النص الكامل لمقابلة الرئيس السوري بشار الأسد مع تلفزيون راي الإيطالي
السؤال الأول
دعونا نبدأ من باريس.. كيف كان رد فعلكم على الأخبار حول أحداث باريس.
الرئيس الأسد:
نستطيع أن نبدأ بالقول.. إن ذلك يعد جريمة مروعة.. وفي الوقت نفسه إنه من المحزن أن يسمع المرء عن مقتل الأبرياء دون سبب ودون مبرر.. ونحن في سورية نفهم معنى فقدان أفراد أعزاء من الأسرة أو فقدان أصدقاء أعزاء أو أي أشخاص يعرفهم المرء في مثل هذه الجريمة المروعة.. نحن في سورية نعاني من مثل هذه الأحداث منذ خمس سنوات.. ونشعر بشعور الفرنسيين.. كما شعرنا بشعور اللبنانيين قبل بضعة أيام وبشعور الروس الذين فقدوا أعزاء لهم في حادثة الطائرة التي أسقطت فوق سيناء.. وكذلك بالنسبة لليمنيين. لكن هل يشعر العالم وخصوصا الغرب بشعور هؤلاء الناس.. أم انهم يشعرون فقط بشعور الفرنسيين.. هل يشعرون بألم السوريين الذين يعانون منذ خمس سنوات من نفس هذا النوع من الإرهاب… لا يجوز تسييس المشاعر.. فالمشاعر لا تتعلق بالقومية بل بالإنسانية بشكل عام.
السؤال الثاني:
“داعش” وراء تلك الجريمة.. لكن من منظور دمشق.. ما مدى قوة “داعش”… ما الطريقة لمحاربة الإرهابيين على الأرض برأيكم.
الرئيس الأسد:
إذا أردت التحدث عن قوة “داعش” فأول ما ينبغي أن تسأل عنه هو مدى وجود حاضنة حقيقية أو طبيعية له في مجتمع معين.. حتى هذه اللحظة أستطيع أن أقول لك إن “داعش” ليست له حاضنة طبيعية أو اجتماعية داخل سورية.. وهذا أمر جيد ومطمئن.. لكن في الوقت نفسه إذا أصبحت المشكلة مزمنة فإن مثل هذه الايديولوجيا يمكن أن تغير المجتمع.
السؤال الثالث:
لكن بعض الإرهابيين تلقوا تدريبهم في سورية.. على بعد بضعة كيلومترات من هنا.. ما الذي يعنيه ذلك.
الرئيس الأسد:
يحدث هذا بدعم من الأتراك والسعوديين والقطريين.. وبالطبع من السياسات الغربية التي دعمت الإرهابيين بمختلف الطرق منذ بداية الأزمة.. لكن ليست هذه هي القضية.. أولا.. إذا لم تكن هناك حاضنة.. فلا ينبغي أن تقلق. من ناحية ثانية.. يمكنهم أن يكونوا أقوياء ماداموا يتمتعون بدعم دول مختلفة.. سواء في الشرق الأوسط أو الغرب.
السؤال الرابع:
سيادة الرئيس.. ثمة تكهنات في الغرب بأنكم كنتم من بين الجهات التي دعمت “داعش” في بداية الأزمة من أجل تقسيم المعارضة والثوار. ما ردكم على ذلك.
الرئيس الأسد:
في الواقع.. وطبقا لما يقوله بعض المسوءولين الأمريكيين بمن فيهم هيلاري كلينتون.. فإن القاعدة تأسست من قبل الأمريكيين وبدعم مالي وأيديولوجي سعودي وهابي.. وقد قال الشيء نفسه العديد من المسؤولين الآخرين في الولايات المتحدة.. و”داعش” و”النصرة” هما فرعان للقاعدة.. فيما يتعلق بـ “داعش”.. فإنه تأسس في العراق عام 2006 وكان قائده الزرقاوي الذي قتلته القوات الأمريكية حينذاك.. وبالتالي فإنه تأسس تحت الإشراف الأمريكي في العراق.. وقائد “داعش” اليوم الذي يسمونه أبو بكر البغدادي كان في السجون الأمريكية ووضع في سجونهم في نيويورك ومن ثم أطلق سراحه.. إذا.. لم تكن لسورية علاقة بالأمر.. إنه لم يتأسس في سورية بل في العراق وبدأ العمل قبل ذلك في أفغانستان طبقا لما قالوه.. طوني بلير قال مؤخرا.. إن الحرب على العراق ساعدت في ظهور”داعش”.. إذا.. فإن اعترافهم يشكل أهم دليل فيما يتعلق بسؤالك.
السؤال الخامس:
سيادة الرئيس.. عندما ينظر المرء إلى خريطة سورية يبدو أن الحدود السورية العراقية لم تعد موجودة.. ما الجزء الذي تسيطرون عليه فعليا في سورية الآن.
الرئيس الأسد:
إذا كنت تتحدث من الناحية الجغرافية.. فإن هذا يتغير كل يوم.. لكن الأمر الأكثر أهمية هو عدد السكان الذين يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.. في الواقع إن الجزء الأكبر من المنطقة التي يسيطر عليها الإرهابيون أخلي من سكانه إما من قبل الإرهابيين أو ان سكانه هربوا إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.. من الناحية العسكرية.. يمكن أن تكسب بعض المناطق.. ويمكن أن تخسر منطقة معينة.. وفي كل الأحوال لا يستطيع الجيش التواجد في كل بقعة من سورية.. أما النظر إلى الخريطة التي وصفتها.. وما أراه بين الحين والآخر في وسائل الإعلام الغربية.. عندما تقول إن الحكومة تسيطر على خمسين بالمئة أو أقل من الأرض.. فإن الواقع هو أن خمسين أو ستين بالمئة من سورية هي أراض فارغة لا سكان فيها.. ولذلك يضعونها تحت سيطرة الإرهابيين.. بينما هي فارغة تماما.
السؤال السادس:
نعم.. أردت سؤالك عن الحدود بين سورية والعراق.
الرئيس الأسد:
تماما.. فالمنطقة الواقعة بعد دمشق عندما تتجه نحو العراق هي منطقة فارغة.. ولذلك لا تستطيع التحدث عن سيطرة.. أما فيما يتعلق بالحدود.. فذلك يتعلق بالإرهابيين.. وبالحكومات التي دعمت الإرهابيين مثل الحكومة التركية بشكل أساسي.. وكذلك الحكومة الأردنية.. كلتا الحكومتين تدعم الإرهابيين.. ولهذا السبب فإن الحدود منفلتة لأنه عندما تريد أن تكون الحدود مضبوطة ينبغي ضبطها من كلا الطرفين وليس من طرف واحد.
السؤال السابع:
لقد عقد الأسبوع الماضي موءتمران مهمان تناولا الوضع في سورية.. في فيينا وفي أنطاليا.. معظم الدول تتحدث عن عملية انتقالية في سورية.. وهناك مواقف مختلفة.. لكن بشكل أساسي فإن معظم الدول تتفق على فكرة إجراء انتخابات بعد ثمانية عشر شهرا.. لكنهم يقولون إنه في هذه الأثناء ينبغي أن تكون قد تنحيت عن السلطة. ما موقفك من ذلك.
الرئيس الأسد:
إن البيان لا يحوي شيئا عن الرئيس.. الجزء الرئيسي من مؤتمر فيينا يقول بأن كل ما يتعلق بالعملية السياسية مرهون بما يتفق عليه السوريون.. وهكذا.. فإن العبارة الأهم فيما تمخض عنه المؤتمر تتعلق بالدستور.. والرئيس.. أي رئيس.. ينبغي أن يشغل منصبه أو يترك ذلك المنصب طبقا لإجراءات دستورية.. وليس طبقا لما ترتئيه أي قوة أو دولة غربية.. وهكذا ومادام الحديث هو عن توافق السوريين.. ينبغي أن ننسى كل ما عدا ذلك مما تم الحديث عنه في فيينا. فيما يتعلق بالجدول الزمني.. فإن ذلك يعتمد على الاتفاق الذي يمكن أن نتوصل إليه كسوريين.. إذا لم نتوصل إلى اتفاق خلال ثمانية عشر شهرا.. ما أهمية ذلك… أعتقد أن هناك العديد من الأشياء غير المهمة أو غير الجوهرية.. الأمر الأهم هو اننا سنجلس معا.. ثم نضع.. كسوريين.. الجدول الزمني أو المخطط الذي يناسبنا.
السؤال الثامن:
أفهم ذلك.. لكن ألا يعد احتمال تنحيك عن السلطة خيارا يمكن أن تنظر فيه… أعني هل تتخيل إجراء عملية انتخابية دون أن تشارك فيها.
الرئيس الأسد:
هذا يعتمد على ما تعنيه بالعملية الانتخابية.. هل تقصد الانتخابات البرلمانية أم الرئاسية.
السؤال التاسع:
أعني الانتخابات البرلمانية.
الرئيس الأسد:
بالطبع.. ستكون هناك انتخابات برلمانية لأن تلك الانتخابات ستظهر أي القوى السياسية في سورية تتمتع بوزن حقيقي لدى الشعب السوري.. وأي هذه القوى لديه قواعد شعبية.. الآن.. بوسع أي كان أن يقول.. “أنا أمثل المعارضة”.. ما الذي يعنيه ذلك.. وكيف تمكن ترجمته.. تتم ترجمته من خلال الانتخابات وعدد المقاعد التي يحصلون عليها في البرلمان.. وذلك يحدد حصتهم في الحكومة التي تشكل بعد ذلك.. على سبيل المثال. سيحدث ذلك بالطبع.. بعد إقرار دستور جديد.. أنا الآن أقدم مقترحا على سبيل المثال ولا أحدد ما تم الاتفاق عليه.
السؤال العاشر:
وماذا عن الانتخابات الرئاسية.
الرئيس الأسد:
إذا قرر السوريون خلال الحوار أنهم يريدون إجراء انتخابات رئاسية.. فليس هناك خط أحمر فيما يتعلق بهذا الأمر.. لكن هذا ليس قراري.. ينبغي أن يخضع ذلك للتوافق بين السوريين.
السؤال الحادي عشر:
لكن يمكن أن يكون هناك شخص آخر تثق به يشارك في الانتخابات بدلا منك.
الرئيس الأسد:
شخص أثق به.. ما الذي تعنيه بذلك.
السؤال الثاني عشر:
أعني شخصا آخر تثق به يمكن أن يشغل منصب الرئيس.
الرئيس الأسد:
يبدو هذا وكأننا نتحدث عن ممتلكاتي الشخصية بحيث أختار شخصا ليحل محلي.. ما نتحدث عنه ليس ملكية خاصة.. بل قضية وطنية. السوريون وحدهم من حقهم أن يختاروا شخصا يثقون به.. ليس من المهم أن أثق أنا بشخص ما أو لا أثق به.. أي شخص يثق به السوريون سيشغل ذلك المنصب.
السؤال الثالث عشر:
دعني أر إذا كنت فهمت ما قلته جيدا.. ما الجدول الزمني الواقعي لذلك… ما الجدول الزمني الذي تراه للخروج من هذه الأزمة.
الرئيس الأسد:
إذا أردت أن تتحدث عن جدول زمني.. فإن ذلك الجدول يبدأ بعد إلحاق الهزيمة بالإرهاب.. قبل ذلك لن يكون من المجدي تحديد أي جدول زمني.. لأنه لا يمكن أن تحقق أي شيء سياسي في الوقت الذي يستولي فيه الإرهابيون على العديد من المناطق في سورية.
وسيكون الإرهابيون.. كما كانوا أصلا العقبة الرئيسية في وجه أي تقدم سياسي.. إذا كان الحديث عما سيحدث بعد ذلك.. فإن عاما ونصف العام أو عامين ستكون فترة كافية لأي مرحلة انتقالية.
أعني أنك إذا أردت التحدث أولا عن إقرار دستور جديد.. ومن ثم إجراء استفتاء.. ومن ثم إجراء انتخابات برلمانية.. وأي إجراءات أخرى.. سواء كانت رئاسية أو غير ذلك.. فإن ذلك لا يهم.. كل ذلك لن يستغرق أكثر من سنتين.
السؤال الرابع عشر:
فيما يتعلق بالمعارضة.. دأبتم خلال السنوات الماضية على القول إنكم لا تعتبرون الأطراف التي تحمل السلاح وتقاتل جزءا من المعارضة. هل غيرت رأيك.
الرئيس الأسد:
يمكن أن تطبق ذلك على بلادك.. أنتم لا تقبلون بأي معارضة تحمل السلاح في بلادكم.. وهذا ينطبق على أي بلد آخر.. كل من يحمل السلاح ويرهب الناس ويدمر الممتلكات الخاصة أو العامة ويقتل الأبرياء لا يمكن أن يكون معارضا.. المعارضة تعبير سياسي.. لا يمكن تعريف المعارضة من خلال رأيك الخاص.. بل ينبغي تعريفها من خلال الانتخابات وصندوق الاقتراع.
السؤال الخامس عشر:
إذا ما الأطراف التي تعتبرها جزءا من المعارضة السياسية في الوقت الراهن.
الرئيس الأسد:
يمكنك أن تسأل السوريين عن الأطراف التي يعتبرونها معارضة.. إذا انتخبوها فإنها المعارضة الحقيقية.. لهذا قلت إن بوسعنا تعريف ذلك بعد الانتخابات.. لكن إذا كنا نتحدث عن رأيي.. فإن المعارضة هي تلك الأطراف التي تمتلك قواعد شعبية وتنتمي إلى هذا البلد.. لا يمكن أن تكون معارضا عندما يتم تشكيلك كشخص أو ككيان في وزارة أجنبية أو في مقرات المخابرات في بلدان أخرى.. لا يمكن أن تكون دمية أو عميلا أو مرتزقا.. ينبغي أن تكون سوريا وحسب.
السؤال السادس عشر:
نرى الآن في أوروبا.. وفي إيطاليا العديد من اللاجئين السوريين.. ما الذي تريد قوله لهوءلاء الأشخاص الهاربين من بلادهم.
الرئيس الأسد:
أقول بالطبع إن أي شخص يغادر هذا البلد يعد خسارة لسورية.. هذا مؤكد.. ونشعر بالحزن.. كما نشعر بمعاناة هؤلاء.. لأن كل لاجئء سوري لديه حكاية مع المعاناة داخل سورية.. وهذا ما ينبغي أن نتناوله.. وأن نطرح السؤءال.. لماذا يغادر هؤلاء… إنهم يغادرون لعدة أسباب.. السبب الأول هو التهديد الذي يتعرضون له من قبل الإرهابيين.. والسبب الثاني هو الأثر الذي يحدثه الإرهابيون عندما يدمرون أجزاء كبيرة من البنية التحتية ويؤثرون في حياة هؤلاء الناس.. أما السبب الثالث وهو بأهمية تأثير الإرهابيين.. فهو الحصار الغربي لسورية.. إذا سألت العديد من أولئك اللاجئين.. هل ترغب بالعودة إلى سورية… فستجد أنه يرغب بالعودة مباشرة.. لكن كيف يعود إلى سورية في الوقت الذي تأثرت فيه أساسيات حياته ومعيشته بشكل جذري.. ولهذا السبب لا يستطيع البقاء في سورية.. إن أثر الحصار الغربي وأثر الإرهابيين وضع هؤلاء الأشخاص في موقع صعب بين الشيطان والبحر الأزرق العميق.
السؤال السابع عشر:
لكن ألا تشعر أنك مسؤول بأي شكل من الأشكال عما حدث لشعبك.
الرئيس الأسد:
تعني أنا شخصيا.
السؤال الثامن عشر:
نعم.
الرئيس الأسد:
الشيء الوحيد الذي فعلناه منذ بداية الأزمة هو محاربة الإرهاب ودعم الحوار.. ما الذي يمكننا فعله غير ذلك… هل يعارض أحد الحوار.. وهل يعارض أحد محاربة الإرهاب… إذا أردت الحديث عن التفاصيل وعن البروباغاندا الغربية ينبغي ألا نضيع وقتنا..إنها مجرد بروباغاندا.. لأن المشكلة منذ البداية فيما يتعلق بالغرب هو انهم لا يريدون مثل هذا الرئيس.. يريدون لهذه الحكومة أن تفشل وتنهار.. بحيث يستطيعون تغييرها.. الجميع يعرف ذلك.. اللعبة الغربية كلها تتعلق بتغيير الأنظمة.. بصرف النظر عما تعنيه كلمة نظام.. فنحن ليس لدينا نظام.. بل دولة.. لكني أتحدث عن مفهومهم وعن مبدئهم.. وهكذا يمكنك أن تلوم أيا كان.. لكن المسؤولية الرئيسية هي مسؤولية الغرب الذي دعم أولئك الإرهابيين الذين أسسوا “داعش” في سورية وأسسوا “جبهة النصرة” بمنحهم المظلة التي تحمي تلك المنظمات الإرهابية.
السؤال التاسع عشر:
إذا.. أنت لا تتحمل أي مسؤولية.
الرئيس الأسد:
أنا.. كسوري.. لا أقول إننا لم نرتكب أخطاء.. هناك أخطاء على المستوى التكتيكي ترتكب كل يوم في العمل.. لكن هناك استراتيجيات.. والاستراتيجيات التي تبنيناها تتمثل في هاتين المقاربتين.. لكن على المستوى التكتيكي ترتكب أخطاء كل يوم.. كل سوري مسؤول عما حدث.. نحن مسؤولون كسوريين عندما نسمح لهؤلاء الإرهابيين بالقدوم إلى سورية لأن بعض السوريين لديهم نفس العقلية.. وبعض السوريين قبلوا بأن يكونوا دمى في ايدي دول الخليج والغرب.. نحن بالطبع نتحمل مسؤولية.. لكن إذا أردت أن تتحدث عن مسؤوليتي الشخصية.. فهي تتعلق بالتفاصيل.. ومن الصعب الحكم على ذلك الآن.
السؤال العشرون:
أود أن أسألك كيف كانت زيارتك إلى موسكو.
الرئيس الأسد:
كانت الزيارة بهدف مناقشة الوضع العسكري.. لأنها تمت قبل أسبوعين من شروع القوات الروسية بتوجيه ضرباتها الجوية.. وكذلك من أجل مناقشة العملية السياسية.. لأن الزيارة أتت أيضا قبل بضعة أيام من مؤتمر فيينا1.. كانت الزيارة مثمرة جدا لأن الروس يفهمون هذه المنطقة بشكل جيد جدا بحكم العلاقات التاريخية التي تربطهم بها.. لديهم سفاراتهم.. ولديهم جميع العلاقات والوسائل الضرورية التي تمكنهم من لعب دور.. وهكذا.. أستطيع وصف الزيارة بأنها كانت مثمرة.
السؤال الحادي والعشرون:
في روما قال البابا إن القتل باسم الله شكل من أشكال الكفر.. هل هذه الحرب هي في الواقع حرب دينية.
الرئيس الأسد:
في الواقع لا.. ليست حربا دينية.. إنها حرب بين أولئك الذين انحرفوا عن الدين الحقيقي.. بشكل أساسي عن الإسلام.. واتجهوا نحو التطرف الذي لا نعتبره جزءا من ديننا.. إنها حرب بين المسلمين الحقيقيين من جهة والمتطرفين من جهة أخرى.. هذا جوهر الحرب اليوم.. إنهم يعطون هذه الحرب أسماء أخرى بالطبع.. حرب ضد المسيحيين أو حرب بين طوائف أخرى.. هذه لا تعدو كونها عناوين يستخدمها المتطرفون للترويج لحربهم.. بينما القضية الحقيقية هي حرب بينهم وبين كل المسلمين الآخرين الذين يشكلون الأغلبية المعتدلة أساسا.
السؤال الثاني والعشرون:
حتى لو كانوا يقاتلون باسم الله.. ويقتلون وهم يقولون الله أكبر.
الرئيس الأسد:
تماما.. فبتلك الطريقة يستطيعون الترويج لحربهم.. لهذا يستخدمون هذه الكلمات أو العبارات المقدسة لإقناع الناس البسطاء في هذه المنطقة بأنهم يقاتلون في سبيل الله.. وهو غير صحيح إطلاقا.. بعضهم يستخدم هذه التعابير مع معرفته بأن ذلك غير صحيح.. والبعض يستخدمها لأنه جاهل ويعتقد إنها حرب في سبيل الله.. هذا هو الانحراف.. ولهذا وصفته بالانحراف.. هؤلاء أشخاص انحرفوا عن الإسلام الحقيقي عن علم أو عن غير علم.
السؤال الثالث والعشرون:
وماذا عن مستقبل المسيحيين في سورية.. في بلادكم.
الرئيس الأسد:
في الواقع.. إن هذه المنطقة.. وعلى ما أعتقد فإن الإيطاليين وكثيرين في الغرب يعرفون أنها منطقة معتدلة.. مجتمع معتدل.. وخصوصا سورية.. سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية.. والسبب الحقيقي لهذا الاعتدال هو وجود التنوع الطائفي والعرقي.. لكن أحد أهم العوامل في تاريخ سورية هو العامل المسيحي وخصوصا بعد قدوم الإسلام إلى هذه المنطقة قبل أربعة عشر قرنا.. دون المسيحيين.. ستتجه هذه المنطقة نحو المزيد من التطرف.. وهكذا.. فإن مستقبلهم مهم.. لكن لا تستطيع فصله عن مستقبل السوريين.. أعني أنه إذا كان هناك مستقبل جيد للسوريين.. فإن مستقبل كل مكون من مكونات مجتمعنا سيكون جيدا.. والعكس صحيح.
السؤال الرابع والعشرون:
حسنا.. إذا أنت تعتقد أن لهم مستقبلا هنا.. لكن يبدو أن المسيحيين مستهدفون.
الرئيس الأسد:
لا.. هذا غير صحيح.. في الواقع إن عدد المسلمين الذين قتلوا في سورية أكبر بكثير من عدد المسيحيين.. ولذلك لا تستطيع أن تقول بأنهم مستهدفون بشكل خاص.. مرة أخرى فإن المتطرفين يستخدمون هذا للترويج لحربهم التي يقولون إنها ضد الملحدين وإنها في سبيل الله.. وما إلى ذلك.. لكن الواقع غير ذلك.
السؤال الخامس والعشرون:
سيادة الرئيس.. قبل أن ننهي هذه المقابلة دعني أسألك سؤالا آخر. كيف ترى مستقبلك.. ما الذي تعتبره أكثر أهمية.. مستقبل سورية أو بقاؤك في السلطة.
الرئيس الأسد:
من البدهي أن مستقبل سورية هو كل شيء بالنسبة لنا.. أعني أنه حتى مستقبلي كمواطن لا يمكن أن يكون منفصلا عن ذلك. كمواطن.. إذا لم يكن بلدي آمنا.. لا يمكن أن أكون آمنا.. إذا لم يكن بلدي جيدا لا يمكن أن يكون مستقبلي جيدا.. هذا بدهي. لكن مرة أخرى.. إذا أردت أن تضع الأمرين في الميزان.. كأن تقول.. إذا بقي الرئيس فإن مستقبل سورية سيكون سيئا.. وإذا رحل الرئيس فإن مستقبل سورية سيكون جيدا.. فإن هذا جزء من البروباغاندا الغربية.. ليس هذا هو الحال في سورية.. داخل سورية.. هناك من يؤيد الرئيس وهناك من لا يوءيده.. وهكذا عندما يكون مستقبلي جيدا بالنسبة لسورية.. إذا أراد الشعب السوري أن أكون رئيسا.. فإن المستقبل سيكون جيدا. وإذا لم يرغب السوريون بوجودي.. وأردت التمسك بالسلطة.. عندها يصبح كوني رئيسا سيئا لسورية.. الأمر بسيط جدا.. إذا.. لا ينبغي أن نتبع البروباغاندا الغربية وأن نجيب طبقا لها.. لأنها منفصلة عن الواقع.. ينبغي أن أجيب طبقا لواقعنا.
الصحفي:
شكرا سيادة الرئيس لإتاحة هذه الفرصة للقائكم.
الرئيس الأسد:
شكرا لقدومكم إلى سورية.