن من الرجال – الآلاف والآلاف يموتون وهم في طريقهم للوصول الى البلاد التي ستؤمن لهم “الحياة اللائقة”. هم مجرد إحصائيات وأرقام. هم يتم استخدامهم كأسلحة لزعزعة الاستقرار وإضعاف الدول الأخرى إذا جاز التعبير، لتسهيل الهيمنة وهضم المتغطرس، الوحش الضخم الذي يظهر على شكل الولايات المتحدة الأميركية، ولكن يمثل العالمية، النخبة التي تقودها الصهيونية، مع التخويف، من الجيش القاتل الذي يمتص أكثر من نصف الميزانية العسكرية في العالم.
الطاعة أو يتم معاقبتك اقتصاديا أو قسريا من خلال تغيير النظام. اتبع الإملاءات، أو تستحق العقاب والإبادة. أوروبا شاركت في هذا الذل. الاتحاد الأوروبي هو خدعة.. المفوضية الأوروبية ايضا.
مسألة تزوير الانتخابات تقدم على طبق من فضة لقطع رأس الديمقراطية، ولكن لا أحد يريد أن يرى ذلك. انها مثل من يعجب بملابس الامبراطور الرائعة، ولا يريد أن يعترف بأنها صارخة وعارية، ويعد الحديث عن انتخابات ديمقراطية كلام فارغ، ولا توجد ديمقراطية حقيقية كما كانت قبل 2500 سنة.
لماذا لا نستطيع الاعتراف بزيف الأشياء؟ – من داخلنا نعلم جميعا أن هناك اشياء خطأـ وبالأخص في توجه الملايين من اللاجئين كالفيضانات الى القارة الأوروبية وبشكل مفاجئ – يجب أن يكون هناك شيئا خاطئ. هل رأى أحدا التدمير المنهجي للشرق الاوسط وشمال أفريقيا ويجمع بين ذلك وما حصل مع اللاجئين؟.
الاكاذيب الدعائية في وسائل الإعلام هي أكثر جرأة من أي وقت مضى، وأكثر سفورا. نحن نشعر بذلك لكننا لا نفعل شيء حياله. نحن لن نعيش في عالم الحرب الدائمة، والصراعات، والسلطة المهيمنة والجشع والاستغلال – والانانية التي لا نهاية لها. نحن لا نريد أن يمطر علينا سيلا من الأكاذيب يوما بعد يوم من قبل وسائل الإعلام الفاسدة.. لن يكون هناك أي لاجئ، ولكن، بدلا من ذلك، هؤلاء الناس سيبنون بلدانهم وثقافاتهم وسيسعون للعيش بشكل جيد.
في بعض القرى الألمانية الصغيرة عدد اللاجئين أكبر من عدد السكان المحليين، ولا يمكن انشاء ملاجئ كافية ودافئة او تامين الإمدادات الغذائية لهم، والمواطنون يشعرون بالإرهاق. قبل أسابيع قليلة، كان المزاج الألماني جيد جدا، وقد استقبلوا اللاجئين بالترحيب .
نحن الأوروبيين والألمان على وجه الخصوص، نعاني من الارتباك، قادة الاتحاد الأوروبي يقولون اشياء ويفعلون اشياء أخرى. ويتم الخلط بين أحسن الأحوال وأسوأ الأحوال. وقد تزعزعت الثقة فالأكاذيب تلتها أكاذيب وأكاذيب.
نحن لا نرى من خلال هذا المخطط، خطة المكيافيلية المتعددة الأوجه:
اصبح اللاجئون عبيد العصر الجدد، على الرغم من انهم متعلمين تعليما عاليا، ولكنهم فقراء، جائعون، ودون مأوى. سوف يعملون بالفول السوداني من اجل إطعام عائلاتهم، والضغط على الأجور المحلية، وزيادة البطالة – وتدمير الاقتصادات المحلية، وخلق نوع من الخوف والقلق بين السكان المحليين –اللاجئين ليس لديهم طاقة للدفاع عن حقوقهم هم فريسة سهلة، وهذا ما تريده واشنطن والطغاة التابعين لها.
خروج الملايين من سوريا والعراق وليبيا – ومن منطقة الشرق الأوسط ككل، هو خروج للأدمغة التي قد تشكل منافسة كبيرة مع السكان في أوروبا، وألمانيا على وجه الخصوص وإثارة الغيرة، وتقسيم المجتمعات وتحطيم سبل العيش.
توجه عدد قليل من هؤلاء اللاجئين المتعلمين شمالا، الى السويد والدانمرك، والنرويج، ولكن الغالبية العظمى اتجهت الى ألمانيا، حيث هناك حاجة الى اليد العاملة والأجور جيدة للأكاديميين مما قد يخفض تكاليف الإنتاج، ويزيد الأرباح ويوسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ويزيد بسرعة الظلم الاجتماعي.
