حفلة «تكاذب» فيينا… سورية أكبر من هَيْك! محمد صادق الحسيني
لن أقول لكم إنّ المؤتمر الجديد حول سورية، والذي ينعقد في فيينا لا يعني شيئاً على الإطلاق، أبداً… فهو من حيث إنه مؤتمر جديد بعنوانه وخصائصه وتركيبته الحالية شكلاً ومضموناً يعني أمرين أساسيين:
1 ــــ إنّ فيلم مؤتمر «أصدقاء سورية» الشهير المعادي لسورية، والذي لطالما راهنت عليه الإدارة الأميركية وأذنابها الإقليميين والمحليين الصغار قد مات وتمّ دفنه ولم يقرأ أحد الفاتحة عليه، يعني «راح فطيس»…!
2 ــــ إنّ حضور لاعبَيْن مهمَّيْن وأساسيَّيْن أو محوريَّيْن واحد دولي كبير ومهمّ وهو روسيا، والثاني إقليمي بل وحتى شبه دولي وهو إيران، يعني أنّ العالم من حول سورية التي نعرفها تغيّر أيضاً، بعدما أذعن أعداء سورية الأسد بأنّ مجرد اقترابهم من بوابات الشام لمناقشة الموضوع السوري لم يعُد ممكناً من دون القبول بالأسد كأمر واقع، ومحاورته، وإنْ بالوكالة أو بالواسطة، أيّ من خلال حليفيه القويّيْن وهما موسكو وطهران، يعني «باي باي» شعار إسقاط الأسد…!
لكن ذلك لا يعني أنّ ثمة في دمشق او موسكو او طهران من يعوّل كثيراً على ما سيجري في فيينا…!
والسبب بسيط للغاية ويتكوّن من شقيْن:
الأول: إنّ السوريين وهم المعنيون الأوائل بقضيتهم، وغير المتواجدين في المؤتمر، وكذلك حليفيْهم الأساسيّيْن ليس فقط لا يعوّلون كثيراً على المؤتمرات بقدر ما يعوّلون على الميدان، أيّ عيونهم مشدودة الى خناصر ــــ حلب وجسر الشغور وإدلب وكلّ الطرق المؤدّية الى الفرات والقنيطرة…!
الثاني: هم يعرفون أنّ الشياطين والملائكة لا يمكن أن يجتمعا على أمر مشترك فيه خير، وأنّ هذا المؤتمر ليس سوى كاشف أو كشاف لموازين القوى على الأرض وتحديد ارتفاع سقف العالم الذي بتنا نحن مَن يعيّنه، أيّ جماعة المشهد الدمشقي. وبالتالي لا يمكن أن نخلص إلى أمر مشترك مع شياطين المشهد السوري أيّ الذين لا يزالون ممعنين في قتل السوريين واستنزافهم وتدمير بناهم التحتية بالأصالة والوكالة.
وعليه، فإننا نعتقد جازمين بأنّ مؤتمر فيينا الكاشف أو الكشاف لما هو حال موازين القوى التي باتت بائنة بشكل واضح وشفاف لمصلحتنا، إلا أنه لن يكون أكثر من حفلة علاقات عامة، بل وأكثر من ذلك حفلة «تكاذب مشترك» معروفة تقاليدها في عالم الديبلوماسية…!
وبتحديد أكثر وبوضع النقاط على الحروف نقول:
أولاً: المعني الأول بالمؤتمر وهم السوريون غير حاضرين وغير مدعوّين، وهذا بحدّ ذاته وضع غير سليم لا يمكن أن يبقي وظيفة لأيّ مؤتمر يُعقَد حول سورية إلا أن يلعب مجرد وظيفة أو مهمة حفلة تكاذب مشترك عامة.
ثانياً: ليس هناك أيّ حدّ أدنى من التوافق بين الحاضرين على أيّ حلّ سياسي، كما يدّعي أعداء الحق السوري من أميركان وأذنابهم، لأنّ هناك طرفاً واضحاً لا يزال مغمّساً كلّ مرافقه بالدم السوري ويعلن صراحة بأنه يريد نشر الفوضى والإرهاب وتمزيق الدول راجعوا تصريح مدير الاستخبارات الأميركية جون برينان …!
ثالثاً: إيران دُعيت إلى المؤتمر كرهاً وغصباً عن رأس الأميركان، ومن دون شروط مسبقة لغاية في نفس يعقوب الأميركي، وليس من أجل التوافق معها على حلّ سياسي للمسألة السورية، وهو ما لن يحصل معها مطلقاً.
رابعاً: الوفد الإيراني المفاوض لا يحق له مطلقاً التفاوض مع الأميركيين بشكل ثنائي حول سورية. وهو ما أعلنه وزير الخارجية محمد جواد ظريف فور وصوله فيينا، نعم يستطيع أن يدردش إذا أحبّ هو وكيري ألف ساعة حول سورية، لكن ذلك لن يفضي إلى توافقات أو قرارات تلزم أحداً لا في طهران ولا في سورية.
خامساً: عندما علمت إيران بحضور السعودية وقطر وتركيا طالبت بدعوة كلّ من عُمَان والعراق ولبنان، وحسب معلوماتنا فقد تمّت دعوة لبنان، وهذا يؤكد عملياً حضور حارة حريك في فيينا لأنّ جبران باسيل سيمثل عملياً ورقة التفاهم العونية النصراللهية، والثلاثية الذهبية الجيش والشعب والمقاومة.
سادساً: بناء على ما تقدّم لن يخرج من مؤتمر فيينا إذن إلا بيان حفلة التكاذب المشترك ولن يقدّم المؤتمر أيّ جديد لمصلحة سورية أو السوريين…!
بانتظار مزيد من الانهيارات الأميركية على الأرض السورية ومزيد من كؤوس السمّ التي ينبغي لأوباما تجرّعها على بوابات الشام، حتى يأتي اليوم الذي ينعقد فيه أول مؤتمر لأصدقاء سورية الحقيقيين، أو مؤتمر الحقيقة السورية الدولي الأول على الأرض السورية…
عندها نكون قد بدأنا رحلة الألف ميل نحو إعادة بناء سورية التي نحبّ ونريد، سورية التي ليس فيها ميليشيات وعصابات مسلحة مدعومة ومسندة من «إسرائيل» وأخواتها الإعرابية والعثمانية، والمطهّرة تماماً من الإرهاب والإرهابيين. سورية الدولة الوطنية الحرة المستقلة المقاومة، يعني سورية بشار حافظ الأسد بحلّة أجمل وأبدع، ولو كره الكارهون…
نعم، لأنّ سورية التي تناقشون في فيينا اليوم، أيها السادة أكبر من هيك بكثير…
إنها بوابة العالم الجديد، ولن يرسم فيه خط واحد من دون مشاركة السوريين…!
بعدنا طيِّبين. قولوا الله.
(البناء)