هل خرجت قطر من دائرة العدوان على سوريا؟ : حسين الديراني
لقد أثارت الاتفاقية الامنية الايرانية القطرية التي وقعت قبل يومين عاصفة وسخط من كل جانب, والكل يبحث عن تفسير لهذه الخطوة المفاجئة, الاتفاقية تنص بموجبها السماح للحرس الثوري الايراني بالتدخل في الاقليم البحري القطري والتصدي لاي عمل إرهابي باعتبار بأن ايران في المقال الاول تحمي نفسها .
الاتفاقية وقعت بحضور العميد قاسم رضائي قائد حرس الحدود الايراني ومدير أمن السواحل والحدود في قطر علي احمد سيف البديد, تشمل الاتفاقية إتفاقا عسكريا يسمح ” بدخول البحرية الايرانية المياة القطرية لإيقاف الانشطة الاجرامية ” كما تنص الاتفاقية على ان تساعد ايران وتدرب البحرية القطرية في جزيرة قشم الايرانية.
بعد الاعلان عن الاتفاقية وظهورها في الاعلام إشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا ” تويتر ” بالتغريدات التي تندد بالقرار القطري وتعتبره خيانة وإستسلام لايران, ونحن هنا لا نريد أن نناقش ردة الفعل الغاضبة عند الشعوب العربية التي تناصب العداء للجمهورية الاسلامية الايرانية والذين تعودوا على وصفها ب ” المجوسية والصفوية والشركية والفارسية ” وصنفوها العدو الاول للامة العربية والاسلامية !!!, وعبدوا الطريق للتلاقي مع العدو الصهيوني والتحالف معه من اجل مواجهة هذه الدولة.
نريد ان نناقش تساؤلات الشعوب الشريفة التي تنظر الى ” دويلة قطر ” على أنها كانت في مقدمة الدول المتآمرة على سوريا ومحور المقاومة, فكيف توقع هذه الاتفاقية في ظل الحرب الدائرة والمستمرة على سوريا؟و وهنا نريد إستعراض بعض المعطيات التي قد تجيب على هذه التساؤلات المشروعة.
اولا : لم تأتي الاتفاقية الامنية وليدة الساعة فكانت هناك زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين على أعلى المستويات, كان الجانب الايراني يطالب الجانب القطري بتعديل موقفه من الازمات في المنطقة وخصوصا الازمة السورية التي كانت تكاليفها باهظة على شعوب ودول المنطقة.
ثانياً : بعد إنسحاب الاسطول البحري الامريكي من الخليج والذي كان على ما يبدو من ضمن الاتفاقية النووية الايرانية مع الدول الست, أثار هلعاً بين دول الخليج التي كانت تعتمد على الوصاية الامريكية وخصوصاً الامارات والسعودية والبحرين وقطر, اصبح امن الخليج يقع على عاتق الدول التي تقع ضمنه, والمساحة الاوسع تشرف عليها ايران ومن الطبيعي ان تلجأ الى التعاون مع باقي دول المنطقة لحماية حدودها البحرية من الارهاب, وقطر تشعر بفراغ امني بعد رحيل الاسطول الامريكي ومهددة دوماً من جارتها السعودية فلذلك وجدت نفسها مضطرة لابرام هذه الاتفاقية مع ايران التي أصبحت قوة إقليمية ودولية يحسب لها الف حساب, والعالم يخضع للاقوياء, وليست صدفة أن تعلن أيران عن قوتها الصاروخية المستودعة في باطن الارض بعمق 500 متر, والتجربة الناجحة لاطلاق الصاروخ البالستي ” عماد “, والمناورات العسكرية الحدودية الضخمة بل كل ذلك رسائل للعدو والصديق.
ثالثاً : هل يمكن لايران ان توقع هذه الاتفاقية مع ” دويلة قطر ” في ظل إستمرار دعمها للجماعات الارهابية في سوريا ؟ الجواب كلا لا يمكن للاسباب التالية (أ) فدويلة قطر إلتزمت الصمت منذ فترة حول الازمة السورية, (ب) سحبت قواتها الرمزية المشاركة في العدوان على اليمن, (ت) أوعزت الى عملائها الارهابيين في سوريا للاستسلام وقطع المساعدات المادية والعسكرية عنهم وتجلى ذلك من خلال تسوية امور الاف المقاتلين وتسليم اسلحتهم للدولة السورية مقابل العفو عنهم ضمن مشروع ” المصالحة الوطنية ” الذي يشرف عليه وزير المصالحة الوطنية الدكتور علي حيدر الذي صرح قبل ايام بان عدد الذين استسلموا للدولة السورية ومنهم من شارك بالقتال ضد الدولة بلغ حوالي الفي مسلح ارهابي خلال ستة اشهر, (ث) الهدنة التي ابرمت بين القوات السورية وحزب الله وبين المقاتلين الارهابيين في ” الفوعا وكفريا ” وترجمت بنقل المساعدات الانسانية الى كفريا والفوعة والزبداني والتي اشرفت عليها هيئة الامم المتحدة كانت بضغط واوامر من قطر لجماعاتها الارهابية في سوريا, وكان الجانب السعودي يحاول مراراً نسف اتفاقية الهدنة من خلال ارهابييها المتواجدين ضمن المناطق المذكورة في سوريا, لكن بقي إعلامها عبر ” الجزيرة ” منبراً إعلاميا ًطاغياً لدويلة داعش والنصرة وبقية الجماعات الارهابية في سوريا, الاعلاميون في هذه القناة أصابهم حالة من الذهول بل الجنون, فأحد إعلاميي هذه القناة لا نريد الاهانة لمقالنا بذكر إسمه يغرد قائلاً : ” من يدعو الى عدم إشراك ايران في البحث عن حل في سوريا كمن يقيم عرساً بدون عريس “, هذا الاعلامي كانت كل تغريداته قبل ايام من الاتفاقية عن ” العدو الفارسي ” !!!
رابعاً : ليطمئن الاصدقاء لانه لا يمكن ان توقع ايران إتفاقية إلا ومصلحة محور المقاومة في المقدمة وعلى راس الاولويات لان قادة الحرس الثوري الايراني يستشهدون على كافة الاراضي السورية في مواجهة الارهابيين التكفيريين, وكذلك هم الان في المقدمة مع الجيش العربي السوري ومجاهدي حزب الله لتحرير كل شبر من الاراضي السورية التي دنسها الارهابيون المدعمون من الدول العربية والاجنبية, وإستشهاد العميد حسين الهمداني خير دليل, وللحديث عن هذا الشهيد القائد بحاجة الى مقالة مفردة.
خامساً : من خلال المعطيات يبدو ان ” دويلة قطر ” قررت ان تهبط عن اعلى الشجرة التي صعدت اليها مع بقية الدول العربية والاجنبية والتي كانت تطالب برحيل الرئيس بشار الاسد !!! فمرت خمسة سنوات والعالم تبدل وتغير بفضل صمود الرئيس الاسد وجيشه وشعبه, وصمود حلفائه الاوفياء في وجه العالم الارهابي كله, ” قطر ” كانت تريد من ينزلها عن اعلى الشجرة, فامريكا تركتها معلقة الى ان انزلتها ايران خاضعة خانعة مستجيرة مستشفعة بها, وما على قطر الان إلا ان تلملم وتكنس اوساخها الباقية من سوريا, فتحييد قطر وإبعادها عن محور الدول المتآمرة على سوريا يتعبر نصراً للدبلوماسية والسياسة الخارجية الايرانية, فحتى روسيا تحاول عبر الدبلوماسية إيجاد مخرج للسعودية التي تصر على عدوانيتها في الوقت التي تشارك في القتال ضد الجماعات الارهابية المدعومة من السعودية في سوريا.
أخيراً : سوف تكشف الايام المقبلة ان الاتفاقية تنص على دفع تعويضات للشعب السوري الذي شرد وقتل بسبب الدعم القطري للارهابيين, وسوف تتعهد بالمساهمة في إعادة إعمار المدن والمرافق الحيوية الحكومية والاهلية التي دمرها العدوان الارهابي المدعوم من قطر وبقية الدول.
ويبقى العدو السعودي مستكبراً مستعلياً فوق الشجرة, يتخبط بأوهامه وعنصريته وعدوانيته وارهابه, ولن يهبط الا في حفرة لا خروج منها, حفرة قد حفرها بيده المجرمة الاثمة, فلا زال مصراً على دعم الارهابيين في سوريا, ومصراً على العدوان على الشعب اليمني المظلوم, ومصراً على دعم الطاغوت في البحرين, ومصراً على عدم تحمله مسؤولية قتل اكثر من 7000 حاج في تدافع منى, ولن يجد من ينقذه إلا الانتحار.