أوباما وسوريا!: يوسي بيلين
هكذا يبدأ الأمر، لكن لا توجد فرصة معقولة لأن يبقى كذلك. الرئيس باراك أوباما أمر بإرسال خمسين من جنود القوات الأمريكية الخاصة إلى سوريا. هؤلاء الكوماندوز ليس من المفترض أن يتدخلوا في الحرب الاهلية السورية أو الاعمال القتالية؛ يجب عليهم أن يركزوا فقط على محاربة إرهابيي داعش وتقديم الاستشارة للمعارضة السورية “المعتدلة” ضد الاسد.
الاعلان الرسمي سمع منطقيا جدا، لكن من صاغه يعرف جيدا أنه ليس كذلك. خلافا لروسيا التي ارسلت الجنود إلى سوريا، ليس للولايات المتحدة بنية محلية في هذه الدولة المقسمة. يحتاج الجنود إلى غطاء وإلى علاج وإلى تجديد الذخيرة حتى وإن كانوا مستشارين. خمسون جنديا يستطيعون الذهاب في مهمة عملياتية ومن ثم العودة. إذا أراد أحد ارسالهم للبقاء فترة طويلة ليدربوا جنود المعارضة أو يقدمون الاستشارة لهم، يجب أن يفهم ـ إما أن يعيدهم خلال فترة قصيرة وإما سيضطر إلى تعزيزهم.
يمكن تفهم خلفية القرار: قرر بوتين اشراك الجيش الروسي في الحرب السورية ليس فقط لانقاذ الاسد بل لضمان مكانته عند الحديث عن مستقبل سوريا في فترة ما بعد الرئيس السوري. واوباما يتعرض للانتقادات بسبب موقفه السلبي وبسبب أنه يترك لبوتين أن يفعل ما يشاء وفرض حقائق في اوكرانيا والقطب الشمالي والآن في سوريا ايضا، وهو يشعر أنه يجب أن يفعل شيئاً. لأنه لا يريد أن يعلق في سوريا في حرب لا نهاية لها، وخطر المواجهة مع روسيا وأداء التحية لتوابيت القتلى في المطارات، فانه يقوم بعمل الحد الادنى عسكريا. يصعب التصديق أن خمسين جنديا، بغض النظر عن مستواهم الجيد وخبرتهم، قادرون على احداث التغيير المطلوب. يصعب التصديق ايضا أنه يعتقد أن وجودهم سيمنح الولايات المتحدة مكانة جيدة في المفاوضات حول مستقبل سوريا. يمكن القول إن اوباما الذي يعتبر مستوى التأييد الجماهيري له متدنيا حتى الألم، يفعل ما يعتقد أن وسائل الإعلام تتوقعه منه.
المشكلة هي أن الامر لا ينتهي عند هذا. الخيار الاسوأ (اضافة إلى صورة التوابيت في المطار) هو أن الرئيس سيضطر إلى القيام بعمليات انقاذ لقواته الخاصة. وخيار آخر هو أنه بعد بضعة اسابيع سيتم اتخاذ قرار اعادتهم إلى الولايات المتحد. والخيار الاكثر منطقية هو طلب البنتاغون زيادة عدد الجنود انطلاقا من ادراك أنهم لا يستطيعون تنفيذ المهمات الملقاة على عاتقهم بما في ذلك المهمة الاصعب وهي ـ حماية انفسهم، بعدد صغير إلى هذه الدرجة. عندها سيصل إلى سوريا 50 جنديا من الكوماندوز من اجل تقديم الاستشارة للمعارضة “المعتدلة”، التي لا توجد فرصة لها لتغيير نظام الاسد.
من اكتوى من فيتنام والعراق وافغانستان يجب عليه الحذر في سوريا. هذه الامثلة التاريخية منقوشة جيدا في ذاكرة اوباما ومن المؤسف أنه يتجاهلها.
إسرائيل اليوم