مقالات مختارة

تركيا .. انتخابات تعميق الأزمة محمد نورالدين

 

بعد صدور نتائج انتخابات السابع من يونيو/حزيران الماضي النيابية في تركيا وفشل حزب العدالة والتنمية في الاحتفاظ بالغالبية المطلقة سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الالتفاف على نتائجها والعمل على التصرف كما لو أنها لم تجر والدعوة بعد شهرين إلى انتخابات نيابية جديدة.

أطلق أردوغان على الانتخابات الجديدة اسم «إعادة الانتخابات». لكن الواقع أن انتخابات بعد غد الأحد ليست معادة ولا تكراراً بل هي انتخابات جديدة مبكرة ومستقلة عن سابقتها.

لقد أفرزت الانتخابات الماضية واقعاً لا يمكن تجاهله ولا إعادته إلى الوراء. من عناوين الواقع الجديد أن الحزب الذي يمثل الأكراد وبعض اليسار أي حزب الشعوب الديمقراطي لم تعد لديه عقدة أو سؤال ما إذا كان سيتجاوز نسبة العشرة في المئة أم لا الضرورية لدخول البرلمان. لقد نال في انتخابات 7 يونيو 13 في المئة واستطلاعات الرأي تعطيه النسبة نفسها الآن وربما أكثر أو أقل بقليل. هذا المعطى الجديد يعني الكثير بالنسبة لحزب العدالة والتنمية. إذ يعني بوضوح أن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع أن يستولي على حوالي الخمسين نائباً على الأقل في المناطق الكردية التي كانت تؤمن له غالبية مطلقة أكيدة بل أكثرية عالية يمكن أن تقارب أحياناً ثلثي المقاعد. أي إن حزب العدالة والتنمية لم يعد بإمكانه الآن ان يحلم بتحصيل عدد كبير من النواب.

هَم حزب العدالة والتنمية اليوم ان يعود منفرداً إلى السلطة بعدما نال 258 مقعداً أي ينقصه 18 مقعداً ليصل إلى غالبية النصف زائداً واحداً. هذا يعني أن الحزب يعاني لكي يصل إلى هذا الرقم، وهو قد يحصله بشق الأنفس أو لا يحققه بخلاف الماضي.

العنوان الثاني من التغيير الذي حصل هو أن أردوغان دخل الانتخابات الماضية، وهو لم يكن يحق له التدخل ولا بأي صفة ولكنه فعل ذلك، من أجل ان يغير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي. وهذا كان يتطلب ان ينال حزبه إما ثلثي المقاعد أو 330 مقعداً لتحويل اقتراح تعديل الدستور إلى استفتاء شعبي. لكن فوز الحزب الكردي بأكثر من عشرة في المئة أطاح بحلم أردوغان تعديل النظام الرئاسي. لذا فإن أردوغان يدخل انتخابات الأحد خارج أي أوهام.

لكن أردوغان لا يستسلم فهو بعد أن أطاح بالدستور، وقال إن النظام قد تغير منذ ان انتخبه الشعب رئيسا، يريد الآن فقط ان يعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة منفرداً بالنصف زائداً واحداً لكي يواصل مصادرة صلاحيات رئيس الحكومة بحكم القوة لا بقوة القانون. لذا فإن فوز الحزب في الانتخابات يعني تكريس حكم الشخص الواحد في الداخل.

وفي الوقت نفسه فإن فوز حزب العدالة والتنمية يعني استمرار مغامراته الخارجية في المنطقة الموجهة ضد أكثر من دولة وإعطاء جرعة للإخوان المسلمين أنه ما زال لهم في أسطنبول خير ظهير هو في الواقع الظهير الأخير.

أما الأحزاب الأخرى فإنها لا تطمح إلى الكثير سوى ان تحافظ على واقعها الحالي في وقت لسان حالها المشترك أن الأهم هو ألا ينال حزب العدالة والتنمية النصف زائداً واحداً.

في الانتخابات المرتقبة فإن العامل الأساسي في خيارات الناخب التركي هذه المرة هو العامل الأمني بعد إعلان أردوغان الحرب على الأكراد والتفجيرات التي أودت بعدد كبير من القتلى من دون إسقاط العامل المعيشي الذي يمس مباشرة حاجات المواطنين.

لا يمكن الجزم بنتائج الانتخابات فهي تخاض على النقطة ونصف النقطة والنقطتين. استطلاعات الرأي متباينة لكن حتى الشركات القريبة من الحزب الحاكم لا تعطيه فوزاً مؤكداً بل ربما فوزاً بالنصف زائداً واحداً بشق النفس وربما عدم الفوز. أما الشركات الأخرى فهي لا تعطي البتة أملاً لحزب العدالة والتنمية بالفوز منفرداً بالسلطة.والسؤال هنا أي صيغة للحكومة المقبلة في هذه الحالة؟

المؤكد أن.وكيفما اتفق، فإن البلاد ستكون في أزمة سواء حكم العدالة والتنمية منفرداً أو تشكلت حكومة إئتلافية أو حتى ذهبت إلى انتخابات ثالثة جديدة!.

(الخليج)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى