مقالات مختارة

بين الترغيب والترهيب:نير حسون

 

يوم الاحد الاسبوع الماضي قدم قائد شرطة القدس موشيه إدري تصريحا لمحكمة العدل العليا اوضح فيه لماذا لا تستطيع الشرطة اخلاء كنيس بني بشكل غير قانوني على أرض خاصة لفلسطيني في مستوطنة جفعات زئيف وحسب إدري بسبب التوتر الامني المتصاعد لا تستطيع الشرطة تخصيص قوات لهذه المهمة. وقالت الدولة للمحكمة ان الوضع الامني يستوجب تأجيل تنفيذ الهدم.

في اليوم التالي اليوم الذي كان من المفترض أن يتم الهدم نجحت الشرطة في تجنيد مئات الجنود لمهمة اخرى: منع الدخول إلى قرية سلوان من أجل حماية رجال دائرة الاجراء والشاحنة التي دخلت إلى بيت ابو ناب. حيث اخلي البيت والاثاث ودخل اليهود إلى ذلك البيت.

تم اخلاء بيت ابو ناب بعد حملة قانونية طويلة وبتعاون من قبل الشرطة وهذا مرحلة اخرى من مراحل نجاح جمعية عطيرت كوهانيم في الاستيطان اليهودي في قلب سلوان. وعلى العكس من جمعية العاد التي تشتري البيوت في مدينة داود القريبة من أسوار البلدة القديمة فان عطيرت كوهانيم تعمل على اقامة حي يهودي في مركز القرية، المحاط بالاف العائلات الفلسطينية.

تقدم عطيرت كوهانيم نفسها بشكل قانوني وتدفع للعائلات الفلسطينية الاموال ليقوموا باخلاء بيوتهم، لكن فيلم الفيديو الذي نشر قبل شهرين من اجل الاساءة للفلسطينيين وتحميلهم المسؤولية في بيع البيوت يعكس طبيعة العلاقة الصعبة بين السكان الفلسطينيين والجمعية.

المسؤول عن يهود سلوان والذي لا يمكن ذكر اسمه هنا هو «م» حيث منعت محكمة العدل العليا «هآرتس» من نشر اسمه او اسم السكان الفلسطينيين الذين وقعوا معه على الصفقات. القاضي اسحق عميت استجاب لطلب «م» بسبب الخطر على حياته إذا نشر اسمه في «هآرتس». وتقول المحامية تالي ليفلخ أن عدم نشر اسمه لم يأتِ بسبب الخوف على حياته وانما من أجل الدفاع عن عطيرت كوهانيم المستمرة في صفقات العقارات الامر الذي له انعكاسات امنية وجيوسياسية بعيدا عن أعين الجمهور وان «م» هو شخصية معروفة في سلوان.

يسكن «م» في مستوطنة في الضفة واشترى بيوت في الخليل ويقول السكان في سلوان ان لديه ميزانية غير محدودة وعلاقات جيدة في الشرطة وحارس املاك الغائبين وباقي السلطات. وقد بدأ عمله في منطقة تل الهوى في بداية سنوات الالفين في مشروع غير شكل الحي الصغير حيث جند في حينه محمد مراغة من قرية سلوان. حيث اشترى مراغة أرضا من ابن عائلته وبنى بمساعدة عطيرت كوهانيم عمارة من سبعة طوابق سميت عمارة جوناثان (على اسم جوناثان بولارد) وكان البناء في حينه بدون ترخيص ويوجد أمر اخلاء واغلاق لم ينفذ حتى الان بسبب الضغط السياسي من قبل رئيس بلدية القدس نير بركات. العلاقات المتشابكة بين مراغة وعطيرت كوهانيم تحدث عنها ميرون ربوبورت في «هآرتس» في عام 2005 حيث لم ترد عطيرت كوهانيم على تلك المقالة رغم أنه قيل فيها انها دفعت لمراغة الاموال رغم معرفتها انه قام بالتزيف وقاموا بتمويل البناء رغم عدم وجود ترخيص وقاموا باغراءه من خلال السفر إلى الخارج والنزول في فنادق فاخرة.

بيت جوناثان وبيت آخر بجانبه اسمه بيت العسل (على اسم عائلة عسيلة التي باعته لمراغة) تم السكن فيه عام 2004 وكان البيت الاول لعطيرت كوهانيم في الحي.

قدم الفلسطينيون ادعاءات كثيرة قانونية واخلاقية. ان القانون يمكن اليهود فقط من المطالبة باملاكهم ما وراء حدود 1948 أما هم فلا يحق لهم المطالبة بالممتلكات التي بقيت وراء الخط الاخضر في غرب مدينة القدس. ولا تنتهي القصة عند هذا الحد: الاجراءات القانونية تستمر فترة طويلة وبعد الحصول على أوامر اخلاء من الصعب تطبيقها بسبب الحاجة إلى عدد كبير من الشرطة وموافقة المستوى السياسي وهنا يدخل «م» للصورة حيث ان مهمته هي اقناع الفلسطينيين من خلال الاموال.

الفلسطينيون الذين تضمهم قائمة «م» هم العائلات التي تتواجد بين بيت جوناثان (البيت الاول الذي سكنه اليهود عام 2004) وبين المبنى الكبير الذي تمت السيطرة عليه في نهاية آب. حيث وجدت هذه العائلات نفسها أمام «م» ـ سواء كمدعي أو كمشتري ليقوموا باخلاء بيوتهم امام اسعار مغرية او عن طريق التهديد أن الثمن سيكون كبيرا إذا لم يقوموا باخلاء بيوتهم.

قبل عدة اشهر دخل المستوطنون إلى بيت آخر بعد أن وقع اصحابه على اخلاؤه مقابل 3.2 مليون شيكل؛ وبعد ذلك اخذوا مبنى كبيرا بعد أن دفعوا لاحد ابناء العائلة مليون شيكل مقابل الاخلاء. اما باقي العائلة فقد ذهبوا إلى المحكمة مدعي ان البناء لم يكن بملكية الشخص الذي باعه لعطيرت كوهانيم؛ في الاسبوع الماضي تم اخلاء بيت ابو ناب. اما باقي العائلات فقد توجهت للمحكمة ضد «م» وعطيرت كوهانيم وتنوي الجمعية اخلاء عشرات العائلات في تلك المنطقة.

النجاح الكبير لـ «م» هو السيطرة على مبنى فيه عشر شقق الامر الذي يسمح لعطيرت كوهانيم بمضاعفة عدد عائلات اليهود في الحي. دخل شبان يهود بمنتصف الليل إلى المبنى بعد أن دفعوا مليوني شيكل لشخصية معروفة في سلوان، تلك الشخصية التي تركت البلدة ولم تنجح «هآرتس» في معرفتها.

قبل ثلاثة ايام من دخول المبنى التقى في مقهى جورج في القدس «م» و «س» ـ احد سكان سلوان واحد اقرباء من باع العمارة. وفي اللقاء قال «س» انه يريد مساعدة «م» بشراء البيوت في سلوان وقبل أن يفترقا اتفقا على أن يتم دفع الاموال لكل من يساهم في رفع علم إسرائيل فوق البيوت.

مر اسبوع ترك البيت ودخل المستوطنون، لكن القضية لم تنته. حيث القت سيارة في الليل بدسكات كمبيوتر. ومن شاهد هذه الدسكات رأى «س» وهو يتحدث مع «م» ويوقع على اتفاق. ولم يظهر «م» في الفيلم. حيث انهم في سلوان مقتنعون ان «م» وراء تصوير الفيلم ـ تظهر صور البيت والعائلة في بداية الفيلم.

لقد هرب «س» إلى اريحا وهناك ضربوه بسبب الفيلم. وفي اقواله لـ «هآرتس» قال «شاهدت الفيلم، هذا ليس أنا، من الممكن أنني شربت شيئا». بجميع الأحوال فقد ظهر فيلم جديد لـ «س» حيث تظهر صورة البائع الحقيقي وهو يعد الدولارات، بغض النظر عن ذلك فقد تم اخلاء البيت.

في احد البيوت التي تم اخلاؤها تسكن عائلة ابو سنينة. حيث يحمل ابناء العائلة عقد ايجار حتى نهاية العام ويرفضون الاخلاء. وفي الليلة التي دخل فيها المستوطنون قطعت عنهم الماء والستلايت.

وفي اليوم التالي جاء «م» ليقترح ان يستأجر لهم في مكان آخر لمدة ستة اشهر على حسابه. «لقد قال لي استطيع ان ادفع لك الاموال التي تريدها وانت تستطيع اخراج الاولاد الواحد وراء الاخر دون ان يشعر احد»، يقول جواد ابو سنينة. وعندما رفض ابو سنينة قال له «م» انه لا يحمل اقامة في إسرائيل وهو من سكان المناطق ومتزوج من مقدسية مثل الالاف ممن يسكنون في القدس. بعد عدة ايام جاء «م» ومعه قائد شرطة محطة شليم وطلب من ابو سنينة الهوية وتصريح الاقامة في القدس، وقالوا ان عليه اصدار تصريح جديد. اما ابو سنينة فقال انه رفض جميع الاقتراحات باخلاء البيت.

إلى جانب بيت ابو ناب تسكن عائلتان اخريان: عائلة دويك وعائلة الرجبي اللتان تواجهان قضية اخلاء. زهير الرجبي الذي هو مختار الحي يعرف «م» منذ سنوات طويلة حيث عرض عليه اقتراحات سخية بخصوص البيت وفي عام 2004 وقعت عائلة الرجبي ضحية لمراغة، حيث باع مراغة البيت مرتين، مرة لعطيرت كوهانيم ومرة لعائلة الرجبي. وحاول «م» ان يحل المشكلة (سألني «م» عن الثمن الذي دفعته للبيت فقلت له 35 الف دينار. فقال لي بامكانك ان تضيف صفر ليصبح المبلغ 350 الف دينار وآخذ البيت. فقلت له «لولا انك في بيتي لقمت بالقائك في الخارج»، كما يقول الرجبي الذي حصل على اقتراحات كثيرة ورفضها. وفي هذه الايام تواجه عائلة الرجبي دعوى في المحكمة قدمت ضدها من أجل اخلاء البيت.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى