مقالات مختارة

قلوبٌ كالحجارة لا تَرِقُّ ثريا عاصي

 

وقعت أثناء الأشهر الستة الماضية تفجيرات إرهابية تسببت في كل مرة بمقتل عدد كبير من الناس العزل. كان أولها في حزيران الماضي في تركيا حيث استهدف تجمعٌ إنتخابي تلاه في مستهل شهر تشرين الثاني الجاري كارثة سقوط طائرة السياح الروس فوق سيناء. بعد ذلك أقدم شابان في مغرب يوم الثاني عشر من الشهر نفسه، على تنفيذ عملية إنتحارية في ضاحية بيروت الجنوبية تبعه بعد أقل من يومين مجزرة في باريس !

تبنت « داعش» هذه الأعمال الإرهابية جميعاً. المعروف عن هذا التنظيم من خلال «إنتاجها الإعلامي والدعائي «الغزير، ينعت بعض المراقبين هذا الإنتاج بالمتطور أيضاً، أنها تتوسل «استراتيجية الصدمة». فهي تعرض بين الفينة والفينة، أشرطة مصورة يرتعد الناظر إليها خوفاً وتتجمد الدماء في عروقه، كأن بطل الفيلم إنسان أصابه داء الكلب أو انه توحّش فصار كمثل السبع يعدو على الفريسة ! سياسيو الغرب الإستعماري غضوا الطرف عن إعدام جنود سوريين وقعوا في الأسر على قارعة الطريق. كم إحتفالية رأينا شريطها بمناسبة إنزال عقوبة الجلد أو الرجم أو الإعدام بضرب العنق؟. كم صورة شاهدناها تظهر فيها رؤوس بشرية معلقة على فرع شجرة؟

رغم هذه كله كانت «داعش» تبيع النفط كما يزعمون، وتشتري الآليات العسكرية وقطع الغيار والذخائر وتبيع محتويات المتاحف . يقولون انها استولت على كنز في الموصل، لا ينضب!

من أين خرجت داعش؟ المتفق عليه أن آل سعود وظفوا بدءاً من سبعينيات القرن الماضي أموالاً طائلة في الدعوة إلى اتباع الوهابية بما هي ركيزة أساسية لسلطانهم . لا جدال أيضاً في أن حلفاً نشأ في أفغانستان ضم الولايات المتحدة الأميركية وباكستان وآل سعود. فكان تنظيم القاعدة «بقيادة أسامة بن لادن» أداة رئيسية من أدوات جهاده كما رسم خطته بريجنسكي مستشار الرئيس الأميركي (1979 ـ1989). ولا خلاف بحسب علمي على ان « الدولة الإسلامية في العراق « ظهرت في سوريا منذ 2012. تحسن الإشارة هنا إلى نسبة هذه الدولة إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي تزعمه أبو مصعب الزرقاوي . يحسن التذكير في هذا الصدد بأن « أبو بكر البغدادي «هو الذي بدل سنة 2013 اسم الدولة الإسلامية في العراق، بـ«داعش» – « الدولة الإسلامية في العراق والشام».

من الثابت أيضا أن الأخيرة تلقت الدعم من آل سعود ومن مشايخ الخليج (قطر) وأن حكومة السيد اردوغان في تركيا سمحت بمرور المجاهدين والإمدادات العسكرية لها، وقدمت لها الدعم جهاراً نهارا في معركة كوباني تحديداً ! مجمل القول أن تركيا شكلت بالنسبة لـ«داعش» قاعدة خلفية! إذا فكـّرنا في هذه المعطيات جميعا، المأخوذة من مراجع إعلامية غربية منحازة إلى أعداء السلطة في سوريا، على ضوء الدور الذي تضطلع به الحكومة التركية، تدخلاً فاضحاً في الشؤون الداخلية السورية، في إطار تحالف فعلي، يضمها إلى جانب آل سعود ومشيخات الخليج تحت رعاية أميركية ـ أوروبية، يحق لنا ان نظن بأن الولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى أصدقائها في أوروبا، وفي مقدمتهم حكومات فرنسا وبريطانيا وألمانيا، استساغوا على الأرجح معاشرة الحكومة التركية ل«داعش» أو قل أنهم على علم بها. بناء عليه ينهض السؤال الآتي، إذا كان ضرب ضاحية بيروت الجنوبية هو هدف من أهداف «الثورة»، فلماذا مجزرة باريس؟ أو بالأحرى هل توجد أوجه شبه بين هجمات 11 أيلول 2001 في أيلول، وهجمات باريس في 13 تشرين الثاني 2015 ؟ هل أنتهى دور «داعش» ؟

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى