ثمنٌ مؤلم… لكنْ لا بدّ منه لا تمنحوا بسبب الكيد عذراً للإرهاب
ناصر قنديل
– التفجيرات الانتحارية التي استهدفت الضاحية الجنوبية ليل أمس قاسية بنتائجها ومؤلمة بالدم البريء الذي سال بحصيلتها بلا ذنب سوى الوجود صدفة في نقطة ساق الإفلاس مشغّلو الانتحاري لرميه فيها وتفجيره. وليس خافياً أنها تفجيرات تأتي بعد محاولات مضنية للمشغلين منذ قرابة السنة لاختراق خطوط الحماية التي وضعتها الأجهزة الأمنية الرسمية واليقظة الشعبية ومعهما أمن المقاومة، وما أصابها من فشل دفعها إلى الضرب الأعمى بعشوائية لها هدف واحد هو دويّ التفجير وكمية الدم المسال، دون اكتراث لإصابة هدف له صفة، أو لربط التفجير بمواجهة ذات معنى سياسي، القتل للقتل هو الهدف، والقاتل يريد أن يقول شيئاً واحداً أنه عدوّ الحياة وكفى.
– التفجيرات تأتي بالتأكيد لتقول إنّ الخسائر التي يُمنى بها مشروع الإرهاب في سورية، والتي تلعب المقاومة فيها إلى جانب الجيش السوري دوراً بارزاً وباهراً، لن تمرّ دون أن تدفع البيئة الحاضنة لكليهما ثمناً فالعجز عن المواجهة في كويرس والحاضر دفع قيادة «داعش» و«القاعدة» صاحبة «جبهة النصرة»، إلى قصف اللاذقية والحصيلة عشرات الشهداء والجرحى، وتفجير الانتحاريين في الضاحية الجنوبية، والحصيلة عشرات الشهداء والجرحى، والقاتل يعلم أنّ القتل لن يغيّر في وجهة موقع المقاومة ودورها في هذه الحرب، ولن يغيّر في احتضان الناس لمشاركة المقاومة في حربها فالعمليات عبثية من زاوية الرهان على آثارها في الحرب، كما هي عبثية في أهدافها، وقد سبق وأعلن قائد المقاومة بكلام صريح واضح، إثر تفجيرات مماثلة، أنّ على الذين يراهنون أنّ هذه التفجيرات ستغيّر موقفنا أن يعلموا أنهم لن يزيدونا إلا إصراراً على التمسك بموقعنا في هذه الحرب، وإنْ كنا الآن نشارك بألف فسنصير بخمسة آلاف، وإنْ اقتضى الأمر أن أشارك شخصياً فسأكون، وحزب الله سيكون حيث يجب أن يكون، كما سبق لجمهور المقاومة أن عبّر بحزم وحسم عن مبايعة قيادة المقاومة على خياراتها ومشاركتها التضحيات بلا تردّد، مهما كان الثمن ومهما بلغت الكلفة.
– عندما يرى اللبنانيون كيف تلقّى الشعب الروسي جثامين ضحاياه الذي سقطوا في تفجير الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ في مصر، بالمزيد من الإصرار على دعم القرارات التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالدفاع عن الأمن القومي لروسيا ولشعبها بوجه خطر الإرهاب في المشاركة الفاعلة في الحرب في سورية، يصبح مخجلاً ومعيباً أن نسمع بعض اللبنانيين، يتلون مواقف التعزية بالشهداء والتنديد بالجريمة، لينتقلوا فوراً إلى إعلان مواقف تغمز من قناة مشاركة المقاومة في الحرب ضدّ الإرهاب. ويصير مثل هذا الكلام مشاركة في سفك دماء الشهداء مرة ثانية، وتحقيقاً لأهداف القتلة بألسنة التعزية وهو كلام مردود لأصحابه مع تمنّي الصمت، لأنّ الصمت أفضل وأشرف لأصحابه من النطق بكلمات التشفّي المبطّن، والتوظيف المريض للجريمة وفظاعتها.
– اللحظة تستدعي يقظة وصحوة على المستوى الوطني لمراجعة عاجلة، تتساءل عما إذا كان جائزاً بعدما صار العالم كله مستنفَراً بوجه خطر الإرهاب، تحت عنوان سنذهب إليهم قبل أن يأتوا إلينا، ألا يقف اللبنانيون إجلالاً لتضحيات المقاومة في خوضها هذه الحرب بوجه الإرهاب دفاعاً عن لبنان، فينطق الجميع بشهادة الحق، قولاً صادقاً، لو لم يذهب حزب الله إلى هذه الحرب لكان مشهد الضاحية ليل أمس مشهداً يومياً لكلّ منطقة في لبنان.
– إن لم يُسعفِ اللبنانيين دمُ الشهداء ليتوحّدوا حول الحق البائن، والدم دمهم، فما الذي عساه يوحّدهم؟
(البناء)