لماذا يُوصف الألمان بانهم أسياد الخارج؟ هل الغرب لا زال يتبع سياسة تشرشل القديمة: “الابقاء على الأميركيين في الداخل ودفع الألمان إلى الاسفل واخراج الروس من أوروبا”؟ – هل السيدة ميركل تفهم ذلك؟- يجب اضعاف أقوى حلقة في أوروبا على كافة الجبهات، لجعلها عرضة للاستيلاء من قبل سادة واشنطن. فإذا احكمت السيطرة على المانيا يمكنك بسهولة السيطرة على أوروبا، العقيدة لم تتغير منذ تشرشل.
تدفق اللاجئين قد يحوي على أعداد كبيرة من الجهاديين والإسلاميين (تقول بعض التقديرات ان هناك ما لا يقل عن 10٪، ولكن ليس هناك دليل، بطبيعة الحال)، الذين يهدفون الى إنشاء خلايا في أوروبا – لخلق الاضطرابات عند الحاجة.
هذه هي التحديات الصهيونية الاميركية التي تستهدف أوروبا. واوروبا بطبيعة الحال غير قادرة على مواجهة تلك التحديات والتعامل معها.
تؤكد المفوضية من خلال إحصاءاتها في جميع أنحاء العالم ان هناك حوالي 50 مليون لاجئ (معرضين للخطر) – ولكن في الواقع هم 60-70 مليون، تخيل ان هؤلاء اللاجئين هم فقراء ولا مأوى لهم، لا سقف يأويهم، تعساء، جوعى ومرضى – مجموعة من العمالة الرخيصة – ألا وهم عبيد. كل النظام يحتاج إلى التوجيه.
في المانيا أدنى معدلات البطالة في أوروبا بنسبة 4.5٪. واذا سقطت المانيا سوف تصبح روسيا إلى حد كبير أكثر عرضة للخطر. سوف تضطر روسيا للقتال من أجل ألمانيا، من أجل البقاء في أوروبا، والروسي فلاديمير بوتين يعرف ذلك بالفعل.
وهناك أيضا “أزمة اقتصادية” مصطنعة بتحريض من واشنطن، فالنظام النقدي الغربي يعمل تحت ادارة وتوجيه الـ FED، وول ستريت، و BIS بنك التسويات الدولية وصندوق النقد الدولي. ووجدت هذه الأزمات لتسريع معدل البطالة في أوروبا، وذلك وفقا “ليوروستات” التي قالت ان النسبة تترواح بين 9٪ و 11٪ على مدى السنوات الـ 20 الماضية.
ودعا ماركس البطالة “بوسادة رأس المال” الذي يضغط لانخفاض الأجور، وتحتاج الوسادة لتصبح أكبر بقدر نمو رأس المال. – وتجسد البطالة والعمالة الناقصة مفهوم “الجيش الاحتياطي الصناعي”. اكبر وسادة يمتلكها الرأسماليين، والمستثمرين. وقد ورد أن الرأسمالية يمكن تبقى على قيد الحياة عمليا مع العمالة الكاملة.
ارتفاع الضغط على القوى العاملة، يراكم الأرباح. وليس هناك أي احترام للعامل، أو البيئة المطلوب استغلالها الى اقصى حدود، لتحقيق النمو المستمر، والحاجة للرأسمالية من أجل البقاء. النمو والناتج المحلي الإجمالي هم الأوثان الاقتصادية الغربية. هم الإلهة النظام الاقتصادي المفترسة غير المستدامة. في واقع الأمر هو الانتحار حيث يستخدم العالم الغربي اليوم الموارد الطبيعية بمعدل حوالي 4 أضعاف مما لديه.
نحن عاجزون اقتصاديا وفي يد واشنطن المعولمة توجيه النخبة، وعلى سبيل المثال تمكن مصرف “دويتشه بنك” من التوصل الى اتفاق مع هيئتي رقابة ماليتين في الولايات المتحدة، يقضي بأن يدفع البنك الألماني غرامة تزيد قليلا عن 200 مليون دولار، بسبب انتهاكه عقوبات اقتصادية أميركية على دول مثل ايران وسوريا.
واوضح مصدر قريب من الملف “البنك الالماني” سيدفع هذه الغرامة لهيئتي رقابة مالية تابعتين لكل من “الاحتياطي الفدرالي” و”هيئة الخدمات المالية” في نيويورك، لافتاً الى ان الاعلان عن الاتفاق قد يتم اعتبارا من هذا الاسبوع.
وتجدر الاشارة الى انه حتى مع دفع هذه الغرامة، فإن هذا لا يعني أن مشاكل المصرف مع السلطات الأميركية بسبب هذه القضية ستنتهي، إذ أن هناك هيئات رقابية اخرى تواصل تحقيقاتها في القضية مثل “وزارة العدل الاميركية” التي فتحت تحقيقاً جنائياً في الامر.
لماذا لا يمكن تجاهل الغرامات؟ – ببساطة لأنها إذا لم تدفع سيمنعونها من استخدام النظام الدولي المملوك من القطاع الخاص SWIFT / BIS الذي هو حتى الآن النظام الوحيد لنقل النقد الغربي، عدم دفع الغرامات من شأنه أن يخرجهم من الأعمال التجارية في العالم الغربي.
لحسن الحظ، فإنه مع انهيار النظام، هناك بدائل ناشئة: وهو ( CIPSنظام الصرف النقدي الصيني والروسي او نظام المدفوعات الدولية) التي هي قيد الاستخدام في المعاملات الروسية-الصينية مع معظم دول البريكس ودول منظمة شنغهاي للتعاون، وبالتالي، فإنه يمكن الوصول إليه بالفعل لحوالي نصف سكان العالم، وهو ما يمثل حوالي ثلث الناتج الاقتصادي. لا يتم فرض هذا النظام على أي بلد، الدول ذات السيادة أحرار في الانضمام إليه إذا كان يناسبهم.
تذكر، اقتصادات العديد من البلدان لا تزال تعتمد بشكل كبير على نظام الدولار الأميركي المزورة. التحول بسرعة قد يكون له عواقب وخيمة، مثل العقوبات والحظر في الخارج. قد يكون التحول البطيء والتدريجي للنظام افضل.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه وفقا لنظام المعاملات الدولية الغربية SWIFT، أصبح اليوان الصيني ثاني أكبر عملة تجارية دولية بعد الدولار الأميركي. وآفاق النظام النقدي الجديد أكثر ديمقراطية.
العودة إلى اللاجئين اعلن الرئيس هولاند أن قوانين العمل الفرنسية تحتاج الى مراجعة، فبشق الأنفس يتم تحقيق مكاسب الاتحاد خلال النصف الأخير من القرن، وهذا يعني انه يمكن التفاوض لعقود على العمل المستقبلي المباشر بين نقابات العمال والشركات، من دون دعم الحكومة كهيئة تنظيمية وراء العمال. وبالتالي، قوانين رفع القيود على القوى العاملة الجديدة ستغير الواقع المستقبلي.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكدت أن هناك فرقا مهما بين المصطلحين، وبينت أن اللاجئين أشخاص تركوا بلدانهم خوفا على حياتهم وحريتهم من الصراع المسلح أو الاضطهاد والقمع بعدما وجدوا أنفسهم -في الغالب- في وضع خطر وظروف لا تُحتمل دفعتهم إلى عبور الحدود الوطنية بحثا عن الأمان في الدول المجاورة، وعلى هذا الأساس يتم الاعتراف بهم دوليا بوصفهم لاجئين من حقهم الحصول على المساعدة من الدول والمفوضية ومنظمات أخرى؛ لأن عودتهم إلى أوطانهم خطيرة جدا ويحتاجون إلى ملاذ آمن، وحرمانهم من اللجوء يعرضهم لعواقب مميتة.
وقد حدد القانون الدولي تعريفا للاجئين ووفر لهم الحماية، وتعد اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين وبروتوكولها لعام 1967، بالإضافة إلى نصوص قانونية أخرى كاتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لحماية اللاجئين عام 1969؛ المرجع الأساسي في حماية اللاجئين في العصر الحديث، كما تم إدخال المبادئ القانونية الثابتة في هذه الاتفاقيات في عدد كبير من القوانين والممارسات الأخرى الدولية والإقليمية والوطنية.
وتشمل حقوق اللاجئين حمايتهم من العودة للمخاطر التي فروا منها، ووجوب استفادتهم من إجراءات اللجوء العادلة والفعالة، واحترام حقوقهم الإنسانية الأساسية، ومنها العيش بكرامة، ومساعدتهم على إيجاد حلول طويل الأمد. وتتحمل الدول مسؤوليات تجاه اللاجئين على أراضيها أو على حدودها، وتساعدها في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأي خلط بين اللاجئين والمهاجرين يسبب مشاكل وعواقب وخيمة على حياة اللاجئين وسلامتهم، وغالبا يتم الخلط لأسباب سياسية تسعى للتملص من المسؤولية القانونية في توفير الحماية المطلوبة للاجئين ومساندتهم في محنتهم.
بالمناسبة البقاء في أوروبا – قابل للتفاوض فميركل مؤخرا عقدت صفقة مع الرئيس التركي أردوغان، وقالت له انه، عليه أن يبقي اللاجئين في مخيمات اللاجئين، وبانها ستقدم لهم 3 مليار يورو، وربما تعيد النظر في عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. التي في حد ذاتها تبدو وكأنها صفقة مافيا.
بدلا من السعي لعقد صفقة مع إرهابي غير جدير بالثقة كتركيا، ميركل قد تتفق مع جاستن ترودو، رئيس الوزراء الجديد في كندا للنظر في تسوية الوضع في منطقة الشرق الأوسط من خلال استغلال غرب كندا. كندا تساعد في تطوير البنية التحتية الأساسية لاستيعاب المستوطنين الجدد. وهذا يمكن أن يطور التنمية الاقتصادية لكندا ويؤمن الرفاه للمهاجرين من منطقة الشرق الأوسط.
غلوبال ريسيرتش
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان
http://www.globalresearch.ca/the-flood-of-refugees-into-europe-the-new-slave-trade/5487345