اللحظة المصيرية للساعة التاريخية: ايتان هابر
1. الذرات في ساعة الرمل: في إسرائيل كل لحظة هي «تاريخية»، كل ساعة «مصيرية» وكل يوم «حاسم في تاريخنا». ولكن اللحظة المصيرية تأتي بشكل عام بمفاجأة كبرى. المحللون لا يستطيعون توقعها، والمقدرون الوطنيون لا ينجحون في رفعها في الزمن المناسب لعلم أصحاب القرار. وفي احيان بعيدة فقط رأى القادة بعيدا: دافيد بن غوريون، مثلا، في قرار اقامة دولة إسرائيل. بالمقابل، يحب الناس، جميعا تقريبا، تماما هكذا، ان يعرفوا القرارات كـ «تاريخية» او «حاسمة».
مع كل الاحتجاجات على المبالغين في استخدام هذه التعريفات، يبدو بأنه حقا الزمن القريب، سنة أو اقل، سيكون مصيريا، تاريخيا وما شابه. في هذا الزمن سيحسم إذا كانت ستقوم هنا دولة واحدة ثنائية القومية من البحر حتى النهر أم سننفصل عن الفلسطينيين. والميل الان، في اعقاب إرهاب السكاكين، هو الادعاء باننا تأخرنا عن الموعد. آخرون يقولون انه لا يزال ممكنا، ولكن الذرات في ساعة الرمل تنفد.
المشكلة أنهم لا يسارعون إلى أي مكان، ومريح لهم إلا يقرروا. واذا كان هكذا بالفعل، فاننا حقل في مشاكل كبرى. إذ ان ملايين الفلسطينيين لن يتركوا مدنهم وقراهم كما يريد سرا وعلانية الكثير من الإسرائيليين، ونحن ليس لنا أي مكان نذهب اليه. نحن ايضا لا نريد ان نذهب.
2. نبني ونهدم: يجري هذه الايام بحث عاصف عن مدى تأثير هدم منازل المخربين وعائلاتهم على استمرار اعمال الإرهاب. من جهة فان المستوطنين ورجال اليمين مقتنعون بان هدم المنازل يمكنه أن يؤثر على وقف نوايا المخربين للمس بالإسرائيليين. من جهة اخرى، هناك من يعتقد ـ ومنهم رجال جهاز الأمن في كل القيادات ـ بان مثل هذا العقاب سبق ان جرب في الماضي ولم يجدِ نفعا. والدليل: في الانتفاضة الاولى هدم نحو 1.600 منزل، وواصل المخربون القيام بالعمليات. هذه كمية هائلة، رغم الاسف، لم تسفر عن أي نتائج. لعله من المجدي أن يأخذ احد ما هذا بالحسبان عند اتخاذ القرارات، في مشاورات الطوارىء، في مداولات الطوارىء وفي جلسات الطوارىء التي نبشر بها كل يوم.
3. المستوطنون: يتنافس قادة المستوطنات في المناطق فيما بينهم في اطلاق اعداد الساكنين/المستوطنين (اختاروا انتم الاسم حسب رأيكم السياسي). واحد يقول 200 الف، آخر يقول 300 الف ويكاد الجميع يثبتون في الزمن الاخير عند 400 الف. هذا هو الرقم المحبوب مؤقتا على الجميع، إلى أن يصل بعد شهرين إلى 500 الف نسمة فأكثر. والسبب واضح: ان يزاد الرقم اكثر ما يكون من أجل اخافة الجميع وحمل سلطات إسرائيل على التراجع عن طرح افكار الاخلاء مع حلول الزمن.
الحقيقة، على ما يبدو، هي انه إذا ما قبل الفلسطينيون مبدأ الكتل الاستيطانية، سيوافق الأمريكيون على ذلك، وسيدور الحديث عن أقل من مئة الف نسمة. هذا ايضا كثير، كما سيقول الكثيرون. ولكن ليس لدى الأمريكيين الفظيعين. فاخلاء 100 الف مستوطن يثيرون اعصابهم هو لعبة اطفال بالنسبة لهم. عندهم لا يوجد الكثير من التعاطف وتراث ابراهيم، اسحق ويعقوب بالنسبة لليهود لا يهمهم. لا نعرف.
4. اوسلو، اوسلو: أنا مستعد لان أضع يدي في النار للرهان على أنه في دولة إسرائيل اليوم لا يوجد 500 شخص قرأوا اتفاق اوسلو بكامله. ومنذ نحو 25 سنة ونحن نسمع، اوسلو، اوسلو، اوسلو. مجرمو أرسلو إلى المحاكمة ولكن حتى عظماء السياسيين والصارخين لم يقرأوا أبدا الاتفاق من الكلمة الاولى وحتى الاخيرة. من قرأه عن حق وحقيق ضج مؤخرا في ضوء تهديدات رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، لالغائه. لا سمح الله. غير وارد. لماذا؟ فاذا كان سيئا بهذا القدر وشكل اساسا لانتخاب الحكومات في إسرائيل، فلماذا الصراخ واستدعاء النجدة؟
يديعوت