مقالات مختارة

حماس وفوز حزب أردوغان حميدي العبدالله

 

جاء أول وأسرع ردّ فعل عربي على نتائج الانتخابات التركية من حركة حماس، التي رحبت بهذا الفوز واعتبرته انتصاراً للقضية الفلسطينية. ومن الواضح أنّ حسابات حركة حماس في ترحيبها بفوز أردوغان لا ينطلق من حسابات لها صلة بالقضية الفلسطينية لا من قريب ولا من بعيد، بل لها صلة واضحة بايديولوجية حماس وارتباطها المعروف بحركة «الإخوان المسلمين» العالمية.

لماذا هذا الموقف ليس له علاقة بالقضية الفلسطينية؟

أولاً، الحكومة التركية تقيم علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني وتعترف بهذا الكيان كدولة شرعية على حساب الشعب الفلسطيني، بل أكثر من ذلك أنّ علاقاتها التجارية والعسكرية لم يطرأ عليها أيّ تعديل منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم. ومعروف أنّ أيّ دولة، عربية أو إسلامية، تقيم علاقات ديبلوماسية مع الكيان الصهيوني، فهي ليست مع القضية الفلسطينية وغير داعمة لهذه القضية، ومعروف أيضاً أنّ حركات مكافحة التطبيع وظيفتها الأساسية محاربة وتعرية الأنظمة، ولا سيما العربية والإسلامية، التي تقيم علاقات طبيعية مع العدو الصهيوني.

ثم ما هو الدعم الذي قدّمته تركيا للقضية الفلسطينية، هل قدمت المال الوفير للفلسطينيين؟ هل قدّمت السلاح لهم؟ وإذا كان من دعم سياسي ما معنى هذا الدعم إذا كانت تركيا تقيم علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني وتعترف بشرعية هذا الكيان؟

بعد كلّ هذا فهل يعقل فعلاً أن تكون تركيا نصيراً للقضية الفلسطينية، وفي معايير حماس ما هي مظاهر هذا الانتصار للقضية الفلسطينية؟

ثانياً، حزب أردوغان دخل في حالة عداء مع غالبية الدول العربية، ولا سيما الدول العربية التي لها تأثير كبير على القضية الفلسطينية، ويُشار هنا بصورة خاصة إلى كلّ من سورية ومصر.

حزب أردوغان بذل كلّ جهد مستطاع لإسقاط النظام في سورية، وحازت جهوده على هذا الصعيد على دعم الكيان الصهيوني، وهو دعم علني، حيث دأب الصهاينة على المطالبة بإسقاط النظام السوري، لأنه هو الذي قدّم الدعم لقوى المقاومة ضدّ الكيان الصهيوني.

كما أنّ مصر دولة تجاور فلسطين، بل تجاور دولة حماس في غزة، ولا يمكن أن يطرأ أيّ تحسّن على علاقات حماس مع الدولة المصرية، طالما أنّ حماس تجاهر بعلاقاتها مع تركيا التي تناصب الدولة المصرية العداء وتدعم القوى التي تسعى إلى إسقاط النظام المصري، ومن لا يستطيع تحييد مصر على الأقلّ لا يستطيع أن يوفر الحدّ الأدنى للنضال الوطني الفلسطيني.

مواقف حماس تسيء إساءة بالغة للقضية الفلسطينية، وتغليب حماس لارتباطها بـ«الإخوان» يلحق أذى كبيراً بالقضية الفلسطينية قد تترتب عليه عواقب وخيمة في المستقبل.

(البناء)

واشنطن تمدّ حبل النجاة للرياض: آخر أيام العدوان؟

لقمان عبدالله

تبدو التصريحات السعودية والغربية الأخيرة عن قرب

انتهاء الحرب على اليمن، ترجمةً لاتفاق أميركي ـ سعودي أعطت واشنطن بموجبه الرياض مهلةً حتى منتصف الشهر الجاري لتحقيق أي منجزٍ ميداني يمكنها استخدامه على طاولة المفاوضات، بعد تراكم الفشل العسكري طوال ثمانية أشهر

تتضح اليوم، للمرة الأولى منذ بداية العدوان على اليمن، مؤشرات عن قرب انتهاء العدوان على اليمن. تدرك العائلة الحاكمة في السعودية، يوماً بعد يوم، مستوى «المأزق» الذي يستنزف اقتصاد الدولة، في الوقت الذي تعكس فيه تداعيات الحرب انقساماً حاداً داخل أسرة آل سعود، إضافة إلى تنامي الشعور بالفشل والخيبة جراء فقدان الهيبة، وتلوث السمعة داخلياً وخارجياً.

فعلى الرغم من استمرار العدوان منذ ثمانية أشهر، لم تستطع السعودية أن تقدّم أي منجز عسكري على الأرض. أما ما عُدّ نصراً سعودياً بعد استعادة الجنوب اليمني، فسرعان ما تلاشى بسبب طغيان «القاعدة» و»داعش» على المشهد وامتلاكهم زمام الأمور على الأرض. هذا الأمر أفقد «التحالف» القدرة على الاستثمار السياسي لورقة الجنوب واستقدامها إلى طاولة المفاوضات، بل إن خطورة الوضع في الجنوب وسيطرة القوى المتطرفة عليه، إضافة إلى تنامي انتشار العصابات المنظمة وعمليات النهب والقتل اليومي في مدن الجنوب، وخصوصاً عدن، يجعل من الوضع في الجنوب عبئاً يتحمل الاحتلال مسؤولية الوصول إليه على المستويين القانوني والأخلاقي. في المقابل، يعدّ الوضع الراهن في الجنوب «أنصار الله» نقطة قوة، بفعل وضوح رؤيتها أثناء وجودها في الجنوب حين أعلنت استعدادها لتسليم مدنه لقوى «الحراك الجنوبي». وكان البحث جاريا عن صيغة تمنع القوى المتطرفة من السيطرة على المدن والانتشار فيها، غير أن السعودية رفضت هذا الاقتراح.

الخبراء ومراكز الدراسات والأبحاث وكبرى الصحف الغربية التي ظلت صامتة منذ بداية العدوان الذي بات يطلق عليه لقب «الحرب المنسية»، خرجوا منذ أسابيع قليلة عن صمتهم واعترفوا بأن السعودية لا تمتلك استراتيجية واضحة لتحقيق الأهداف من خلال استمرارها بالحرب، كما أنها لم تضع استراتيجية للخروج من الحرب تمكنها من الحفاظ على سمعتها وهيبتها، إضافة إلى التكلفة الباهظة للحرب على المستويين المادي والمعنوي.

وأفرد هؤلاء العديد من الدراسات والمعلومات والتحليلات والمقالات للقول إن ممارسات السعودية في هذه الحرب تدلّ على عدم خبرة في وضع أهداف قابلة للتحقق، حيث أن الحرب تخاض في العادة من أجل تحقيق نتائج سياسية، بينما صيغت أهداف هذه الحرب على قاعدة غالب ومغلوب أو على قاعدة الهزيمة الكاملة لليمن.

أدارت السعودية المفاوضات السياسية مع اليمن من خلال الأمم المتحدة، كما أدارت العمليات العسكرية من دون أن تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الميدانية والواقع على الأرض الذي لم يكن لمصلحتها منذ بداية الحرب. تعاطت الرياض مع المسار السياسي لا من خلال الأوراق التي تستحضر عادةً على طاولة المحادثات، بل انطلاقاً من أحقية وصايتها على هذا البلد. هي تناست أن الوصاية التي أوكلت إليها على اليمن، إنما كانت تستمد قوتها من نظام الهيمنة العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وأن متغيراَ جوهرياَ حصل في المنطقة بانسحاب الأميركيين منها، وأنه بدلاً من الحضور المباشر لواشنطن بإدراة ملفات الشرق الأوسط، بدأت تدير هذه الملفات من خلال حلفائها ومن بينها السعودية الذين اثبتوا عجزاً عن تحقيق المصالح المشتركة لـ «الطرفين» من دون التفاهم مع محاور الصراع الأخرى في المنطقة.

أما واشنطن فقد عملت على إعطاء الوقت الكافي لآلة الحرب السعودية مع دعمها الاستخباري واللوجستي المباشر. فقد وصلت الادارة الاميركية إلى قناعة تامة بأنه لم يعد هناك مجال لسياسة الإقصاء والإلغاء بحقّ أطراف أساسية على الساحة اليمنية «أنصار الله» و»المؤتمر الشعبي العام». هي تحاول اليوم مسك العصا من الوسط، وتعلم تماماً أن القضاء على «أنصار الله» أمراً بات مستحيلاً، لذا تحاول محاورتهم عبر وسطاء (المؤتمر الشعبي العام)، ومن جهة ثانية تحاول الاستفادة من العدوان مع حليفها السعودي في محاولة لجعل تأثيرهم محدوداً في أي عملية سياسية مقبلة.

ما كان يقال في السرّ عن انتهاء وقت العدوان على اليمن من جانب الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة وبريطانيا أصبح يقال بالعلن اليوم. ويبدو أن الغرب أعطى مهلةً قد تكون الأخيرة حتى منتصف الشهر الجاري (موعد بدء المحادثات بحسب إعلان المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ)، لتحقق السعودية أي منجز ميداني حتى لو كان بسيطاً يقدم على طاولة المفاوضات، ما يسهل عليها ادّعاء النصر.

(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى